كتبت “الجزيرة”: كثيرة هي المدن الأوكرانية الواقعة تحت الحرب الروسية قتلا ودمارا، يشمل المباني السكنية والبنى التحتية والمرافق الحيوية، ومئات الضحايا وآلاف المصابين وملايين النازحين أو العالقين.
لكن الوضع في مدينة ماريوبول جنوب شرق أوكرانيا يعتبر الأكثر مأسوية، مع استمرار القصف عليها دون توقف من عدة جهات، ودمار أصاب -حتى الآن- نحو 90% من مساحتها البالغة قرابة 166 كيلومترا مربعا، فلم تعد صالحة للعيش، بحسب سلطاتها المحلية.
ما أهمية ماريوبول؟
وفي حين تتبادل أوكرانيا وروسيا الاتهامات حول المسؤولية عما تتعرض له المدينة، يدفع التركيز عليها إلى التساؤل حول أهمية ماريوبول بالنسبة لكلا الجانبين.
تتبع المدينة إداريا إلى منطقة دونيتسك بإقليم دونباس التي اعترف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بها -قبيل بداية الحرب- كـ”جمهورية مستقلة”، ولهذا يعتبر الانفصاليون في دونيتسك أن معارك ماريوبول هي معارك “تحرير” من “الاحتلال الأوكراني”.
وبمينائها التجاري، تعتبر المدينة نافذة أوكرانيا الوحيدة تقريبا على بحر آزوف حاليا، بعد أن سيطر الانفصاليون وسيطرت القوات الروسية على نوافذ أخرى، وعلى منطقة خيرسون المجاورة شمال القرم.
وكذلك، تعتبر أراضي المدينة جسرا بريا وحيدا يصل البر الروسي بالقرم التي ضمتها روسيا، وحاول الانفصاليون السيطرة عليها في 2014، لكن أوكرانيا أخرجتهم منها آنذاك.
بين ماريوبول وحلب
حصار المدينة، ومعاناة السكان، وطبيعة القصف، وعرقلة النزوح، وعجز الصليب الأحمر وغيره من المنظمات عن التدخل وإيصال المساعدات، جوانب يشبهها مسؤولون أوروبيون وأوكرانيون بما شهدته من قبل مدينة حلب السورية.
وهذا يدفع بعض الأوكرانيين -على ما يبدو- إلى اعتبار أن “المأساة فرضت توأمة بين المدينتين”، بدلا عن التوأمة التقليدية، النابعة من إرادة التعاون والتطوير المشترك في فترات السلم.
وفي هذا الجانب أيضا، يشير المسؤولون الأوكرانيون إلى عمليات القصف العشوائي، وإلى إلقاء قنابل “شديدة الانفجار”، كان آخرها قبل يومين على مسرح في المدينة، آوى إليه مئات المدنيين، ما أدى إلى مقتل وإصابة “العشرات”، بينما لا تزال عمليات البحث جارية عن ضحايا وناجين تحت الأنقاض.
مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قال -في وقت سابق- إن “روسيا قد تلجأ لتدمير المدن الأوكرانية كما فعلت في حلب”؛ والرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قال إن “ما يحدث في ماريوبول يشبه إلى حد بعيد ما فعلته روسيا في سوريا بشكل عام”.
ومستشار في وزارة الدفاع الأوكرانية شبّه “مصير ماريوبول تحت القصف الروسي بمصير تعرضت له مدينة حلب في سوريا”، في إشارة إلى الدمار؛ وفي وقت أكدت فيه الاستخبارات الأوكرانية -فعلا- وصول 150 من أعوان النظام السوري للقتال إلى جانب روسيا ضد أوكرانيا، في ماريوبول وغيرها من المدن.