الموارنة والتحدّي الكبير: مواجهة “الذمّيين” و”الإحتلال الفارسي”… وصناعة التغيير
ألان سركيس-نداء الوطن
يحلّ عيد مار مارون هذا العام وسط توالي الإنهيارات في الكيان الذي صنعه الموارنة وأرادوه وطناً حديثاً لكل أبنائه، لا وطناً قومياً مسيحياً.
يقول المفكّر الراحل شارل مالك انه «يُطلب من الموارنة الكثير لأنهم أعطوا لبنان الكثير»، وبالتالي لا مجال لهذه الطائفة أن ترتاح أو تتقاعد خصوصاً وأن البلاد بأقصى حاجة إلى جهودها.
ويأتي عيد مار مارون في حين أن البلاد بحاجة إلى أعجوبة كي تخرج من الإنهيار الكبير الذي تغرق فيه، وهذا الإنهيار سببه 15 سنة من الحرب الأهلية، ومن ثمّ إحتلال سوري وسياسات مالية خاطئة وصولاً إلى سطوة «حزب الله» على الحكم وتحكّمه بمفاصل الدولة. ولا بدّ في هذا العيد من أن يتذكّر الموارنة أنهم أمناء على هذا الوطن، فلا مجال للشرذمة حتى لو خرجت فئة لبنانية من عمقها الوطني وأعلنت تأييدها لإيران عقيدةً وتسليحاً وولاءً عابراً للحدود.
لا شكّ أن كل ما يحصل هو بالشراكة بين جميع المكوّنات التي لم تسارع إلى المعالجة، ولا يمكن تحميل شخص لوحده مسؤولية الإنهيار، بل إنه صناعة مشتركة ومتوارثة.
قبل ولادة لبنان الكبير، واجه الموارنة الغزاة من مماليك وعباسيين ومغول وتتر وصمدوا وانتصروا، فكانت ولادة لبنان الكبير في 1 أيلول 1920.
يُؤخذ على قسم من الموارنة أنه تخلّى عن جذوره وخطّه التاريخي بعدما كان الموارنة رواد الحداثة والتجديد، وأسسوا الكيان في زمن حكم «المارونية السياسية» الذي تحوّل إلى «سويسرا الشرق».
قد يكون إتفاق مار مخايل في 6 شباط 2006 خطاً مفصلياً في تاريخ المسيحيين، إذ حاول «التيار الوطني الحرّ» إستغلال هذه النقطة من أجل الإيحاء بأنه ممثل «المسيحية المشرقية»، وذهب بعيداً في استغلال الأصوات التي منحه إياها أبناء جبل لبنان للقول إنه باستطاعته تغطية مشروع «حزب الله» الذي يتناقض مع الخط التاريخي للموارنة ملتصقاً بخط «البعث» السوري.
يقف الموارنة اليوم وقبل أشهر من إنتخابات 2022 أمام محطة مفصلية، إذ إن جزءاً من الحل في يدهم، فالمطلوب ليس حمل السلاح أو القتال على الجبهات، بل مواجهة سيطرة «الدويلة» ومجابهة الإحتلال الفارسي عبر صناديق الإقتراع.
الناظر من بعيد يرى أن هذه المهمة أكثر من سهلة، لكن الحقيقة أن «الذمية» تتغلغل بشكل كبير في المجتمع وبات بعض العونيين يضعون صورة السيد حسن نصرالله بجانب صورة مار شربل وشفيعهم مار مارون.
ويرى أكثر من قطب ماروني أنه بالإمكان «تشليح» الغطاء المسيحي لـ»حزب الله»، لذلك فإن المعركة ستتركّز في الأقضية والدوائر ذات الغالبية المسيحية لأن هذه الإنتخابات ستحدّد مصير لبنان.
ومن جهة أخرى، فإن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يستمر بقيادة مشعل المواجهة في وجه أعداء الدولة وكل الإحتلالات الداخلية والخارجية، وهو يطرح الحياد كمعبر للحل الدائم ويحاول وصل ما انقطع من علاقات لبنان بمحيطه العربي والعالمي.
وفي السياق، فإن الموارنة أمام مهامّ تاريخية، أوّلاً، إنقاذ لبنان كما يحاول فعله البطريرك، وثانياً، تحرير الدولة من هيمنة «الدويلة» ومواجهة مشروع الإحتلال الإيراني، وثالثاً، إعادة البلد إلى عصر الحداثة كما كان أيام الأجداد والأمجاد.