اندريه قصاص-لبنان24
لا حديث اليوم في العالم، ومن ضمنه لبنان، سوى عن الحرب الروسية – الأوكرانية ومدى إنعكاسها على الإقتصاد العالمي، مع ما يتردّد من إحتمال دخول هذا العالم في حرب عالمية ثالثة من غير المقدّر ما ستكون عليه نتائجها الوخيمة في كل المجالات، وبالأخصّ الإنسانية منها.
ولأن اللبناني يهتمّ بما يجري من حوله أكثر من غيره، وهو الذي كوته الحرب أكثر من غيره أيضًا، يعرف تمام المعرفة إلى أين ستقود هذه الأزمة، التي من شأنها أن تغيّر الكثير من المعادلات السياسية في العالم، وبالأخصّ في أكثر من ملف قد يكون لها تأثير مباشر على وضعية لبنان، كما على وضعية معظم دول المنطقة.
وعلى رغم مساوىء أي حرب في أي مكان من العالم على المستوى الإنساني وما تخّلفه من كوارث بشرية وأزمات إقتصادية ومعيشية فإنه يمكن القول إن الحرب الروسية – الأوكرانية قد أنست اللبنانيين، ربما إلى حين، أزماتهم و”حروبهم” الإقتصادية والإجتماعية، وقد تحّولوا مثل كل شعوب ودول المنطقة التي تتبّع ما يجري على بعد أميال منهم، وما سيكون عليه الوضع، حاضرًا ومستقبلًا ، وإنعكاسات وتأثيرات ذلك عليهم وعلى سائر شعوب منطقة الشرق الأوسط.
فاللبنانيون الذين خبروا مآسي الحرب التي عاشوها بكل تفاصيلها البشعة أعادت الحرب في أوكرانيا وما ينتج عنها من قتل وتدمير ونزوح، بعض صور الماضي اليهم ، وباتوا يدركون أكثر أهمية وقيمة الأمن النسبي السائد في وطنهم بفضل سهر الجيش والقوى الأمنية.
فالأمن هو نقطة القوة والعافية شبه الوحيدة المتبقية. وعلى رغم كل الصعوبات التي تواجهها لا تزال المؤسسات الأمنية شبه الوحيدة ايضًا التي تعمل تقريبًا بين مؤسسات الدولة بأقصى طاقتها، إذ لم يصبها ما أصاب المؤسسات الأخرى من تعطل وتصدّع وتفكّك وتحلل.
فاللبنانيون يدركون أكثر من أي وقت مضى، وأكثر من غيرهم، أن الحرب تأكل الأخضر واليابس وتقضي على مستقبل الشعوب وتنغّص عيشتهم، ويحاولون قدر المستطاع، وعلى رغم الوضع الإقتصادي المزري، أن ينعموا بالقدر الكافي من الأمن النسبي الذي تعيشه البلاد، مع ما يشهدونه من خروقات وثغرات متزايدة في بعض المناطق، التي يحاول بعض المصطادين بالمياه العكرة إستغلال بعض مكامن الضعف.
فالأمن، وفق ما تؤكدّه المراجع المسؤولة، لا يزال جيدًّا بالإجمال وهو مقبول نسبيًا، وما زال تحت السيطرة، في ضوء ما أنجزته القوى الأمنية وأجهزتها منذ مطلع السنة وحتى اليوم في مجالات كثيرة ومنها كشف بعض خلايا “داعش” في أكثر من منطقة، وبالأخص في المناطق الشمالية، وتوقيف عناصر تابعة لهذا التنظيم من التابعية الفلسطينية التي تأخذ مركزًا لها في مخيم عين الحلوة وكانت تخطط لتفجيرات إرهابية وانغماسية في الضاحيةالجنوبية، مع تكثيف حملات المداهمة المتواصلة للجيش في بعض أحياء طرابلس بحثًا عن عناصر مرتبطين بـ”داعش” أو عناصر متطرفة ومطلوبين للعدالة في جرائم قتل وسرقة، بعد تعاظم حال الفلتان الأمني والتسيب في عاصمة الشمال، إضافة إلى حملة مداهمات لمصانع تصنيع وتوضيب المخدرات وبالأخص تصنيع الكبتاغون في البقاع، خصوصا في بعلبك ومحيطها، وذلك في إطار إجراءات مكافحة التهريب الى دول الخليج العربي.
ولأن لا حديث اليوم يعلو الحديث عن تفاصيل الحرب في أوكرانيا فإن التركيز يجري على غير صعيد رسمي لتأمين المواد الغذائية كالقمح الذي يستورد من أوكرانيا وروسيا عبر قنوات جديدة، مع إستمرار السهر على الأمن والإستعداد لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها من دون أن يكون لأي عامل خارجي تاثيرات تذكر في أي تأجيل محتمل، والذي يبقى واردًا على رغم كل التأكيدات التي تأتي من المراجع الرسمية ومن مختلف الأحزاب.