“الأحرار” يُقارع “التيار” في الشوف… “الشمعونية” في مواجهة “الذمّية”
ألان سركيس-نداء الوطن
تعتبر انتخابات 2022 من أصعب الدورات الإنتخابية في تاريخ لبنان وأكثرها تعقيداً وذلك بسبب الغموض الذي يلفّ اتّجاه الرأي العام.
قد تكون المفاجآت هي نجم الإنتخابات المقبلة، إذ يصعب على أي ماكينة انتخابية مهما بلغت عظمتها وقدرتها التنظيمية معرفة اتّجاه الأصوات، لذلك فإن الحذر يبقى واجباً عند جميع القوى السياسية.
ولم يسلم جبل لبنان الجنوبي الذي يُعتبر معقل الدروز وأساس الزعامة الجنبلاطية من العواصف والرياح التي ضربت لبنان، وكان أبرزها إنتفاضة 17 تشرين وانفجار مرفأ بيروت وغزوة عين الرمانة التي فضحت مدى تمدّد «حزب الله» وإسقاطه الخطوط الحمراء، وصولاً أخيراً إلى اعتكاف الرئيس سعد الحريري وتيار «المستقبل»، ما يؤثّر سلباً في الوجود الجنبلاطي والقدرة على الفوز بأكبر عدد من المقاعد.
يشكّل الشوف مع عاليه دائرة إنتخابية واحدة تضمّ 13 مقعداً نيابياً، وقد تحالف الحزب «التقدمي الإشتراكي» في الإنتخابات الأخيرة مع «القوات اللبنانية» و»المستقبل» في حين شكّل حزب «الوطنيين الأحرار» لائحته الخاصة، وخاض رئيسه الحالي كميل دوري شمعون المعركة مرشحاً عن أحد المقاعد المارونية في الشوف من دون أن يتمكّن من الوصول إلى الندوة البرلمانية.
ويعتبر قضاء الشوف من أهمّ الأقضية التي انطلقت منها «الشمعونية»، وطبع تاريخ لبنان الحافل الصراع بين زعيم دير القمر الرئيس كميل شمعون وزعيم المختارة كمال جنبلاط، وبعد اتفاق «الطائف» رفض رئيس حزب «الأحرار» دوري شمعون كل إغراءات الإحتلال السوري وقاطع الإنتخابات، وعاد نائباً عن الشوف عام 2009 بالتحالف مع «القوات» و»الإشتراكي» و»المستقبل».
واللافت الحالي أن المتغيّرات أثّرت على رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، فهو يعمل للحفاظ على مقعد نجله تيمور جنبلاط والنائب مروان حمادة، وكانت المفاجأة بتخلّي «الأحرار» عن الترشّح عن أحد المقاعد المارونية في مقابل تخلّي جنبلاط عن المقعد الكاثوليكي في الشوف.
وفي التفاصيل، فبعد نقل كميل شمعون ترشيحه من الشوف إلى بعبدا، بدأت رحلة بحث «الأحرار» عن مرشّح غير ماروني، وسرت أحاديث عن إمكانية ترشيح سني من إقليم الخروب وذلك لأن الحالة «الشمعونية» كانت تتخطى الساحة المسيحية، فكان للرئيس كميل شمعون حينها في كلّ طائفة حصّة.
وبعد صوغ التحالف المبدئي بين «القوات» و»الأحرار» و»الإشتراكي»، وبعد انتهاء المشاورات الداخلية، قرّر «الأحرار» ترشيح فادي فارس المعلوف عن المقعد الكاثوليكي في الشوف ليكون المرشّح الرسمي للحزب.
والمفاجأة الأهم كانت في تخلّي جنبلاط عن ترشيح النائب نعمة طعمة، فالأخير دخل الندوة البرلمانية منذ انتخابات 2000 على لوائح جنبلاط، واعتبر منذ ذلك الحين من الثوابت الجنبلاطية التي لا يمكن التخلّي عنها، وحافظ على التحالف معه في انتخابات 2005 و2009 و2018 حيث جيّر له جنبلاط أصواتاً إشتراكية لضمان فوزه، في حين إعتُبر في فترة من الفترات صلة وصل بين جنبلاط والمملكة العربية السعودية.
في آخر إنتخابات فاز جنبلاط بمقعدي الدروز في الشوف إضافةً إلى النائب بلال عبدالله عن السنة وطعمة عن الكاثوليك، أما اليوم فإن الأهم عند جنبلاط تأمين فوز مقاعد الدروز في الشوف ومحاولة الحفاظ على مقعد سني بعد انسحاب الحريري، من ثمّ الفوز بأحد المقاعد المارونية.
من جهته، سيعمل «الأحرار» لاستعادة مقعد شمعوني في الشوف لأن هذا القضاء يعتبر عقر داره ونقطة انطلاق أساسية لحراكه السياسي، خصوصاً أن من سيواجهه مرشح «الأحرار» قد يكون الوزير العوني السابق غسان عطالله، وبذلك ستكون المواجهة على هذا المقعد بين الشمعوني الذي يؤمن بلبنان حر مستقل أزلي سرمدي، وبين نهج «الذمية» المسيحية المستسلمة لـ»حزب الله» والتي أدخلت لبنان في فلك جهنّم الإيراني، وتحاول تغيير وجه البلد الذي رسمه الرئيس التاريخي كميل نمر شمعون وحوّله إلى «سويسرا الشرق» وكان عهده عهد ازدهار وتقدّم ورخاء عكس ما نعيشه حالياً.