الأخبار- ميسم رزق
«الحرب» التي شنّها «المستقبليون» على حزب القوات ورئيسه سمير جعجع الطامح إلى «وراثة» جمهورهم، التأكيد أن لا مقاطعة سنّية للانتخابات إثر لقاءات جمعت المفتي عبد اللطيف دريان والرئيسين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، ورفض كثيرين الحذو حذو زعيمهم في العزوف عن الترشح كما رغب الحريري. فباستثناء عمته النائبة بهية الحريري ونجلها الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري، فإن كثيرين من نواب «المستقبل» عازمون على خوض الاستحقاق بمعزل عن «الموقف الرسمي» للتيار).
ليس مفاجئاً، مع «اعتزال» من تربّع على «عرش السنّة» 17 عاماً من دون منازع، أن تستيقظ الطموحات لوراثة «العرش» بمجرّد إعلان الحريري تنحّيه، وخصوصاً أن الورثة كثر، والراغبين في تقاسم تركة الحريرية السياسية أكثر. لكن تسرّع بعضهم، كـ«حكيم القوات» مثلاً، أفسد الحسابات، وأتى بنتائج عكسية وأثار سخطاً أدى إلى «توحّد السنّة» ورفض أن يتقاسم «الغرباء» من طوائف أخرى هذه التركة. إذ لم يرض هؤلاء، قيادات وجمهوراً، أن يكون انسحاب الحريري اختباراً لموقعهم ووزنهم، وفرصة للاستثمار فيهما من بقية القوى السياسية، ولا حتى من بهاء رفيق الحريري الذي «يبدو كأنه جاء ليأخذ ثأره من والده ومن شقيقه»، على ما صرّح النائب نهاد المشنوق أول من أمس.
ومثل هذا الكلام سمعه الوزير السابق ملحم رياشي، بوضوح، أثناء زيارته الرئيس السنيورة قبل يومين. مصادر القوات تؤكد أن «السنيورة هو من أرسلَ في طلب رياشي للاتفاق على تخفيف التوتر الذي اندلع إثر انسحاب الحريري ووقف حملات التخوين»، وأن رياشي «أكد للسنيورة أن لا نية أبداً لدى القوات لوراثة أحد». لكن رواية المقربين من السنيورة مختلفة، إذ تؤكد أن «جعجع هو من أرسل رياشي موفداً إلى السنيورة للتنسيق في ملف الانتخابات»، وأن رئيس الحكومة السابق حمّل الموفد القواتي رسالة واضحة مفادها: «ما يفكّر سمير إنو بيقدر يتزعّم السنّة… وبدو يروق شوي»!
أن تشعر «الطائفة ــــ الأمة» بيتم الزعامة وغياب المرجعية وفقدان الدعم الإقليمي ليس تفصيلاً أو حدثاً عابراً. لذلك، الجميع اليوم، من الخارج وممّن هم في موقع «القيّمين» على السنّة، في حال استنفار والبحث عن ضابط إيقاع للطائفة. بحسب معلومات «الأخبار»، فإن الكلام الذي حمّله السنيورة لرياشي ليس مجرداً من أي دعم، تماماً كما لم يكن وقوفه إلى جانب ميقاتي ودريان في السرايا من بنات أفكاره. المعلومات تؤكّد أن تواصلاً أميركياً جرى مع رئيس الحكومة السابق أخيراً للبحث في أمر الطائفة، وأن الأميركيين مهتمون بـ«ضبضبة البيت السنّي وترتيبه»، لئلا يستفيد حزب الله من تشرذمه.
أحد من تربطهم علاقة وثيقة مع واشنطن يؤكد أنه «بعد الخطاب التراجيدي للحريري، سارع الأميركيون الى فتح خطوط تواصل مع فعاليات سنّية، كما في عكار التي زارها وفد أميركي قبل أيام في سياق استقراء التوجهات الانتخابية على الأرض. لكن تركيزهم انصبّ على الرئيس السنيورة الذي استفهموا منه إمكانية أن يكون هو خيمة السنّة بعد الحريري، بمعنى جمع الشخصيات والمجموعات والقوى التي تريد الاستمرار في العمل السياسي وخوض الانتخابات». ويشبّه المصدر الأمر «بمحاولة تطويب السنيورة بطريركاً للسنّة».
ويفسّر المصدر التحرك الأميركي بـ«الخشية من استغلال حزب الله لحالة التشرذم السنّية، لعقد تحالفات مع مجموعات ورجال أعمال تزيد من حجم الكتلة السنّية الحليفة له داخل مجلس النواب»، وأن «الطائفة السنّية هي الوحيدة التي يُمكن أن تحقق توازناً مع الطائفة الشيعية بسبب امتدادها الإقليمي في المنطقة».