كعرب احترفنا اللهاث وراء أميركا، ووراء «اسرائيل»، وهذا ما يتجلّى يوماً بعد يوم (ويزداد تقهقرنا يوماً بعد يوم) أترانا سألنا، ولو بثغاء الماعز، ما اذا كان الأميركيون و «الاسرائيليون» يسمحون للمصريين، وبلادهم أم الدنيا، وبالامكانات البشرية الهائلة، وبالتراث التاريخي الفذ، وحيث اخناتون، وحيث النيل، وحيث اتفاقية كمب ديفيد كنص الهي لا يتجرأ أحد أن يمس بأي من حروفه، بصناعة القنبلة النووية ؟

وهل يسمحون للسعوديين، أهلنا في شبه الجزيرة، بالامكانات المالية الهائلة، وبارثهم الديني، حيث الكعبة والبيت العتيق، وقد قدموا لأميركا ما لا يقدمه الأميركيون لأميركا، كما قدموا لـ «اسرائيل» ما لم يقدمه «الاسرائيليون» لـ «اسرائيل»،حتى أن يلامسوا القنبلة النووية ؟

بافتتان نتابع المناورات البحرية، باشراف الجنرال كينيث ماكنزي، بين خمس دول عربية و»اسرائيل» التي تم نقلها، ولغاية بعيدة المدى، من نطاق قيادة القوات الأميركية في أوروبا، الى نطاق القيادة الأميركية الوسطى في الشرق الأوسط.

هنا نستعيد الفارق النوعي بين «اليهودي» الذي لا تعنيه سوى مصلحة اليهود (جوليوس روزنبرغ وزوجته ايتل نقلا أسرار القنبلة الذرية من الولايات المتحدة الى الاتحاد السوفياتي مقابل السماح لليهود بالهجرة الى اسرائيل)، والعربي الذي هوايته الايديولوجية أن يغرز السكين في خاصرة أخيه، وأن يبيع العربي الآخر بثلاثين قطعة من التنك، لا بثلاثية فضة مثلما بيع السيد المسيح …

بين «اليهودي» الذي يأتي من أقاصي الدنيا، ومن أكثر البلدان رقيّاً، الى فلسطين تحت شعار الوعد الالهي، باقامة دولة فوق أنقاض (ودماء) شعب آخر، والعربي الذي لم يؤسس، يوماً، لدولة ولا لمجتمع للحياة، والذي يبيع أرضه، قطعة قطعة، في المزاد العلني.

بين «اليهودي» الذي فكّر عام 1912 بانشاء التخنيون (معهد اسرائيل للتكنولوجيا)، والعربي الذي يفكر بانشاء لاس فيغاس على أرضه، وهو الذي يستورد ملابسه الداخلية من باريس ولندن وروما، وحتى من مدغشقر.

وبين «اليهودي» الذي يعرف كيف يتغلغل في أدمغة الكبار، وفي خفايا الكبار، لينشئ أرمادا عسكرية، بمخالب نووية، وليفرض رأيه، ووجوده، على الأمبراطوريات، والعربي الذي أنشأ قبائل مدججة بالقاذفات، والدبابات، وبكل الأسلحة، والأعتدة، الأكثر تطوراً، ليطلب من الأساطيل التي تستنزف حتى عظامه حماية عرشه من بني قومه.

مناورات مشتركة في البحر الأحمر (بحرنا). كل شيء يشير الى أننا أمام حلف ابراهيمي (حلف عسكري) يكون رديفاً للميثاق الابراهيمي. وعلينا أن نتوقع «اسرائيلياً» يحل محل أحمد أبو الغيط الذي نقول له كفانا هز البطن وهز الأرداف أمام أكياس الدنانير.

مناورات بحرية ضد من ؟ غداً مناورات برية على أرض العرب. جنود «اسرائيليون»، أبناء أولئك الذين سحقوا الأسرى المصريين بجنازير الدبابات، اياهم الجنود الذين يدفنون الفلسطينيين وهم احياء، جنباً الى جنب مع الجنود العرب. لطالما قلنا بنبش قبر يعرب بن قحطان ورمي عظامه في العراء …

لعل الكثيرين منكم لا يدرون أن الدول الأعضاء في الجامعة العربية وقّعوا، عام 1950، ميثاق الدفاع المشترك الذي يقضي، في مادته الأولى، بـ «اعداد الخطط العسكرية لمواجهة جميع الأخطار المتوقعة، أو أي اعتداء مسلح يمكن أن يقع على دولة، أو أكثر، من الدول المتعاقدة أو على قواتها»…

على مدى ثلاثة أرباع القرن، أي خطط وضعها جنرالات العرب ؟ لا نرى الا العرب يعتدون على العرب. يتواطأون مع أي أقدام غريبة (الأقدام الهمجية) ضد العرب وتقديم صكوك أرضهم الى الغزاة من كل حدب وصوب. لا تنسوا الاتفاقات الاستراتيجية مع أورشليم !

ثم يحدثونك عن الصراع العربي ـ «الاسرائيلي». على من يضحك هؤلاء ؟ لحانا لم تعد لحى أبي ذر الغفاري وعنترة بن شداد. هي لحى فيفي عبده وتأبط شراً، وحتى لحى محمود عباس واسماعيل هنية ومحمد دحلان ..

صراع ؟ أوبريت الصابون (أوبريت اللامعنى) على هذه الخشبة البالية التي تدعى … الشرق الأوسط !!