يحذر محللو شؤون مكافحة الإرهاب من أن فقد داعش زعيماً ثانياً في عامين فحسب لن يقضي على التنظيم الذي يواصل أعضاؤه البحث عن ملاذ والتخطيط لشن هجمات في مناطق تضربها الفوضى من العالم.
وكان زعيم ما يعرف بـ”داعش” اختبأ بعيداً خوفاً من تتبعه وقتله، ولم يغادر المكان الذي كان يقيم فيه أبدا، معتمداً على أشخاص موثوق بهم للتواصل مع أتباعه البعيدين، حسبما تقول صحيفة نيويورك تايمز.
وأضافت: “لقد كان الزعيم الوحيد للتنظيم الذي لم يقوم بتسجب مقطع مصور أو مسموع خوفا من تتبعه”.
ولم يكن زعيم “داعش” معروفاً لدى معظم أتباعه، على عكس أفراد قوات المشاة الأميركية (الكوماندوز).
وقال مسؤولون إن أبو إبراهيم الهاشمي القرشي فجر نفسه، الخميس الماضي، خلال مداهمة القوات الأميركية مخبأه في شمال غرب سوريا.
وأشاد القادة الأميركيون بمقتل القرشي، ووصفوها بأنها جرح جديد لتنظيم مخيف تضاءل نفوذه وقوته إلى حد كبير، لكن محللو شؤون مكافحة الإرهاب يقولون غير ذلك.
وقالت براتيبها ثاكر، مديرة التحرير لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في وحدة الاستخبارات الاقتصادية إنها “ضربة موجعة أخرى للتنظيم”. غير أنها تتساءل عن مدى أهمية مقتل الزعيم في ظل تنظيم يعتمد على اللامركزية.
وخصصت الولايات المتحدة موارد كبيرة لقتل زعماء التنظمات الإرهابية، مثل أسامة بن لادن مؤسس القاعدة، وأبو مصعب الزرقاوي الذي قاد القاعدة في العراق، وأبو بكر البغدادي سلف القرشي.
إلا أن هذه التنظيمات عاودت الظهور في أشكال جديدة وأكثر قوة أو ببساطة استبدلت الرؤوس القديمة بأخرى جديدة، وفقا لنيويورك تايمز.
وتقول الصحيفة إن مقتل القرشي أدى إلى حرمان تنظيم “داعش” من سلطة دينية وعسكرية رئيسية في الوقت الذي تعرض فيه للهزيمة بالفعل في سوريا والعراق، وفقد عدداً كبيراً من المقاتلين.
والآن، فإنّ التنظيم يواجه فراغا محتملاً في القيادة.
غير أن خبراء في مجال مكافحة الإرهاب قالوا إن التنظيم أصبحت أكثر انتشارا واعتمادا على اللامركزية، مما سمح له بالاستمرار.
وترى نيويورك تايمز أنه حتى لو لم يعد لدى داعش إمكانية الاحتفاظ بأرض كما حدث في سوريا والعراق، مما قلل من قدرته على تسويق نفسه على أنه “دولة”، فقد أثبت قدرته على تنفيذ هجمات عسكرية منسقة مدمرة.
وكان هجوم الشهر الماضي على السجن في الحسكة، الذي يؤوي المئات من المتشددين المعتقلين، أكبر عملية ينفذها التنظيم منذ انهيار دولة الخلافة فيما يظهر أنه مازال قادرا على شن عمليات دامية على نطاق واسع.
ورغم أن الروابط التي تربط قيادته بفصائل فرعية في دول أخرى ربما تكون واهية، فقد بايعت القرشي فصائل من شبه جزيرة سيناء إلى الصومال عندما خلف أبوبكر البغدادي مؤسس التنظيم في أواخر 2019.
والعام الماضي، قدر تقرير للأمم المتحدة أن ولاية سيناء التابعة للتنظيم في مصر ربما يتراوح عدد مقاتليها الموالين للتنظيم بين 800 و1200 مقاتل.
وفي ليبيا، التي سيطر فيها التنظيم في وقت من الأوقات على شريط من الأرض على ساحل البحر المتوسط، أصبح التنظيم أضعف، غير أنه مازال بإمكانه استغلال الصراع المستمر فيها.
وترتبط حركة الشباب التي تنشط في شرق القارة وجماعة بوكو حرام في نيجيريا بتنظيم داعش الذي يمتلك فرعين في غرب أفريقيا ووسطها، وينبثق منهما فصائل عديدة.
فقد انبثق فصيل “تنظيم داعش -ولاية غرب أفريقيا” رسميا من حركة بوكو حرام في 2016 بعد أن بايعت فئة منه التنظيم العام السابق.
وقدر موقع غلوبل سيكيوريتي دوت أورغ أن لهذا الفصيل حوالي 3500 عضو في 2021.
وتعمل ولاية غرب أفريقيا في الأساس حول منطقة بحيرة تشاد المتاخمة لنيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر، وهي تضم كذلك “تنظيم داعش في الصحراء الكبرى”، وهي جماعة فرعية مستقلة عمليا تنشط في المنطقة الحدودية بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
وتأكدت تلك الصلة على ما يبدو بنشر الوسائل الإعلامية لتنظيم داعش صورة في آذار 2019 لمقاتلين من فصيل الصحراء الكبرى تحت نقش يخص ولاية غرب أفريقيا.
وربط مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية 524 حادث عنف بفصيل الصحراء الكبرى في 2020، أي أكثر من مثلي عدد الحوادث في 2019، وأسفرت تلك الأحداث عن سقوط أكثر من 2000 قتيل في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وربطت وزارة الخارجية الأميركية واحدة من أكثر الجماعات دموية في شرق الكونغو، وهي القوات الديمقراطية المتحالفة، بفرع تنظيم داعش في وسط أفريقيا.
وحملت الولايات المتحدة هذا الفصيل مسؤولية موت 849 مدنيا في 2020.
ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة، زادت حوادث القتل المنسوبة لفصيل القوات الديمقراطية بما يقرب من النصف في 2021، وسقط أكثر من 1200 قتيل في هذه الهجمات.
(الحرّة)