اندريه قصاص-لبنان24
الخطوة السياسية التي أقدم عليها حزب الكتائب في البترون عبر دعمه ترشيح المحامي مجد بطرس حرب خطوة غير مألوفة في العمل السياسي التقليدي، وهي تخطّت مفاهيم كانت سائدة في تعاطي الأحزاب مع حلفائها، والتي كانت تقوم في الأساس على قاعدة تبادل الخدمات بإعتبار أن لا شيء مجانيا في العمل السياسي.
ما فعلته الكتائب فاجأ الكثيرين، حلفاء وأخصامًا، ومن بينهم بعض الكتائبيين، الذين لم يستوعبوا للوهلة الأولى أبعاد هذه الخطوة المتقدمة والجريئة في آن، ومن بينهم النائب السابق سامر سعاده، الذي قدّم إستقالته من رئاسة إقليم البترون الكتائبي إحتجاجًا على هذه الخطوة، التي وصفها بـ”التدميرية”.
وبعيدًا عن حسابات الربح والخسارة في العملية الإنتخابية، فإن تخطّي الكتائب لذاتها في أهمّ خطوة سياسية بهذا الحجم يُعتبر نهجًا جديدًا في المقاربات السياسية غير التلقيدية، والتي لم تكن من أساسيات العمل السياسي حتى داخل جدران الصيفي.
وفي إعتقاد بعض المصادر القريبة من مركز القرار في القيادة الحزبية الكتائبية أن دعم ترشيح إبن تنورين على حساب إبن شبطين، وهو كان نائبًا عن البترون بإسم الكتائب، هو خطوة أولى في مسار التحالفات الجديدة، التي سينتهجها حزب الكتائب في خياراته الإنتخابية في أكثر من دائرة، حيث ستؤخذ في الإعتبار المصالح التي تتخطّى بإبعادها ظرفية الإنتخابات، التي لن يكون لربح نائب أو لخسارة آخر أي تأثير في الإستراتيجيات السياسية ضمن الفريق الواحد، الذي يؤمن بالمبادىء ذاتها، والذي يؤسس لحركة سياسية متحررة من التراكمات الماضية.
فما فعلته الكتائب في البترون قد تقدم عليه في غير دائرة، خصوصًا إذا رأت أن المصلحة الوطنية العليا تقضي بتجاوز ما يعتبره الآخرون نوعًا من عملية التهميش لدور أقدم الأحزاب المسيحية وأكثرها عراقة في العملين السياسي والوطني.
ووصف هؤلاء الآخرون هذه الخطوة بأنها متهورة، وجاءت في الوقت الذي تحتاج فيه الكتائب إلى تعزيز حضورها في الندوة البرلمانية، بعد إقدام نوابها الأربعة إلى تقديم إستقالاتهم من دون الأخذ في الإعتبار مفاعيل هذه الخطوة على معنويات القاعدة الكتائبية.
وفي الإعتقاد أن إقصاء سامر سعادة، وهو إبن الرئيس السابق للحزب، يُعتبر ضربة للنضال الكتائبي في الشمال عمومًا وفي البترون خصوصًا، وتخطّيًا لتضحيات بعض الكتائبيين، الذين سيجدون أنفسهم خارج الإصطفاف الحزبي للمرّة الأولى منذ إنتسابهم إلى الحزب، حتى قبل أن ينتسب من هم على رأس القيادة الحزبية اليوم.
في المقابل ترى مصادر كتائبية ملتزمة أن ما أقدم عليه الحزب في البترون، وقبل ذلك عبر الإستقالات الجماعية من مجلس النواب، وقبل قبل ذلك من مجلس الوزراء، ينسجم مع خطّه التاريخي، والذي يرتبط في الأساس بما يقرّبه من القواعد الشعبية، وبما يتماهى ويتماشى مع مطالب إنتفاضة ١٧ تشرين الأول، والتي هي نفس الطروحات التي قامت عليها الكتائب منذ اليوم الأول لتأسيسها.
وتقّلل هذه المصادر من أهمية الحركة التي يحاول سامر سعادة القيام بها، والتي تبقى محصورة، في رأيها، في نطاق ضيّق، من دون أن يكون لها تأثيرات سلبية على منهجية العملية الإنتخابية.
وتقول هذه المصادر أن المعالجات يحب أن تكون داخل الغرف المغلقة وليس عبر الإعلام، خصوصًا أن لجميع الكتائبيين، على مختلف مواقعهم، أدوارا لا يمكن التنكّر لها أو تجاوزها لأي سبب كان.