ٍَالرئيسية

الإرهاب والاضطراب في إسرائيل والضفة الغربية

الإرهاب والاضطراب في إسرائيل والضفة الغربية

الإرهاب والاضطراب في إسرائيل والضفة الغربية

 

 

بواسطة آنا أهرونهايم, ماثيو ليفيت, غيث العمري

٨ أبريل ٢٠٢٢

Israeli police respond to a shooting in Tel Aviv – source: Reuters

Open imageicon

عن المؤلفين

Anna Ahronheim

آنا أهرونهايم

آنا أهرونهايم هي مراسلة للشؤون العسكرية والدفاعية لصحيفة “جيروزاليم بوست”.

Matthew Levitt

ماثيو ليفيت

ماثيو ليفيت هو زميل أقدم ومدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن.

Ghaith al-Omari

غيث العمري

غيث العمري هو زميل أقدم في معهد واشنطن.

تحليل موجز

يناقش ثلاثة خبراء مخاطر تصعيد العنف على الأرض، ورد إسرائيل والسلطة الفلسطينية حتى الآن، وخيارات السياسة الأمريكية.

“في 5 نيسان/أبريل، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع آنا أهرونهايم وماثيو ليفيت وغيث العمري. وأهرونهايم هي مراسلة للشؤون العسكرية والدفاعية لصحيفة “جيروزاليم بوست”. وليفيت هو زميل “فرومر- ويكسلر” ومدير برنامج “راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب” في المعهد. والعمري هو زميل أقدم في المعهد ومستشار سابق لفريق التفاوض الفلسطيني في الفترة 1999-2001. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم”.

 

آنا أهرونهايم

رغم تصاعُد التوترات وازدياد التواجد الأمني في إسرائيل والضفة الغربية خلال الأسابيع القليلة الماضية، لم تهدد «حماس» بإطلاق القذائف على إسرائيل، ولم تهدد «حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين» بالانتقام بعد مقتل بعض عناصرها. ومن جهتها، امتنعت إسرائيل عن فرض قيود على زيارة الفلسطينيين لجبل الهيكل/الحرم الشريف. ومن الواضح أن أياً من الطرفين لا يريد تكرار النزاع العسكري الذي دار في أيار/مايو 2021. وعلى الرغم من أن الشهر الحالي سيكون شديد التوتر، فمن المحتمل أن يتلاشى الضغط مع اقتراب نهاية شهر رمضان. ومن المستبعد حدوث هجمات خلال عيد الفصح، هو الحال بالنسبة للانتفاضة الثالثة – فمعظم الفلسطينيين لا يريدون ذلك أو الحملة الإسرائيلية التي ستَتْبعها.

وكان الهجوم الذي نفذه تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش») في 27 آذار/مارس في الخضيرة بمثابة جرس إنذار لمسؤولي الأمن الإسرائيليين. ففي السابق، كانوا يركزون على الجانب الإجرامي للعنف نظراً للعدد الكبير من البنادق والجرائم المتزايدة في الأحياء العربية، لذلك تراجع تهديد تنظيم «داعش» إلى أسفل سلّم أولوياتهم. وقد ارتكب جهاز الأمن العام الإسرائيلي (“الشاباك”) والشرطة خطأً – إذ لم يدركا بشكلٍ كافٍ خطر إيديولوجية تنظيم «الدولة الإسلامية» بالإضافة إلى الكميات الكبيرة من الأسلحة غير القانونية في المناطق التي تم التخلي عنها أساساً. وبدأت الشرطة تفهم الآن خطورة الوضع وتقوم بقمع تهريب الأسلحة من الأردن ولبنان وسيناء. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب إنجازه. فالأهالي في بعض البلدات العربية حاولوا إيقاف الشرطة عند ملاحقتها لمثل هذا التهريب؛ وفي الواقع، نشأ جيلٌ كاملٌ من الإسرائيليين العرب على ما يعتبرون أنه حريةً التصرف لأن الشرطة لن تدخل بلداتهم.

وعلى الصعيد السياسي، لا تُظهر إسرائيل جبهة موحدة في هذه القضايا. ففي ظل حالة العنف، يلقي بعض نواب المعارضة اللوم على الضعف الملحوظ لحكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت. كما أن وزير الدفاع بيني غانتس يريد نفوذاً أكبر مما يتمتع به حالياً، مما يسبب توتراً مع بينيت.

وفيما يتعلق بالتهديدات الخارجية، يتكهن البعض بأن إيران تقف وراء بعض الهجمات الأخيرة. وربما تحاول «حماس» التقرّب من إيران وخلاياها في الضفة الغربية، أو ربما تدفعها طهران إلى تنفيذ المزيد من الهجمات خلال الأعياد. وهناك أيضاً مهاجمون منفردون غير مرتبطين بأي جماعة أو دولة. وكالعادة يشكل «حزب الله» مصدر قلق، لكن من غير المرجح أن يهاجم إسرائيل على المدى القريب.

ومن الناحية الإيجابية، يمكن أن يساعد القادة في تخفيف التوترات عبر تنفيذ المزيد من الخطوات التي تشبه المحادثة الهاتفية التي جرت في الخامس من نيسان/أبريل بين غانتس ورئيس “السلطة الفلسطينية” محمود عباس، وذلك بعد أن أدان عباس علناً الهجوم الذي حدث في بني براك (براق). كما يمكن الاستفادة كثيراً من التنسيق الإسرائيلي مع قوات الأمن التابعة لـ “السلطة الفلسطينية”، حيث أنها أوقفت العديد من الهجمات ضد الإسرائيليين.

ماثيو ليفيت

فوجئ الكثيرون بأن الهجمات الجديدة يشنها عناصر تابعون لتنظيم «الدولة الإسلامية» وليس «حماس». ومع هذا، لا يبدو ذلك بمثابة بداية لتزايُد التهديد الذي يطرحه تنظيم «داعش» في إسرائيل. وبالأحرى أدت مجموعة من العوامل إلى حالة العنف الراهنة.

أولاً، بينما سعت «حماس» إلى تجنب نشوب ذلك النوع من النزاع العسكري الواسع النطاق الذي اجتاح معقلها في غزة في أيار/مايو الماضي، إلّا أنها لم تتوقف أبداً عن الاستعداد للعنف في إسرائيل والضفة الغربية. فكانت تزيد باستمرار تحريضها على “واتساب” و”تلغرام” ومنصات أخرى، حيث ادّعى العديد من مستخدمي هذه التطبيقات أن «حماس» هي الجماعة الوحيدة التي تتقدّم للدفاع عن الفلسطينيين.

ثانياً، تمكنت الجماعات القتالية الأخرى (مثل «كتائب شهداء الأقصى») من استعادة وجودها خلال موسم انتخابات العام الماضي. فاستعداداً لتلك الانتخابات، خففت “السلطة الفلسطينية” من أنشطتها الأمنية، لا سيما في شمال الضفة الغربية. وعلى الرغم من أن قوات “السلطة الفلسطينية” استأنفت وتيرتها الطبيعية للعمليات بعد تأجيل التصويت بسبب نزاع أيار/مايو، إلا أن المقاتلين استغلوا الهدوء الأمني المؤقت ​​من أجل إعادة التحضير للهجمات المستقبلية والاستعداد لها.

ثالثاً، يشير المسؤولون الإسرائيليون إلى أن إيران تقود بصورة نشطة التوترات الحالية عن طريق «حماس»، بهدف زيادة العنف خلال تزامن شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي وعيد الفصح المسيحي (القيامة) في الفترة التي تسبق الذكرى السنوية الأولى لنزاع غزة. وعادةً ما ينفذ الإرهابيون المزيد من الهجمات خلال شهر رمضان، وقد يوفر تزايُد وجود السياح المزيد من الفرص التي يمكن استغلالها.

إنّ أحد العوامل التي يجب أن تأخذها السلطات في الاعتبار هو أن قيادة «حماس» ليست موحدة. فالرئيس إسماعيل هنية، ومسؤول غزة يحيى السنوار، ونائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري ​​مقربون جداً من إيران ويعملون غالباً مع كل من «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني و«حزب الله». ومع ذلك، يريد خالد مشعل، رئيس الفرع الخارجي للحركة، أن تتمسك «حماس» بجذورها السنية أكثر من إيران التي يقودها الشيعة. ويرحب بالدعم الإيراني لكنه يرى أن مستقبل الحركة مرتبط بالدول الخاضعة للحُكم السني.

ويؤثر هذا الانقسام الداخلي على عملية صنع القرار داخل «حماس» حول أعمال العنف بشكلٍ خاص، لأن كلاً من هؤلاء القادة يملك القدرة على دعم الخلايا الإرهابية. فالسنوار هو الأقرب إلى «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، لكن العناصر التابعة لمشعل يمكن أن تشن هجمات خاصة بها من الضفة الغربية أو لبنان. ويتفق كل من هنية والسنوار والعاروري مع إيران على ضرورة تنفيذ المزيد من العمليات، لكنهم يفضلون إبقاء العنف محصوراً في الضفة الغربية وإسرائيل، وأحد أسباب ذلك هو أملهم في الحفاظ على تدفق الأموال القطرية إلى غزة وتمكين ناخبيهم من الاحتفاظ بوظائفهم داخل إسرائيل. لذلك، فمن غير المرجح أن يتجدد إطلاق القذائف من غزة في الوقت الحالي. لكن في حال اتساع نطاق العنف، يخشى بعض الخبراء أن تطلق «حماس» القذائف من لبنان، حيث كانت العناصر المقربة من مشعل أكثر نشاطاً في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وقد تكون حريصة على فتح جبهة أخرى وإثبات نفوذه.

وقد ركزت السلطات داخل إسرائيل على إزالة بؤر التوتر التي يمكن أن تؤدي إلى نشوب نزاع أوسع نطاقاً. فهي تدرك أن «حماس» تركز على القدس وتبحث عن أي عذرٍ للإدعاء بأن إسرائيل تمنع الوصول إلى المسجد الأقصى. كما أنها تحاول تجنب الوفيات، لأن المآتم الناتجة عن ذلك في الضفة الغربية قد تصبح بؤر اشتعال. وبالمثل، يسعى المسؤولون الأمنيون في “السلطة الفلسطينية” إلى ردع «حماس» من القدرة على إشعال النزاع. وتُقلل جميع هذه الجهود من فرص حدوث زيادة كبيرة في انتشار أعمال العنف على نطاقٍ واسع، مع أن البدء بمثل هذا التصعيد لن يتطلب الكثير من الجهد.

أما بالنسبة لعامل تنظيم «الدولة الإسلامية»، ففي حين دفعت الهجمات الأخيرة التنظيم مجدداً إلى أعلى سلّم الأولويات الأمنية في إسرائيل، تبقى الحقيقة أنه من الصعب إيقاف المهاجمين الفرديين والخلايا الصغيرة، حتى في الحالات التي يكون فيها الأفراد تحت مراقبة الدولة أساساً. أما عدد مناصري تنظيم «الدولة الإسلامية» في إسرائيل فقليل نسبياً، لذلك من غير الواضح ما إذا كان هذا التهديد سيزداد في المستقبل القريب.

غيث العمري

الضفة الغربية عالقة بين ديناميتين متضاربتين. فمن جهة، يدرك المسؤولون الفلسطينيون والإسرائيليون والأمريكيون جيداً إمكانية اندلاع أعمال عنف خلال شهر نيسان/أبريل، وقد بذلوا كل ما في وسعهم للاستعداد على صعيد التنسيق الأمني. فكانت قوات “السلطة الفلسطينية” تفكك البنية التحتية لحركة «حماس» في الضفة الغربية، بينما كان الأردن يلتقي بمسؤولين أمنيين إسرائيليين وفلسطينيين. ومن جهة أخرى، لا يزال الوضع متقلباً، وقد ينشب بسهولة نزاع جديد بسبب الإجراءات التي تنفذها إسرائيل مثل زيادة التدابير الأمنية أو عنف المستوطنين. وأدت الانقسامات الداخلية المستمرة داخل حركتَي «حماس» و «فتح» إلى تعزيز حالة عدم اليقين.

وعلى نطاقٍ أوسع، إن عامة الفلسطينيين محبطون ويائسون؛ فلا يثق الكثيرون منهم بالدبلوماسية، ويتزايد دعم العنف. وبما أن معظم الفلسطينيين يعتقدون أن حكومتهم فاسدة ويريدون استقالة عباس، فإن “السلطة الفلسطينية” لا تتمتع بالشرعية التي تحتاجها لممارسة ضبط النفس على عامة الشعب.

وأحرزت الولايات المتحدة بعض التقدم في محاولة تخفيف التوترات. فقد أعادت إدارة بايدن إشراك الفلسطينيين، واستأنفت دعم اقتصادهم، وجددت تقديم المساعدة الأمنية. وبمساعدة المنسق الأمني الأمريكي، بإمكان واشنطن أن تؤدي مجدداً دوراً مهماً بين الطرفين في أوقات الأزمات (على سبيل المثال، نجحت في الضغط على عباس لإدانة الهجوم في بني براك). كما يجب على المسؤولين الأمريكيين التعامل مع شركاء مثل قطر للابتعاد عن الأعمال السلبية وتأدية دور أكثر إيجابية في وقف التصعيد.

وعلى الرغم من تَحسُّن قوات الأمن الفلسطينية من حيث الاحتراف والفعالية، إلا أن الانقسامات السياسية وأزمات الشرعية جعلت “السلطة الفلسطينية” غير قادرة على حُكم بعض أجزاء الضفة الغربية. فلم تَعُد قواتها قادرة على العمل في مخيم جنين للاجئين أو في الخليل؛ وفي الواقع، أصبحت بعض المخيمات حالياً مسلحة بشكلٍ أفضل من الحكومة. ومما يزيد الطين بلة هو حرمان أفراد قوات “السلطة الفلسطينية” بشكلٍ روتيني من تقاضي كامل رواتبهم. وتُهدد كل هذه العوامل بخلق مشاكل أمنية لإسرائيل.

وفيما يتعلق بالأردن، تحسنت العلاقات مع إسرائيل منذ إدارة نتنياهو، وأصبحت المملكة حالياً تشعر براحة أكبر بشأن الترحيب العلني بالمسؤولين الإسرائيليين في عمّان. ووُضعت حالياً بعض التدابير لإدارة الأزمات وخفض التصعيد في حال انتشار العنف. وفي المقابل، تعمل تركيا على تقويض الموقف الأردني من خلال تعزيز علاقاتها مع «حماس» و«الحركة الإسلامية في إسرائيل».

أما إيران، فقد واصلت العمل مع «حماس» و«حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين» لتنسيق الهجمات خلال الشهر الحالي. إلا أنها لا تحظى بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين وتتمتع بقدرة محدودة على التأثير على رواياتهم. فهم يتأثرون بصورة أكثر بالمنظمات السنية التقليدية مثل جماعة «الإخوان المسلمين».

وعلى الرغم من قلة الدعم الفلسطيني لانتفاضة شاملة، إلا أن الوضع لا يزال هشاً. ومن الممكن أن يؤدي الاقتصاد الضعيف في الضفة الغربية وغزة وأزمة شرعية “السلطة الفلسطينية” واليأس العام إلى نشوب نزاع أوسع نطاقاً.

 

أعد هذا الملخص أليكس شاناهان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى