الأخبار- أحمد الحاج علي
وحول تقييمه للمعركة بعد مرور أكثر من أسبوع على انطلاقها، يؤكد أن العملية «تمضي قُدُماً بحسب المخطَّط الموضوع لها»، مشيراً إلى أن «الجيش الروسي أفشل أيّ قدرة للقوات الأوكرانية على تكبيده خسائر كبيرة، عبر تدمير بنيتها التحتية العسكرية، وضرب أنظمة الدفاع الجوي لديها، ومواقع الصواريخ والمدفعية، إضافة إلى تدمير الدبابات والمدرّعات». ويلفت إلى أن «الاستخبارات الروسية قامت بعمل جيّد سلفاً، حيث قدّمت ليس فقط إحداثيات الأهداف، ولكن أيضاً معلومات دقيقة حول ظروف وإمكانيات الجيش الأوكراني». وبشأن تقييمه للتكتيكات العسكرية التي يتّبعها الجيش الروسي، قال خروليف إن الأخير «يعتمد حالياً مبدأ عزل المدن الأوكرانية، وقطع الإمداد بالذخيرة والمعدّات عن الجيش الأوكراني»، مبيّناً أنه «في العلوم العسكرية، هذا الإجراء هو نوع من الحصار، إذ يجبَر العدو بعد تركه من دون تعزيزات، على رفع الراية البيضاء».
في هذا الوقت، بدأت، أمس، بحسب مصادر إدارة مدينة ماريوبول الأوكرانية، عملية إجلاء المدنيين المحاصَرين في المدينة عبر الممرّات الإنسانية التي جرى الاتفاق عليها قبل يومين. وكانت القوات الروسية توافقت مع السلطات المحلية للمدينة على تحديد ثلاثة أماكن لانطلاق الحافلات ووسائل النقل الخاصة، في حال تَوافرها لدى المواطنين. وسبق ذلك قيام «قوات أزوف» اليمينية المتطرّفة بشنّ هجوم أدى إلى تدمير مبنى سكني قضى في داخله ما يزيد على 200 شخص، يصعب حتى الساعة انتشالهم من تحت الأنقاض. وتقوم هذه القوات التي تتألّف من النازيين الجدد بإطلاق النار على الراغبين في الخروج من المدينة، علماً أنه بحسب مصادر نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إرينا فيريشوك، يوجد في ماريوبول ما يزيد على 200 ألف مواطن، وفي مدينة فولنوفاخا 15 ألفاً يحتاجون إلى إجلائهم فوراً. وهي المعلومات نفسها التي ذكرها رئيس مركز إدارة شؤون الدفاع التابع لوزارة الدفاع الروسية، العقيد ميخائيل ميزينتسيف.
ويوم السبت الفائت، تمكّنت قوات دونيتسك الشعبية من إجلاء 300 مواطن من ماريوبول إلى نوفوأزوفسك، في حين آزرت القوات الروسية في عمليات خاصة لفتح ثغر في بعض أحياء المدينة لتسهيل خروج المدنيين. وبحسب الناطق باسم قوات دونيتسك الشعبية، إدوارد باسورين، فقد «رفضت القوات الأوكرانية ضمان عدم انتهاك قرار وقف إطلاق النار في مدينتَي ماريوبول وفولنوفاخا لتسهيل إجلاء آمن للمدنيين»، على رغم أن المدينة على شفير «كارثة إنسانية فظيعة»، على حدّ تعبير رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية، دينيس بوشيلين، بسبب نقص الموارد والمواد الأساسية، وكذلك انقطاع المياه والكهرباء والغاز والدواء.
سياسياً، وبينما يُتوقّع استئناف المفاوضات الروسية – الأوكرانية اليوم، وسط تشكيك روسي في نوايا سلطات كييف، تكثّفت الاتصالات ما بين المسؤولين الروس ونظرائهم الغربيين، في ظلّ تشديد متزايد من الأخيرين على عدم الرغبة في دخول نزاع عسكري مع موسكو. وفي هذا الإطار، أكد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أن «هذا ليس نزاعاً مع الناتو، ولن يصبح كذلك، لم يرسل أيّ حليف قوات قتالية إلى أوكرانيا، وليس لدينا عداء مع الشعب الروسي، ولا نرغب في طعن أمة عظيمة وقوة عالمية». ودعا جونسون، في مبادرة أعلنها من ستّ نقاط، إلى «الانفتاح على الديبلوماسية، ووقف التصعيد، ومشاركة سلطة كييف على نحو كامل في تسوية محتملة، ولكن مع تصعيد الضغط الاقتصادي على الرئيس فلاديمير بوتين، والذهاب إلى أبعد من العقوبات الاقتصادية، عبر طرد كلّ بنك روسي من نظام سويفت، وإطلاق يد السلطات البريطانية والغربية لتقشير الأموال الروسية القذرة في لندن»، على حدّ تعبيره.
أمّا المتّصلون، فكان أوّلهم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي أجرى مباحثات هاتفية مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، امتدّت لساعة و45 دقيقة، نصح خلالها بوتين، ماكرون، بأن يجري مباحثاته مع كييف بشأن التزامها بالقوانين الدولية الإنسانية، مطَمئناً إياه إلى أن محطة زابوريجيا الكهروذرية تحت حماية القوات الروسية والحرس الأوكرانيين، وأن مستويات الإشعاع فيها آمنة، ومؤكداً له أنه سيحقّق مسعاه سواءً عن طريق الحرب أو المفاوضات، وأنه لم يكن في نيّته استهداف المحطات النووية. كذلك، اتّصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بنظيره الروسي، وسمع منه تكراراً للموقف نفسه من أن روسيا لن توقف عمليتها إلّا إذا استجابت أوكرانيا لمطالبها. وفي هذا الإطار، يبدو أن العائق الأساسي في مسار التفاوض بين الطرفين، كما وصفه أحد أعضاء الوفد المفاوض، هو اعتراف كييف بقرارَي موسكو ضمّ شبه جزيرة القرم، ومنح الاستقلال لجمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك، مع ضمان حرية القوات الروسية لاستكمال العملية العسكرية حتى اجتثاث النازية الجديدة، والقضاء على ما جرى ضخّه إلى أوكرانيا من سلاح.