عمر البردان -اللواء
تثير حملة العهد عبر إجراءات القاضية غادة عون، الكثير من الأسئلة حول أبعادها وتوقيتها، في الوقت الذي بدأت ترخي تداعياتها بثقلها على الوضع الداخلي، وترفع من وتيرة الاحتقان السياسي والطائفي، غداة الادعاء على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، بعد «مطاردة» حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وإعلان القاضية عون، استمرارها في ملاحقته حتى توقيفه. ويبدو بوضوح أن العهد ماض في هذه الحملة التي إن استمرت على هذه الوتيرة التصاعدية، ستأخذ البلد إلى مكان آخر، في ظل رفض واسع لدى القيادات السياسية والروحية السنية، لملاحقة اللواء عثمان، من جانب القاضية عون التي وجه إليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انتقادات، بسبب ما أقدمت عليه بحق حاكم «المركزي» ومن بعده المدير العام لقوى الأمن الداخلي، في مؤشر وفق معلومات «اللواء»، على أن الرئيس ميقاتي لن يقف مكتوف الأيدي إذا استمرت القاضية عون في ممارساتها على هذا النحو، بعدما برز بشكل لم يعد خافياً على أحد، أنها تسير وفق أجندة سياسية قضائية للعهد الذي يريد تحقيق مكاسب في نهاية ولايته، تعيد تلميع صورته في الانتخابات المقبلة.
وأشارت المعلومات، إلى أن «اللواء عثمان لن يحضر جلسة الاستماع إليه، وأن مروحة الاعتراضات على ما اتخذ بحقه، سوف تتسع على أكثر من صعيد في الأيام المقبلة، وتحديداً من جانب «تيار المستقبل» الذي يعتبر أن التعرض لمدير قوى الأمن الداخلي، هو استهداف سياسي له، لا يمكن القبول به تحت أي ظرف من الظروف، وسط خشية من تحول هذا الملف إلى كرة ثلج طائفية، قد تقود البلد إلى موجة احتقان جديدة على قدر كبير من الخطورة»، وهذا بالتأكيد سيدفع قوى سياسية إلى التوحد في مواجهة مخطط العهد هذا، والذي تقول المعلومات، أن هناك شخصيات سياسية وأمنية ومصرفية، قد تصبح في دائرة الاستهداف القضائي، على غرار سلامة وعثمان، في سياق عملية تصفية الحسابات، ما سيضع الحكومة حكماً في موقع لا تحسد عليه مطلقاً، توازياً مع تصاعد الضغط الشعبي الرافض لإجراءات القاضية عون، وتحديداً في الوسط السني.
وفي الإطار، وإذ تكشف مصادر سياسية، أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري، هو الآخر، غير راض عن تصرفات العهد، وبالتالي فإن صمته عما يحصل حتى الساعة، ليس أبدا دليل رضى، فهو يعتبر ان المسّ بسلامة سيعرّض الأمن الاجتماعي والمالي لخضة كبيرة هو في غنى عنها الآن»، فإنها تعتبر أن هناك خشية حقيقية على تماسك الحكومة الهش أصلاً، بمعنى أن سياسة إبعاد القضايا الخلافية السياسية والقضائية والاستراتيجية عن طاولة مجلس الوزراء، وتكريس اجتماعاته للملفات المعيشية والمالية فقط لا غير، قد لا تنجح، بعدما قفزت التطورات القضائية المتصلة بما تقوم به المدعية العامة في جبل لبنان، إلى الواجهة واحتلت صدارة الأحداث. والسؤال الذي يطرح نفسه، إلى متى سيبقى رئيس الحكومة قادرا على تحمل كلفة تصرفات العهد؟ وهل أن الحكومة قادرة على تحمل تبعات هذه الاستهدافات التي تنذر بمضاعفات أكبر من قدرة العهد والدائرين في فلكه على تطويقها، والحد من أضرارها التي ستصيب الجميع؟
لا يبدو رئيس الحكومة مستعداً بأي شكل من الأشكال، لتغطية ما تقوم به القاضية عون، وهو سيكون واضحاً في سلسلة مواقف سيطلقها بعد عودته من ألمانيا، في رفضه أي تسييس في عمل القضاء، وسيكون حازماً في عدم الموافقة على أي إجراء خارج الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، بعدما سبق وأعلن أنه غير موافق على حملة العهد و«قضائه» على الحاكم سلامة، فكيف بالحري بعدما أصبح اللواء عثمان هو المستهدف، وما أثاره ذلك من امتعاض واسع في الأوساط السياسية والروحية السنية، ترك صداه بطبيعة الحال في الأوساط المحيطة برئيس الحكومة الذي يدرك جيداً، أن استمرار التمادي من جانب بعض فريق السلطة، سيعمق الانقسام أكثر فأكثر.
وفي حمأه تزاحم الملفات السياسية والقضائية، وسط تصاعد حدة الصخب الداخلي، اتجهت الأنظار إلى الجبهة الجنوبية، بعد إعلان إسرائيل إسقاط مسيرة لـ«حزب الله»، في حادث مقلق، يأتي غداة كشف الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، عن حيازة حزبه لصواريخ دقيقة، وأنه أصبح قادراً على صناعة المسيرات، وسط صمت مطبق من جانب أركان الحكم. وهذا بالتأكيد يثير مخاوف من أن تعمد إسرائيل إلى اتخاذ ما كشفه نصرالله، مبرراً للاعتداء على لبنان. في وقت تركت موافقة لبنان على الخط 23 بدل 29 في مفاوضات الترسيم البحري، الكثير من التساؤلات التي دفعت الجانب اللبناني للتنازل عن حقه، وهل هذا التنازل كان بعلم الحزب؟ وتالياً هل أعطى الموافقة على ذلك؟ وبالتالي لماذا هذا الصمت عن هذه «الفضيحة» إذا صح التعبير؟ وسط توقعات بتفاعل القضية أكثر في المرحلة المقبلة، بعدما أضاع لبنان سنوات وهو يطالب بحقوقه المالية.