ملاك عقيل -أساس ميديا
أعقبت عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس من زيارة خاصة للأردن اتصالات مع الثنائي الشيعي كان الهدف منها تطويق ذيول جلسة “خميس” التعيينات والموازنة والتحضير لأجواء هادئة لجلسة اليوم في قصر بعبدا. وقد اجتمع الخليلان (النائب علي حسن خليل ومساعد أمين عام حزب الله الحاج حسين خليل) مع ميقاتي ليل أمس الأوّل، في محاولة لتجاوز “اللغم” الذي كاد أن يفجّر مجلس الوزراء.
وهو اجتماع يستكمل، وفق معلومات “أساس”، اللقاء التنسيقي الذي عقده يوم الأحد فريق الثنائي الشيعي تحت عنوانين تلخّصهما مصادر الثنائي بالآتي:
– وزراء حركة أمل وحزب الله ومعظم الوزراء في الحكومة أكّدوا أنّ الموازنة “هُرّبت” خلافاً للقانون ومن دون التصويت عليها، و”سجّلنا اعتراضنا”، لكنّ القرار “الشيعي” المتّخذ، بما أنّ مشروع الموازنة غير نهائي ولم يُقرّ، هو سلوكها مسارها الدستوري إلى مجلس النواب حيث سيكون للكتل السياسية والنيابية الكلمة الفصل فيها بعد “إعادة تشريحها” مجدّداً… بنداً بنداً.
– عدم توقيع وزير المال يوسف خليل على مراسيم التعيينات التي أُقرّت في الجلسة الأخيرة، مع “خط أحمر” عريض هو رفض طرح أيّ مسألة في مجلس الوزراء خارج الجدول المتّفق عليه مع رئيس الحكومة. لذلك لن يكون هناك تعيين اليوم الثلاثاء ولا في أيّ جلسة أخرى لنائب مدير عام أمن الدولة، لأنّ التعيينات بالأساس مرفوضة لأنّها خارج الاتفاق. أمّا تعيين ضابطين في المجلس العسكري فنعتبر بأنّه قرار غير موجود. وإذا وصل المرسوم إلى وزير المال لن يوقّعه.
ويذهب مصدر وزاري محسوب على الثنائي الشيعي إلى حدّ القول: “ميقاتي تذاكى علينا. “وما حدن أذكى من حدن”. هناك اتفاق تمّ مع رئيس الحكومة وعلى أساسه عدنا إلى مجلس الوزراء، ولا نسمح بخرق هذا الاتفاق”، مؤكّداً أنّ “ما حصل كاد أن يفجّر الحكومة من الداخل، ونحن لا نسعى إلى ذلك. البلد يمرّ بظروفٍ عصيبة ولا أحد يملك ترف التذاكي واستغباء الآخرين”.
أما جلسة الحكومة اليوم، وفق تأكيد أوساط عين التينة، فلن تشهد طرح بند تعيين نائب مدير عام أمن الدولة لا من ضمن جدول الأعمال ولا من خارجه.
مع ذلك ثمّة تسريبات بأنّ تعيين بديل عن العميد سمير سنان الذي أحيل إلى التقاعد سيكون الأخير في الحكومة، ولذلك تجرى اتصالات حثيثة لتمرير هذا التعيين “الشيعي” بعد تعيين عضويْ المجلس العسكري أمين عام المجلس الأعلى للدفاع (موقع سنّي) والعضو المتفرّغ (كاثوليكي) ومفوّض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار (درزي). وبذلك تُختتم سلّة التعيينات المُلتبسة إلى حين تنفيذ “شرط” الثنائي الشيعي لعودة “طبيعية” إلى جلسات مجلس الوزراء.
لا تعيينات
على الرغم من التصريحات العلنيّة التي أدلى بها رئيس الجمهورية ميشال عون إلى جريدة “الأخبار” حول عدم اتفاق حركة أمل وحزب الله على اسم الضابط الشيعي الذي سيعيّن نائباً لمدير عام أمن الدولة وطلب وزراء الثنائي تأجيل التعيينات إلى يوم الثلاثاء، يؤكّد المصدر الوزاري لـ”أساس” أنّ “هذا الكلام غير صحيح. فحتى لو عُرض علينا الأمر لن نقبل لأنّ مبدأ التعيين مرفوض أساساً حتى لو كان لدينا مصلحة بالتعيين لأنّه موقع شيعي”.
يشدّد المصدر عينه على أنّه “لن يكون هناك تعيينات ما لم يتمّ حلّ الأزمة، التي بسببها علّق الثنائي أمل وحزب الله مشاركتهما في الحكومة، من خلال إيجاد حل ليس فقط لطارق البيطار بل لأزمة المسلك القضائي العام المرتبط بملف انفجار المرفأ”.
ويقول: “الاتفاق واضح ولا نقبل بالخروج على بنديْ الموازنة وخطة التعافي المالي والبنود المعيشية والحياتية المرتبطة بها. ونحن نقرّر خطواتنا حين يتمّ حلّ “المشكل” الذي أدّى إلى المقاطعة. و”يللي مش قبلان على مهلو يقبل”.
الموازنة عادت إلى وزارة المال
في الوقائع، على الرغم من الفوضى التي سادت جلسة الخميس في قصر بعبدا وانفجار الخلاف بين جبهتيْ عين التينة-الضاحية، وبعبدا-السراي، أُقرّ في الجلسة نفسها مرسوم الموافقة على مشروع الموازنة ومرسوم إحالتها إلى مجلس النواب.
بعد الجلسة أحيل مشروع الموازنة مجدّداً إلى وزارة المال حيث يتمّ إجراء التعديلات اللازمة بناءً على الملاحظات التي أبداها الوزراء في الجلسة.
فور الانتهاء من “روتشة” الموازنة تُحال بموجب مرسوم موقّع من وزير المال يوسف خليل إلى رئاسة الحكومة فرئيس الجمهورية للتوقيع عليها، ثمّ تتمّ إحالتها بموجب قرار مجلس الوزراء إلى مجلس النواب حيث “المعركة الكبرى”.
هذا والطرف الشيعي الذي يتوعّد بالتصدّي لبنودها التي تحمّل المواطنين أعباء مالية إضافية هو نفسه “المشرف الأول” عليها، أي وزير المال المحسوب على هذا الفريق.
ويتوقّع مطّلعون “دوزاً” عالياً جدّاً من الشعبوية والمزايدات و”ردّ الثأر” في مجلس النواب، لا سيّما أنّ الموازنة تأتي في توقيت سياسي قاتل بسبب طابعها غير الشعبوي والموجع للغالبية الساحقة من اللبنانيين على أبواب الانتخابات النيابية.
التعيينات العسكريّة عالقة… أم مُلغاة؟
لن يكون التوقيع “الشيعي” على تعيين عضويْ المجلس العسكري العميد محمد المصطفى والعميد بيار صعب بسهولة وضع التوقيع الثالث على مشروع الموازنة.
موقع “أساس” كان قد كشف عن جدل في الكواليس حول مدى إلزامية توقيع وزير المال على مرسوم تعيين ضبّاط المجلس العسكري، لأنّ المرسوم الخاصّ بهما لا يتضمّن نفقات. لكنّ المعلومات أشارت إلى أنّه في جلسة الخميس الماضي تمّ فقط تعيين المصطفى وصعب عضوين في المجلس العسكري على الرغم من الاعتراض الشيعي، ولم يصدر مرسوم ترقيتهما إلى رتبة لواء كما كان يحصل عادة.
الفارق بين المرسومين أنّ التعيين يَصدر بموجب مرسوم عن مجلس الوزراء. ووفق قانون الدفاع يُعيّن عضو المجلس العسكري من الضبّاط العامّين المُجازين بالأركان من رتبة عميد، لكن جرت العادة أن يكون برتبة لواء. وهذا المرسوم لا يحتاج إلى توقيع وزير المال بالضرورة لأنّه لا يتضمّن نفقات إضافية.
أمّا الترقية إلى رتبة لواء فتصدر بموجب مرسوم عادي يوقّعه وزيرا الدفاع والمال (لأنّه يرتّب أعباء مالية عن فارق الرتبة) ورئيسا الجمهورية والحكومة، لكنّه لم يصدر في الجلسة نفسها بالتزامن مع مرسوم التعيين بسبب حالة الفوضى والتوتّر التي سادت الجلسة الشهيرة.
قانوناً، يُعتبر الضابطان محمد المصطفى الذي عُيّن أميناً عاماً للمجلس الأعلى للدفاع وبيار صعب، عضوين في المجلس العسكري، لكن من دون ترقيتهما (حتى الآن) إلى رتبة لواء.
الجدير ذكره أنّ قانون الدفاع نصّ على الآتي: “يرأس الأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع ضابط من رتبة عقيد وما فوق من ضباط الجيش في الخدمة الفعلية ولم يسبق له أن وُضِع في الاحتياط. ويُعيّن بمرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح من رئيس الوزراء ووزير الدفاع”. وبالتالي، ليس بالضرورة أن يكون الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع وعضو المجلس العسكري برتبة لواء.
يؤكّد مصدر وزاري عتيق لـ “أساس” أنّ “مراسيم تعيين ضباط المجلس العسكري لم تكن تصدر مرفقة بتوقيع وزير المال، بل فقط ما يتعلّق بمرسوم الترقية إلى رتبة لواء. لكنّ مرسوم تعيين اللواء محمود الأسمر أميناً عاماً للمجلس الأعلى للدفاع عام 2019 تضمّن توقيع وزير المال”.
في المقابل تقول أوساط الثنائي الشيعي: “مرسوم التعيين يجب أن يوقّعه وزير المال لأنّ هناك مخصّصات مالية لكل أعضاء المجلس العسكري في كل جلسة يشاركون فيها”.
جلسة الثلاثاء
مع استبعاد تعيين نائب مدير عام أمن الدولة تضمّن جدول أعمال الجلسة التي ستُعقد اليوم في القصر الجمهوري 18 بنداً، أهمّها البند رقم واحد حول خطة الكهرباء والمنتظر أن يُؤدّي إلى كباش ونقاشات حادّة داخل الحكومة، والبند 2 حول طلب وزارة الطاقة والمياه تمديد العمل بآلية شراء المشتقّات النفطية بشكل مباشر (Spot cargo)، والبند 4 حول طلب وزارة الداخلية الموافقة على التدابير الواجب اتّخاذها لإجراء الانتخابات النيابية وتأمين الاعتمادات المالية لها.
أمّا باقي البنود فترتبط بالترخيص لإنشاء جمعية، تعديل تصنيف عقارات، تأمين أدوية للمساجين عبر اتفاق رضائي، طلب وزارة الخارجية الإعفاء الجمركي لـ10 سيارات عائدة لسفارة دولة قطر، تعيين سفراء فوق العادة، تمديد عقود لمتعاقدين، قبول هبات.