الحدث

أردوغان يبيع القضية الفلسطينية بمشروع غاز المتوسط

العلاقات ما بين إسرائيل وتركيا

لم تكن العلاقة ما بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وتركيا يوماً، ذات طابع عدائي تام. بل إن العلاقة ما بينهما كانت دوماً، ذات طابع استراتيجي يشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية.  بعكس ما كانت الدولة التركية تدّعيه من دعم للقضية الفلسطينية، الذي لم يكن ليتخطى حدود الدعم الإنساني والمعنوي، والذي لا يقدم الكثير لهذا الشعب المستضعف، مقارنة بما يلقاه من دعم من دول أخرى.

وقد بدأت العلاقة ما بينهما منذ أذار / مارس للعام 1949، وكانت تركيا حينها أول دولة ذات غالبية مسلمة تعترف بدولة إسرائيل. ورغم تولي حزب التنمية والعدالة – ذو الفكر الإسلامي القريب من مدرسة الإخوان المسلمين- للحكم، إلا أن علاقة قادة هذا الحزب استمرت بمسؤولي الكيان، مع تعرضها لعدة نكسات مدّ وجزر في العام 2010، حينما نفذت قوات الكوماندوس الإسرائيلي مجزرة أسطول الحرية على سفينة مرمرة. واستمرت هذه النكسة في العلاقات حتى العام 2013، حينما أرضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باعتذار من رئيس وزراء الاحتلال “بنيامين نتنياهو”. ثم تم تطبيع العلاقات في العام 2016، لكنها تدهورت في العام 2018، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس وتحضير الجو العربي لمناخ التطبيع وما يسمى بصفقة القرن.

أما الآن، فيحاول كلا الطرفين إعادة تزخيم هذه العلاقات، رغبةً من كليهما في الاستفادة الاقتصادية من الثروة الغازية والنفطية، في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

وأولى بوادر هذا التزخيم، ما جرى منذ فترة وجيزة، من خلال تسليم جاسوسين إسرائيلين الى الكيان، كان يصوران قصر الرئيس أردوغان. ولاحقاً فيما زعم كلا الطرفين عن إحباط تركيا لعملية اغتيال، كانت أجهزة المخابرات الإيرانية بصدد القيام بها ضد رجل أعمال إسرائيلي. أما منذ أيام، في الـ 16 والـ 17 من الشهر الجاري، فقد وصل وفد تركي برئاسة إبراهيم كالين كبير مستشاري السياسة الخارجية لأردوغان، ونائب وزير الخارجية “سادات أونال” من أجل التحضير لزيارة رئيس الكيان إسحاق هرتسوغ إلى أنقرة.

سبب إعادة العلاقات: الغاز والنفط

يعتبر أبرز أهداف إعادة العلاقات، هو ملف شرق المتوسط وتوزيع الثروات فيه. ذلك أنه بات مؤخراً أحد أهم أولويات السياسة الخارجية التركية، لما له من تأثير إستراتيجي يتعلق بالتنافس مع الخصم التقليدي اليونان، وأمن الطاقة وكذلك التنافس الجيوسياسي في المنطقة.

وعليه بدأت أنقرة البحث عن شركاء يمكنها الاتفاق معهم، على ترسيم الحدود البحرية وتحديد المناطق الاقتصادية الخالصة بما يدعم مصالحها. فكانت إسرائيل الخيار المفضل عند أردوغان، حتى أنه قال منذ أيام بأنه مستعدّ للتعاون معهم، في مشروع خط أنابيب غاز في شرق البحر المتوسط، معلناً عن ترحيبه بالرئيس “هرتسوغ”، وواصفاً نهج رئيس وزراء الكيان “نفتالي بينيت” بالإيجابي، ومضيفاً بأن الأتراك سيبذلون قصارى جهدهم للتعاون على أساس تحقيق الفائدة للجميع. خاتما قوله بأنه “نحن كسياسيين، لا ينبغي أن نسعى للقتال بل للعيش بسلام”.


الكاتب: الخنادق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى