في نهاية شهر كانون الثاني الماضي، سلّم وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الرد اللبناني على الورقة الخليجية، خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في الكويت، والتي حوت 12 بنداً بهدف رأب الصدع في العلاقات الخليجية – اللبنانية، وبناء جسور الثقة ووفقاً للمعطيات الناتجة من الأزمة الأخيرة، التي تتطلب اتخاذ إجراءات وخطوات ثابتة لإزالة أي خلاف، واختصرت تلك الورقة بضرورة التزام لبنان بجميع قرارات الشرعية الدولية، وقرارات جامعة الدول العربية، وبإعتماد سياسة النأي بالنفس بالفعل لا بالقول، مع وضع إطار زمني محدد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن رقم 1559 الخاص بنزع سلاح “الميليشيات” في لبنان، والقرار رقم 1680 بشأن دعم سيادة واستقلال لبنان السياسي، والتأييد التام للحوار الوطني اللبناني، والقرار 1701 الخاص بسلاح حزب الله ومنطقة الجنوب، وفق المبدأ الأساسي في سيطرة الدولة على وجود السلاح خارج سلطة الحكومة اللبنانية، مع وقف كافة أنشطة الجماعات المناوئة لدول مجلس التعاون ، وملاحقة كل من يحاول التحريض على العنف أو يشارك فيه، والالتزام بإجراء الانتخابات النيابية ومن ثم الرئاسية، وتطبيق إتفاق الطائف”.
هذا ابرز ما ورد في الورقة الخليجية، التي اتى الرد اللبناني عليها متحفظاً وسائراً بين الالغام السياسية، خصوصاً في ما يتعلق ببند القرار 1559، وفق مصادر سياسية رسمية اعتبرت أنّ على العرب والعالم تفهّم قضية سلاح حزب الله، مع حرص لبنان على أفضل العلاقات مع الدول العربية، والتزامه إتفاق الطائف والقرارات الدولية، وطلب إنشاء لجنة لبنانية – خليجية للتنسيق السياسي والأمني، مع الكثير من السطور التي تسيطر عليها الديبلوماسية السياسية، والكلام الراقي الهادف الى عودة العلاقات مع الاشقاء، والى ما هنالك من كلام معسول، لكن لغاية اليوم لم يصل بعد الرد الخليجي على الرد اللبناني، اذ من الوارد ان تطبق هنا مقولة “الصمت ابلغ من الكلام”، لا مقولة “الصمت علامة الرضى”، او كأنها حملت رسالة جديدة مفادها وفق مصادر سياسية مواكبة للورقة الخليجية، “لا ترّدوا علينا بالكلام المعسول كالعادة، لاننا ننتظر موقفاً لبنانياً واضحاً من الدولة اللبنانية”، معتبرة أنّ موقف لبنان مرتبط باعتبارات اقليمية ودولية، وليست به وحده، لذا لجأ المسؤولون اللبنانيون الى هذه الطريقة بالرد لانها الاضمن لهم، فيما على الخط الشعبي معظم اللبنانيين يأملون بعودة العلاقة اللبنانية – الخليجية، التي وصلت الى طريق مسدود بعد التوتر الذي حصل من جرّاء تهريب الممنوعات الى السعودية، التي ادت الى ازمة ديبلوماسية تطورت وكادت ان تصل الى ما لا يحمد عقباه.
الى ذلك سألت المصادر المذكورة عن سبب الصمت الخليجي إزاء الرد اللبناني، معتبرة أنه لن يحصل، او سيبقى ضمن خانة عدم الاهتمام به، لانه لم يلق تجاوباً وقبولاً منهم، اي انّ المضمون لم يكن على قدر المستوى الذي انتظروه، مما يعني انّ العلاقة السلبية بين لبنان ودول الخليج ستراوح مكانها، ولا مجال للتقدّم نحو الخط القابل للتجدّد او تخطي الماضي القريب، خصوصاً بعد ورود معلومات بأنّ الردّ اللبناني على الورقة الخليجية لم توافق عليه الرياض، لانه لم يصدر عن مجلس الوزراء، بل اتى ضمن إتفاق وافق عليه رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة بالتوافق مع البعض، وهذا سيساهم اكثر في رفض الدول الخليجية مساعدة لبنان، الذي لم يقم بأي خطوة كي نقوم بهذه المهمة، بعد ان سار نحو اتجاه سياسي مرفوض من قبل تلك الدول.
وفي اطار التداعيات المرتقبة حول عدم الرد لغاية اليوم، اعتبرت المصادر أنّ الشعب اللبناني ما زال يتأمل بمساعدة مادية للبنان من قبل هذه الدول، فيما هذا الامر غير وارد، فهنالك “خزعبلات” ستنفجر قريباً امام اللبنانيين، والدولار سيرتفع اذا تأزمت العلاقات اكثر، ولبنان سيدفع الفاتورة الكبرى، والمطلوب من الدولة اللبنانية حتى ولو لجأت الى التمثيل السياسي، ان تبدو سيادية، املة ان يبقى الصمت سائداً لانه يعني فترة هدوء في العلاقات، مع الامل ألا يحدث اي خرق يعيد التوتر وعندئذ الطامة الكبرى، لانهم هذه المرة لن يسكتوا وسوف يلجؤون الى ردود فعل غير متوقعة خصوصاً اذا تعرضوا لأي اذى.