الحدث

جعجع يصوّب على “شياطين مار مخايل”… وقائد الجيش “يحصّن” طرابلس نصرالله يتّهم اليرزة بـ”أمركة الإمرة”: سلاحنا “أكبر بكتير” من الانتخابات

خلال زيارة العماد جوزيف عون لدار الإفتاء في طرابلس أمس (موقع الجيش)

نداء الوطن

في المشهد الرسمي، حراك مكوكي في أكثر من ملف وأكثر من اتجاه يحاكي امتلاك الدولة زمام المبادرة والحل والربط والبتّ في القضايا الاستراتيجية والحيوية المتصلة بمصير البلد وأبنائه، فالحكومة تكثف جلساتها لإقرار الموازنة العامة ومناقشة بنود تربوية ومالية وكهربائية وحياتية على جدول أعمالها، والسلطة تستأنف نقاشاتها مع الموفد الأميركي السفير آموس هوكشتاين الذي وصل بيروت أمس لاستكمال البحث في قضية ترسيم الحدود الجنوبية البحرية، والتصريحات والتحضيرات الرسمية تتواصل لتأكيد النية في ملاقاة المتطلبات العربية والدولية في مقاربة مسائل الإصلاح والإنقاذ لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته… أما على الجانب غير الرسمي من المشهد، فالمكتوب على جبين الدولة يُقرأ باختصار من العناوين التي يطرحها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في كل إطلالة إعلامية جديدة له، فيرسم خطوطه العريضة لخارطة “المسموح وغير المسموح” إزاء وضع البلد ومصيره ومساره، وما على اللبنانيين سوى الاقتداء بهديه تحت طائل تصنيفهم في مصاف “الخصوم والأعداء”.

وبهذه الروحية، أطل نصرالله مساءً عبر شاشة “العالم” الإيرانية ليفهرس مواقف “حزب الله” من مجمل الاستحقاقات الراهنة والداهمة على الساحتين الوطنية والإقليمية، مخصصاً حيزاً واسعاً من كلامه لترسيم سقوف وحدود المقاربات اللبنانية في هذا الاتجاه أو ذاك، على أنّ الأخطر في رسائله أمس تمثل بتصويبه النافر على المؤسسة العسكرية من زاوية التشكيك بولائها الوطني وإلصاق شبهة “أمركة الإمرة” في الجيش عبر حديثه عن وجود “ضباط أميركيين في اليرزة” ملمّحاً إلى احتمال تأثيرهم على القرارات التي تتخذها قيادة الجيش، مع إضفائه في الوقت عينه أجواء الشبهة والارتياب على التواصل المستمر بين السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا وقيادة المؤسسة العسكرية، باعتبارها “لازقة بالجيش وما بتتعزل من عندهم”.

وإذا كان الأمين العام لـ”حزب الله” لم يخرج، في العناوين الإقليمية والعربية والدولية، عن سياق التمجيد بـ”نموذج الحكم الإسلامي الإيراني”، مقابل الذمّ بنماذج حكم “الإسلام الأميركي” في الدول الإسلامية والعربية والخليجية الأخرى، فإنه تطرق في الملف اللبناني إلى محاور مفصلية مطروحة على بساط البحث، وفي مقدمها القرار 1559 والانتخابات النيابية. إذ رأى أنّ كل من يطالب بتنفيذ هذا القرار الدولي إنما يستخدم “مصطلحات العدو وأدواته”، ليرتقي تالياً ببعض الأطراف اللبنانيين الذين يدعون إلى تسليم سلاح “حزب الله” الى الدولة اللبنانية إلى مرتبة “الأعداء في لبنان”، متهماً السفارة الأميركية بتمويل عشرات الـ”NGOs” للدفع باتجاه الضغط على “حزب الله” فكانت النتيجة “مجرد وهم خصوصاً بعدما دعت 20 جمعية من هؤلاء إلى التظاهر للمطالبة بتنفيذ القرار 1559 ولم يشارك في هذا التحرك سوى16 شخصاً وكلب”.

أما في الملف الانتخابي، فوصف نصرالله انكفاء الرئيس سعد الحريري بالقرار “المؤسف”، مؤكداً أنّ المشهد في ضوء هذا القرار “ليس واضحاً بعد إثر انسحاب تيار المستقبل من الانتخابات”، بينما شدد على أنّ العنوان الرئيسي الذي سيخوض “حزب الله” الانتخابات على أساسه سيكون “حماية المقاومة مقابل الهجمة التي عنوانها العدوان على المقاومة”، ناصحاً جميع الأفرقاء بعدم استباق نتائج الانتخابات وسط تأكيده على أنّ ما ستفرزه صناديق الاقتراع من “أكثرية أو أقلية” لن يكون له أي تأثير على سلاح “حزب الله” لأنّ موضوع السلاح “أكبر بكتير” من ذلك.

وعلى الطرف الانتخابي النقيض، واصل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع تصويب البوصلة الشعبية باتجاه استشعار مفصلية الاستحقاق النيابي المقبل في أيار، ليس لكونه يشكل فرصة لتأمين “نائب بالزايد” بل لأنها فرصة اللبنانيين “لاسترجاع لبنان الدولة مش الدكانة”. وقال خلال إعلان مرشح “القوات” في زحلة عن المقعد الارثوذكسي الياس اسطفان: “اشتقنا نرجع نحس أنّو عنّا دولة بتحمينا ومنعتزّ فيا برّا وبكل دول العالم، وما منستحي نقول إنّا من لبنان، واشتقنا نخلص من الفلتان وقدّ المراجل يللي صاير بالداخل”، لافتاً في هذا الإطار إلى أنّ “تفاهم مار مخايل (بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”) خرّب لبنان”، قبل أن يستدرك مضيفاً: “تفاهم مار مخايل بالحقيقة ما إلو علاقة بمار مخايل، إلو علاقة بالشياطين اللي كان داعسهم مار مخايل… هالتفاهم شتّت العيل وغرّب الناس وحرمهم أبسط مقومات العيش، وأخد لبنان على جهنّم يللي نحنا فيه اليوم”.

ميدانياً، استرعت الانتباه أمس الجولة الطرابلسية التي قام بها أمس قائد الجيش العماد جوزيف عون على عاصمة الشمال، حيث زار دار الإفتاء وأبرشية طرابلس المارونية والمجلس الإسلامي العلوي في جبل محسن، وهو ما وضعه مراقبون في خانة حرص قيادة المؤسسة العسكرية على تبديد الهواجس المرتبطة بالوضع الطرابلسي بعد سلسلة من الأحداث المثيرة للقلق والتفلت الأمني. وأشارت أوساط شمالية في المقابل إلى أنّ “قائد الجيش أراد من زيارة المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية في طرابلس، التأكيد على دور هذه المرجعيات في التصدي لكل الخطابات والأجواء المتشنجة كون ذلك يشكل رافداً أساسياً للجيش اللبناني الذي يعمل على ضبط الأمن والسهر للتأكد من عدم حدوث أي اختراق أمني للساحة الطرابلسية”، خصوصاً وأنّ العماد عون شدد من دار الإفتاء في المدينة على أهمية “دورها التاريخي والاجتماعي والسياسي والوطني في المحطات المفصلية”، معرباً عن رفضه المطلق لمقولة إنّ “طرابلس حاضنة للإرهاب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى