تكشف مصادر مطلعة عن كثب على مراحل المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان و«إسرائيل» عن  الانشغال السياسي اللبناني ببحث ونقاش الجواب الرسمي السياسي والتقني على الطرح الذي كان قد تقدم به الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين أخيراً، وقد سُجّل تطور بارز وفائق الأهمية على هذا الصعيد، حيث ان العمل داخل حقل «كاريش» قد دخل حيّز العمل الفعلي مع مطلع الشهر الجاري، إذ ان شركة «إنرجين» اليونانية، التي سبق وأن فازت بعقود التنقيب والاستكشاف في حقل «كاريش»، قد باشرت منذ يومين عمليات الحفر في هذا الحقل، ثم بادرت إلى ربط الحقل المذكور مع خطّ الغاز «الإسرائيلي» الأساسي في البرّ.

وتشير المصادر في هذا الإطار، إلى أن هذه الخطوة هي الدليل على أن العدو الإسرائيلي، قد انطلق باتجاه الإنتاج في مهلة زمنية أقصاها شهر تشرين الأول المقبل، ومن دون أي ترقّب للنتائج المرتقبة لمفاوضات الترسيم، والتي لا يزال لبنان في مرحلة الدرس والخلاف بين القوى السياسية الداخلية، وصولاً إلى تحويل الملف إلى لجنة سياسية وتقنية قد شكّلها مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي، لإنجاز تقريرها حول الطرح الأميركي، وعلى ضوئه يتمّ تقديم الجواب اللبناني على اقتراحات الوسيط الأميركي هوكشتاين.

وإذ تلفت هذه المصادر إلى أن الخطوة الميدانية ليست سرية وجرى الإعلان عنها على مواقع التواصل وتحديدا عبر «تويتر» في تغريدة لأحد المسؤولين في الشركة المنقّبة وكتبت عن الموضوع صحيفة جيروزاليم بوست الاسرائيلية، تؤكد أن المقاربة اللبنانية، ما زالت في طور الدراسة داخل اللجنة الوزارية، مع ما يعنيه هذا الأمر من تأخير على هذا الصعيد، بسبب واقع التباين السياسي الحاد الذي بدأت تشهده عملية الترسيم في الأسبوعين الماضيين، وتحديداً في ضوء المحاولة الواضحة للإجهاز على الحقوق اللبنانية في البحر، فيما تنشط «إسرائيل» على خطّ التنقيب والإنتاج في فترة زمنية قصيرة، بعدما انتقل النزاع من حقل «كاريش» إلى حقل «قانا»، وحيث من المتوقع أن تكون عملية الترسيم أمام نزاعٍ عقيم وطويل الأجل ، وفق ما كان قد أكده هوكشتاين، في مقابلته التلفزيونية بعد لقائه المسؤولين اللبنانين، بأن النزاع هو ما بين الخطّ 1 والخطّ 23 ، ولا أحد يستطيع أن يأخذ 100 بالمئة.

و في تقدير المصادر المواكبة، وبعد الخطوة «الإسرائيلية»، يبدو جلياً أن الهدف الأميركي الحقيقي هو منح «أسرائيل» حرية العمل في حقل «كاريش» المـتنازع عليه من خلال إزالة اسباب هذا النزاع، قبل التوصل إلى حلّ عادل ومنصف للحدود البحرية من جهة، وإغراق لبنان بالنقاشات الداخلية حول الترسيم والطروحات المتناقضة من جهةٍ أخرى.

 

ومن ضمن هذا السياق تستدرك هذه المصادر بأن الإعتراض الذي سُجل في الآونة الأخيرة من قبل حزب الله، قد أتى بناءً على التحذير من بدء عمليات التنقيب والحفر والإنتاج من «كاريش» تمهيداً لبدء التصدير، في الوقت الذي لا يزال الجانب اللبناني اليوم، في مرحلة تحديد الحدود والإستمرار في عمليات الإستكشاف.