ما قبل الحرب:
سردية أمريكية لأزمة أوكرانيا من الاستقلال إلى الثورة
الثلاثاء، 19 أبريل، 2022
عرض: عدنان موسى
يعطي كتاب Ukraine’s Revolt, Russia’s Revenge”” مدخلاً مهماً لفهم الحرب الراهنة بين روسيا وأوكرانيا، إذ يطرح رؤية خاصة لثورة أوكرانيا في عامي 2013 و2014، وما أعقبها من تدخل روسي في شبه جزيرة القرم، حيث يتناول هذه التطورات من منظور دبلوماسي أمريكي، وهو كريستوفر سميث، والذي كان شاهداً على الأحداث في أوكرانيا، من خلال عمله في سفارة الولايات المتحدة في كييف خلال الفترة (2012-2014).
ينطوي هذا الكتاب الذي صدر العام الجاري على كم هائل من المعلومات التي تم رصدها ومعاصرتها من قِبَل الكاتب، خلال فترة إقامته في أوكرانيا، تتعلق بالسياسة الأوكرانية وتطورات الشارع، وتحليل واسع للسياق الدولي، وأوصاف حية للأشخاص والأماكن في أوكرانيا خلال ثورة “الميدان الأوروبي” نهاية عام 2013، كما أنه يسعى لطرح سردية مناقضة للطرح الروسي بشأن الثورة في أوكرانيا التي أطاحت بحليف روسيا، فيكتور يانوكوفيتش، وطبيعة الدور الأمريكي في ذلك، وهو ما يمثل سياقات تاريخية سبقت التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا في 24 فبراير من العام الجاري.
من الهيتمان إلى الميدان:
حصلت أوكرانيا على استقلالها رسمياً في 24 أغسطس عام 1991، بعد تصويت شبه إجماعي من قبل برلمان الجمهورية الاشتراكية السوفييتية الأوكرانية، وقد كان طريق أوكرانيا إلى إقامة دولة مستقلة متعرجاً، وهو ما تكشف على مدى أكثر من ألف عام، فقد لعبت الجغرافيا دوراً كبيراً في مصيرها، حيث تعرضت كييف لغزو من قبل المغول في 7 ديسمبر 1240، بينما كانت النقطة المحورية التاريخية الثانية أو ما يسمى بالعصر الذهبي لأوكرانيا هي “الهيتمانات”، وهي دولة تتمركز في السهول الجنوبية لأوكرانيا، أسسها زعيم القوزاق، بوهدان خميلنيتسكي، عام 1648، عبر الثورة الكبرى التي توجت بسلسلة من انتفاضات القوزاق ضد الكومنولث البولندي الليتواني القوي، قبل أن يقرر خميلنيتسكي الاندماج في الإمبراطورية الروسية بقيادة القيصر أليكسي رومانوف في يناير 1654، وقد عمد القيصر الروسي بيتر الأول (بطرس الأكبر، 1672-1725) إلى إلغاء الهيتمانات في عام 1722، مضيفاً أراضيها إلى إمبراطوريته الشاسعة.
مع بداية تشكل الاتحاد السوفييتي، لم يكن لدى موسكو أي تسامح على الإطلاق مع الاختلافات الوطنية في أي من الجمهوريات السوفييتية، إذ اعتبرت القومية قوة تخريبية يتلاعب بها أعدائها الأجانب. بيد أن الكاتب ألمح إلى أن أوكرانيا عانت كثيراً خلال الحقبة الشيوعية من بعض الأزمات، من أهمها، المجاعة الهائلة التي شهدتها البلاد بين عامي 1932 و1934، المعروفة باسم هولودومور (الموت من الجوع)، والتي تمخضت عن قرار ستالين في عام 1929 بفرض الزراعة الجماعية على السكان الفلاحين.
في فبراير 1954، نقل الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف، شبه جزيرة القرم من جمهورية روسيا إلى أوكرانيا، في محاولة لتهدئة التوترات القائمة، وبالنظر إلى الطبيعة المركزية للاتحاد السوفييتي، لم يحدث فرقاً كبيراً. بيد أن هذه الخطوة اكتسبت أهمية كبيرة بعد ستة عقود، عندما قام فلاديمير بوتين، في مارس 2014، بضم شبه جزيرة القرم ودمجها مرة أخرى في الاتحاد الروسي، في تحدٍ لاتفاقية دولية وقعتها مع الولايات المتحدة، وتعهدت باحترام دولة أوكرانيا المستقلة.
منذ استقلال أوكرانيا، كانت هناك مساعٍ حثيثة من قبل روسيا لضمان الحفاظ على كييف في فلكها، ما جعل الأخيرة متأرجحة بين الحفاظ على روابطها التقليدية بموسكو، أو تطلعاتها المتنامية نحو الاتحاد الأوروبي، فلطالما كان الاندماج السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي في الأسرة الديناميكية للدول الأوروبية أمل الديمقراطيين الأوكرانيين التقدميين، لا سيما في المناطق الغربية من أوكرانيا.
مع ذلك، فإن هذه القضية الجدلية ظلت غير محسومة، حيث عمد رؤساء أوكرانيا إلى تبني مقاربة متوازنة، قبل أن يتم انتخاب فيكتور يانوكوفيتش، في فبراير 2010، والذي كان حليفاً لروسيا؛ ما أدى إلى خروج احتجاجات واسعة بداية من 21 نوفمبر 2013، بعدما قرر يانوكوفيتش رفض إبرام الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، بالتالي أصبحت “يورو ميدان” (الساحة الأوروبية) بؤرة التمرد ضد يانوكوفيتش، والتي جمعت داعمي الانضمام للاتحاد الأوروبي.
عنف وقواعد ديكتاتورية
أشار الكاتب إلى ملامح التطورات التي شهدها “الميدان الأوروبي” في أوكرانيا خلال فترة الاحتجاجات، وما تمخضت عنه من عنف واسع من قبل القوات الحكومية على هذه التظاهرات، ملمحاً إلى أن هذه الممارسات خلَّفت دماءً على حجارة الرصف الجرانيتية في ميدان، عند سفح كاتدرائية القديس ميخائيل، إذ دخل ما يُقدر بألفي من شرطة مكافحة الشغب الميدان لإجلاء مئات المتظاهرين الذين ما زالوا يقيمون في الميدان بالقوة، على الرغم من الرسائل القوية التي وجهها السفير الأمريكي لحكومة الرئيس الأوكراني يانوكوفيتش، والتي حثته على عدم استخدام العنف.
بحلول منتصف ديسمبر 2013، كانت الدولة الأوكرانية تشهد حالة من الاستقطاب الحاد، بين مركزين للسلطة، إحداها كانت حكومة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش المعترف بها دولياً والمنتخبة ديمقراطياً، أما الثاني فهو الميدان الأوروبي، وهو حركة جماهيرية صاعدة، منظمة ومتطورة بشكلٍ مضطرد، مع مؤيدين في جميع أنحاء البلاد.
منذ منتصف يناير 2014، تحول انتباه كييف نحو البرلمان الأوكراني، حيث أصدر الأخير مجموعة من القوانين الجديدة التي عكست محاولة يانوكوفيتش محاصرة المعارضة، بالإضافة إلى الجدل المتعلق بكيفية التصويت داخل البرلمان من خلال منح رئيس البرلمان إمكانية عد الأصوات يدوياً إذا فشل نظام التصويت الإلكتروني، مما ساعد في تمرير العديد من القوانين، التي أطلق عليها قوانين “الخميس الأسود” أو “قواعد الديكتاتورية”، وهو ما أدى إلى عودة الاحتجاجات إلى الميدان، كما دعا قادة المعارضة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، ووضع دستور جديد، بينما لجأت الولايات المتحدة للضغط على الحكومة الأوكرانية من خلال فرض عدد العقوبات المتعلقة بالتأشيرة.
رد فعل “القرم”:
في إطار الاحتجاجات التي شهدتها كييف مع نهاية عام 2013، دعت هيئة رئاسة المجلس الأعلى لشبه جزيرة القرم يانوكوفيتش لإعلان حالة الطوارئ، وفي 5 فبراير 2014، أصدروا قراراً يدعو شبه جزيرة القرم للمطالبة بالحكم الذاتي الواسع إذا أصدرت الحكومة المركزية تغييرات كبيرة في الوضع القائم، كما أعلنوا أنهم لن يعطوا شبه جزيرة القرم للمتطرفين والنازيين الجدد الذين يتطلعون إلى الاستيلاء على السلطة في أوكرانيا بتقسيم البلاد، لذا لن يشارك شعب القرم أبداً في انتخابات غير شرعية، ولن يعترف أبداً بنتائجها، ولن يعيش في أوكرانيا الفاشية، وطلب برلمان القرم دعم روسياً.
بداية من 18 فبراير، شهدت كييف تصعيداً حاداً في أعمال العنف بين المتظاهرين والشرطة، كما أعلنت خدمات الأمن الأوكرانية أنها قد تتخذ إجراءات استثنائية بعد أعمال العنف التي وقعت، وقد استمرت حالة التصعيد والتوترات الأمنية في كييف على مدار ثلاثة أيام، كما تصاعدت المخاوف بشأن احتمالية دخول الجيش الأوكراني في الأزمة؛ مما قد يؤدي إلى تفاقم حدة المواجهات، بيد أن الدبلوماسية الأمريكية في هذه المرحلة كثفت تحركاتها لمحاولة منع هذه النتيجة المروعة. وعمدت إلى الدفع نحو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة من خلال البرلمان، ونتيجة تفاقم الأوضاع، عمد يانوكوفيتش إلى الفرار إلى روسيا.
بعد فرار يانوكوفيتش والعديد من رفاقه، واجهت الحكومة الجديدة التي اتخذت مقاليد السلطة سلسلة هائلة من التحديات، في الداخل والخارج، فيما أعلنت روسيا عن تعليق الدعم المالي، والذي تم تسليم 3 مليارات دولار فقط من أصل 15 مليار دولار الموعودة، إلى أجل غير مسمى.
ووفقاً للكاتب، لم يكن إبعاد يانوكوفيتش المنتخب ديمقراطياً انتصاراً للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، لأنه لم يكن أبداً هدفاً للسياسة الأمريكية، لكنه ألمح إلى أنه لا يمكن إنكار أن سياسة واشنطن موجهة من أجل السعي وراء مصالحها، في حين أن الحفاظ على قدرة أوكرانيا على اختيار مستقبل أوروبي كان بالتأكيد هدفاً للولايات المتحدة. بيد أن هذا الهدف كان باستمرار ثانوياً لمساعدة أوكرانيا على تجنب هذا النوع من الكوارث التي تمحو الحدود الإنسانية التي يجب أن تعمل الحكومات في إطارها.
تجدر الإشارة إلى أن الطرح الخاص بوجود دور رئيسي للولايات المتحدة في خلق الفوضى الراهنة في أوكرانيا من أجل استقطاب أوكرانيا إلى المعسكر الغربي، يفتقر إلى فهم شامل وحقيقي لكيفية عمل الحكومة الأمريكية في الخارج تحت إدارة أوباما.
تحرك روسي مفاجئ:
بينما كانت الحكومة الأوكرانية الجديدة تكافح من أجل تعزيز سلطة كييف الممزقة في جميع أنحاء البلاد، وبدأت في معالجة العديد من المشاكل الموروثة من نظام يانوكوفيتش، كانت حكومة فلاديمير بوتين، تخطط لتحرك مفاجئ في منطقة القرم، حيث وضع بوتين نصب عينيه هدفين رئيسيين، هما القرم، التي كانت جزءاً من روسيا قبل عام 1954، وجنوب شرق أوكرانيا، التي تضم أغلبية من السكان الناطقين بالروسية، وقد سعي بوتين إلى تبني استراتيجية هجينة متصاعدة تدريجياً تجمع بين القوة العسكرية، لمحاولة تشتيت انتباه الغرب، وتجنب فرض عقوبات صارمة
وفي أعقاب انتصار الميدان الأوروبي مباشرة، شُكلت جلسة استثنائية، على ساحل القرم في سيفاستوبول، لمجلس المدينة “هيئة تنفيذية لإدارة المدينة”، وعينت رجل الأعمال الروسي أليكسي تشالي رئيساً لها، ورفع المشاركون في الاجتماع الأعلام الروسية بالقرب من مبنى إدارة الدولة بالمدينة، وفي الوقت نفسه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن بلاده لا تفكر في أي تدخل عسكري في أوكرانيا، بيد أن التحركات على الأرض في سيفاستوبول، كانت تعكس تدخلاً روسياً مخططاً في القرم، بالتوازي مع تحركات الإدارة الإقليمية لشبه جزيرة القرم للاستفتاء على استقلال القرم عن أوكرانيا.
وقد أصدر وزير الدفاع الأوكراني بالإنابة، إيهور تينيوخ، بياناً بوجود حوالي 18 ألف جندي روسي في شبه جزيرة القرم، وأضاف أن روسيا تقوم بتدوير وحدات عسكرية متخصصة ضمن كتائبها الآلية، وفي 16 مارس، أجرت شبه جزيرة القرم، استفتاء بشأن مستقبل المنطقة، جاءت نتائجها بتأييد الناخبين للانفصال عن أوكرانيا بحوال 96.7%. وهكذا، أعلنت شبه جزيرة القرم أنها “مستقلة” رسمياً ومستعدة قانونياً لاستيعابها من قبل الاتحاد الروسي.
في غضون ذلك، وقع الرئيس بوتين مرسوماً يعترف بشبه جزيرة القرم كدولة مستقلة، قبل أن يتم ضمها رسمياً للأراضي الروسية، بينما وجه بوتين انتقادات حادة للغرب بسبب “ازدواجية المعايير”، والتي تجسدت في اعترافهم باستقلال كوسوفو ومعارضة حالة القرم.
امتداد الأزمة لدونباس:
على غرار الأوضاع في شبه جزيرة القرم، بدأت الأمور تتفاقم في شرق أوكرانيا، ففي دونيتسك، هاجم حوالي 2000 انفصالي الشرطة بالقنابل اليدوية، واستولوا على مبنى الإدارة الإقليمية، ورفعوا العلم الروسي، حيث أعلن أحد الانفصاليين أن المجموعة طالبت بعقد جلسة استثنائية لمجلس دونيتسك الإقليمي لمناقشة استفتاء على الانضمام إلى الاتحاد الروسي.
وفي لوغانسك، هاجم حشد آخر من عدة آلاف مبنى مقر جهاز الأمن الأوكراني لإطلاق سراح 15 من الانفصاليين الذين تم اعتقالهم سابقاً والاستيلاء على الأسلحة، مما أدى إلى إصابة شخصين في هذه العملية. وفي خاركيف، تجنبت التظاهرات المتنافسة المؤيدة لأوكرانيا والموالية لروسيا في الغالب مواجهة مباشرة جديدة.
وفي الواقع، كانت هناك حالة من الغموض بشأن الاستراتيجية الروسية النهائية فيما يتعلق بشرق أوكرانيا، سواء كانوا سيأخذون طريق ضم القرم، أو سيحاولون إنشاء منطقة “صراع مجمدة” أخرى على غرار ترانسنيستريا، أو يستمرون حتى يتم تثبيت نظام آخر متوافق في كييف.
بالفعل، أجرت كل من دونيتسك ولوغانسك استفتاء بشأن مستقبل الحكم الذاتي بهما، وقد جاءت نتائج الاستفتاء في هاتين الجمهوريتين بدعم واسع لقرار الاستقلال عن أوكرانيا، وفقاً للنتائج الرسمية التي أعلن عنها المسؤولون هناك، بيد أن الحكومة الأوكرانية شككت في نزاهة عملية الاستفتاء الأوكرانية، ومن ثم لم تعترف بنتائجها.
لكن، امتنعت روسيا عن الاعتراف فوراً بشرعية التصويت على الاستفتاء في شرق أوكرانيا، وبدلاً من الإشارة إليه على أنه تصويت ملزم يفضي إلى الاستقلال، اكتفت موسكو بالقول إنها خطوة يجب أن “تحفز الحوار” بين المناطق الشرقية وكييف، وقد كان هذا أقل بكثير من التأييد المتوقع من قبل حلفاء موسكو في الشرق، حيث طلب الزعيم الانفصالي دينيس بوشلين من الاتحاد الروسي النظر في انضمام منطقة دونيتسك إلى روسيا في اليوم التالي للتصويت، لكنه لم يتلق أي رد من موسكو، ويبدو أن الرد الدولي القوي على ضم شبه جزيرة القرم كان له بعض التأثير على الاقتصاد الروسي، ومن ثم على موقفها من ضم جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.
في الختام، يرى الكاتب أن روسيا سعت للترويج إلى الدور الأمريكي في تأجيج الأزمة الأوكرانية من أجل الضغط على موسكو، لكنه ألمح إلى أن الدبلوماسية الأمريكية ترتكز على فكرة أن مصالح الولايات المتحدة طويلة الأمد يتم تمثيلها دائماً بشكل أفضل عندما ترتكز على القيم والواجب الأخلاقي الذي تدافع عنه واشنطن، بمعنى أن أية فائدة قصيرة المدى لا تأخذ في الاعتبار القيم الأخلاقية، فإنها ستكون دائماً ضد المصالح الأمريكية على المدى الطويل.
إذ يشير الكاتب إلى أن أحد أهم أدوات التفوق الأمريكي الراهن، بالإضافة إلى قوتها العسكرية الهائلة، هي الجاذبية العالمية للقيم الأمريكية، والتخوفات الدائمة لدى خصوم واشنطن من أن هذه الأفكار يمكن أن تقنع شعوبهم بأنهم يستحقون أفضل، وهو ما انعكس بوضوح في حالة أوكرانيا عام 2014. بالتالي، يوجه الكاتب نصيحة للقادة الأمريكيين، بأن ثمة حاجة ملحة للاستمرار في التمسك بالمبادئ الأمريكية، ليس فقط لأنها صائبة، ولكن لأنها تعد ميزة استراتيجية وجوهر قوة النموذج الأمريكي الراهن، ومن ثم، فالتخلي عن هذا الأمر سيكون بمنزلة التخلي عن أحد أبرز محددات الدور القيادي لواشنطن.
المصدر:
Christopher M. Smith, Ukraine’s Revolt, Russia’s Revenge, Brookings Institution Press, Washington, D.C, 2022.