لم يتغير موقف القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية المعارض لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، وهو ما أثبتته الدعوات المستمرة لاعتماد الخيار العسكري ضد إيران، وانها غير ملزمة بالاتفاق حتى بعد دخول واشنطن على خط التهدئة لأجل ضمان استمرار المفاوضات، لكن رغبة الأخيرة في إتمام الاتفاق جعل من تل أبيب تتخذ منحى آخر ولجأت إلى التعويل على التجنيد والتجييش ضد طهران لكبح جموح برنامجها النووي حسب زعمها.
صحيفة هآرتس أشارت في مقال لها إلى انه “ليس لإسرائيل الآن أي قدرة على التأثير في بنود الاتفاق النووي الذي تتم مناقشته في فيينا”، معتبرة ان “إسرائيل” ستستمر بـ” تجنيد مؤيدين كثيرين لمحاربة إيران”.
النص المترجم:
في حزيران الماضي؛ بعد بضعة أسابيع على أداء الحكومة الجديدة لليمين، اعترف مصدر إسرائيلي رفيع بأن تأثير “إسرائيل” على مضمون الاتفاق الآخذ في التبلور بين إيران والدول العظمى هو صفر: “ليس لإسرائيل الآن أي قدرة على التأثير في بنود الاتفاق النووي الذي تتم مناقشته في فيينا”، قال هذا المصدر الرفيع، وأضاف: “عملياً، في المحادثات النووية إمكانيتان فقط، إما العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي أو ألا تكون عودة. لا خيار آخر”. ومرت سبعة أشهر إلى أن أصبح التقدير واقعاً. فخلال أيام، قد توقع الولايات المتحدة مع إيران من جديد على الاتفاق الذي انسحبت منه، مع “تعديلات بسيطة”، حسب قول مصدر مطلع على المحادثات. تأثير إسرائيل على مضمونه، كما يبدو، هامشي. “لن يبقى الكثير من الأطراف التي هي بحاجة إلى الربط”، أكد مصدر آخر.
رئيس الحكومة نفتالي بينيت، وفر إطلالة على المعلومات التي جمعتها “إسرائيل” عن المحادثات حول الاتفاق. في الخطاب الذي ألقاه في لجنة الرؤساء في القدس، وصف بينيت طلب إيران رفع “حرس الثورة” من قائمة التنظيمات الإرهابية، بأنه ذروة الوقاحة. هكذا اعتبر رئيس الحكومة هذا الطلب الذي من غير الواضح حتى الآن إذا ما سيشمله الاتفاق النهائي. المعلومات عن طلب إيران هذا لم يتم نقلها إلى “إسرائيل” من الإدارة الأمريكية كجزء من محادثات التحديث الوطيدة، بل عبر دولة ثالثة تتفاوض مع إيران، كجزء من الجهود الدبلوماسية الكبيرة التي تبذلها “إسرائيل” مع كل الشركاء في الاتفاق. وكشف بينيت عن طلب آخر لإيران ولم يستجب له كما يبدو، وهو يتعلق بإغلاق ملفات تحقيق تجريها وكالة الطاقة النووية بشأن خروقات سابقة للاتفاق.
سبق وسلمت “إسرائيل” بإمكانية توقيع الاتفاق خلال بضعة أيام. جهود الإعلام والخطابات والمقابلات التي قام بها بينيت، ووزير الدفاع غانتس، ووزير الخارجية لبيد، لم تعد تتركز على محاولة التأثير على المسودات التي يتم تداولها على الطاولة. يتم تجنيد منظومة الدعاية في “إسرائيل” الآن بالأساس لصالح اليوم الذي سيلي الاتفاق، لرسم حدود عمل “إسرائيل” حيال إيران في الواقع الجديد، ومحاولة تجنيد المجتمع الدولي لاتفاق أكثر أهمية إزاء إيران في اليوم الذي سينتهي فيه مفعول الاتفاق الحالي في العام 2030. “إذا تم التوقيع على الاتفاق فلن يكون نهاية المطاف”، قال غانتس، في خطابه في لجنة الأمن في ميونيخ كجزء من الخط الجديد. “هناك حاجة إلى العمل للتأكد من أن إيران لن تواصل التخصيب في منشآت أخرى، وزيادة الرقابة. يجب الاهتمام بأن مفعول الاتفاق لا يسمح لإيران بتحويل القيود إلى منتهية الصلاحية”. يجب اتخاذ النشاطات التي تضمن بألا تصبح إيران دولة عتبة نووية في يوم من الأيام. وعلى العالم ألا يسلم بذلك، ولن تسلم “إسرائيل” بذلك.
بينيت نفسه ينشغل مؤخراً في لقاءات ومحادثات مع أعضاء كونغرس ديمقراطيين وجمهوريين، كثير منهم لا يعرفون بأن جزءاً جوهرياً من بنود الاتفاق سينتهي مفعولها بعد سنتين ونصف، وأن الاتفاق سينتهي مفعوله بعد ثماني سنوات، وسيمكن إيران من الدفع قدماً ببرنامج عملي بكامل الزخم. تقدر “إسرائيل” أنه من السهل فهم هذه الرسالة، وستساعد في تجنيد مؤيدين كثيرين لمحاربة إيران. قبل بضعة أيام، أرسل 200 جمهوري من مجلس النواب رسالة للرئيس الأمريكي جو بايدن، حذروا فيها من أنه إذا لم يتم تقديم الاتفاق لمصادقة الكونغرس، فسيكون مصيره بائساً كمصير الاتفاق السابق. تعتمد “إسرائيل” على العضلات التي ستستعرضها تلة الكابتول، وعلى تقلبات رؤساء النظام في طهران، ويريدون زيادة حدة الرسالة في أذن شركات ودول تريد المتاجرة الآن مع إيران. قد يوقع الاتفاق في نهاية المطاف، لكن ليس واضحاً كم من الوقت سيصمد.
المصدر: هآرتس
الكاتب: يونتان ليس