لم يستوعب اهالي الدوير قرار صاحب الاشتراك المفاجئ، فعبر مذياع الجامع في البلدة، أبلغهم انه سيطفئ محركات مولداته التي تغطي 80 بالمئة من سكان البلدة. قرار سقط عليهم كالصاعقة وقد باتوا يفطرون عالشمعة ويتسحرون على ضوء الهاتف، في غياب تدخل اي مسؤول او مرشح على خط المعالجة.
فاطمة، ام لثلاثة اولاد، تنتظر «تشريف» كهرباء الدولة على حد وصفها، فصاحب الاشتراك صدم الكل بقراره على ابواب الشهر الفضيل، موجهاً الضربة القاضية لنور المنازل، مسقطاً العتمة عليهم وليتدبروا أمرهم.
الشارع الدويري في صدمة، شأنه شأن بلدات كثيرة لجأ اصحاب الاشتراكات فيها إما للتقنين القاسي او الاطفاء، في تحرك مشبوه يراد الضغط من خلاله على الناس لرفع التعرفة وفق تسعيرتهم هم، وإظهار البلديات بمظهر الضعيف رغم أن بيدها فرض ضريبة كبيرة عليهم وهم يستفيدون من اعمدتها لتعليق اسلاكهم، ولكنها ما فعلتها يوماً ولن تفعل، لان كل صاحب اشتراك محسوب على جهة سياسية وممنوع المس به. وما يزيد الطين بلة ان المرشحين يستفيضون بشرح ازمة الكهرباء ومعاناة الشعب ولم يحركوا ساكناً او يقدموا مشروعاً للطاقة البديلة.
أمام دكانه في بلدة الدوير يجلس ابو محمد، يتأمل حركة السيارات الخفيفة نسبياً، الكهرباء داخل محله خارج الخدمة بعد قرار اطفاء المولدات، ما يشغله أنه يخشى تلف بعض البضائع كالجبنة واللبنة واللبن، ويحمل المسؤولية للزعماء، «فبيكفي انو بيوتهم مضواية، مش مهم نحنا عالعتم ومعاناة الشعب آخر همهم».
بالطبع في زمن الانتخابات «شو بدو المواطن تكرم عينو»، إنه زمن المصلحة والمنفعة الانتخابية وربما ارادها اصحاب الاشتراكات ورقة ضغط لتأمين المازوت الانتخابي شبه المجاني لهم، على قاعدة «بدك صوتنا.. ادعمنا بالمازوت والكهرباء».. فهل يفعلها المرشحون، ام سيديرون الاذن الطرشاء ويبحثون عن متبرع ليقدم المازوت في شهر الانتخابات؟
يستبعد الاهالي تدخل النواب والاحزاب لحل المعضلة وقد عكّرت صفو الشهر الفضيل، وبدلاً من ان ينشغل ابو محمد في البحث عن لقمة عيشه، بات منهمكاً في البحث عن حل للعتمة من دون جدوى، فـ»يوميتي بـ20 الف ليرة كيف سأركب طاقة شمسية او اشتري بطارية وups؟ صاحب الاشتراك محتكر ولص سرق مني الضوء ولا يختلف اطلاقاً عن النواب والزعماء الفاسدين. يعدوننا بالحلول للعتمة، ها نحن بتنا في قلبها، ماذا سيفعلون»؟
بالطبع اضرار وخسائر بالجملة ستترتب على قرار صاحب الاشتراك بالتوقف، تعطل الانترنت، تعطل دروس الطلاب، شلل الحياة، تعطل معظم المصالح، ومع ذلك يقول صاحب الاشتراك حسن طهماز انه إضطر للانكفاء لانه يتكبد خسائر شهرية تقدر بحدود الـ150 مليون ليرة، «اضف الى انه ما بقى معي عبي مازوت» لافتاً الى أنه وضع المولدات والشبكة في تصرف البلدية والمعنيين «فعبي مازوت ودوّر».
إزاء هذا الواقع المأسوي هل ستتحرك الاحزاب لانقاذ اهالي الدوير من العتمة، ام ستنير الكهرباء فقط في المهرجانات الانتخابية ليتحدث المرشح عن ازمات الناس من دون ان يبادر الى حلها؟
المصدر : رمال جوني – نداء الوطن