لا يبدو ان الهاجس الأمني للإمارات هو المشكلة الوحيدة التي تبقي عليها كرهينة للمواقف الدولية المتضامنة وللدعم الأميركي-الإسرائيلي بعيد تنفيذ عملية “إعصار اليمن” بأجزائها الـ 3 -والتي قد تتواصل-، بل ان مستقبل الدولة مرهون أيضاً بالدعم نفسه الذي لم يقدم لها إلى الآن ما يمنع أسهم شركاتها وبورصاتها العالمية من الانخفاض بشكل مستمر مع كل ضربة.
للمرة الثالثة خلال 14 يوماً، تصل الصواريخ والمسيرات اليمنية إلى اماراتي أبو ظبي ودبي مخلّفة وراءها خسائر قد تدفع الامارات سنوات حتى تعوضها بعدما أصبحت بنظر المستثمرين “دويلة غير آمنة” حسب وصف المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع. وهو أمر غير مسبوق في تاريخ البلاد التي تعتمد بشكل أساسي على “الاستقرار” والبنى التحتية لجذب المستثمرين والسائحين حتى أصبح القطاع الأخير يتجاوز القطاع المالي والعقاري في واردات الدولة.
شنت السعودية الحرب بمباركة وتحريض ودفع أميركي-إسرائيلي، الأكيد ان السيطرة على الموانئ وطرق الملاحة البحرية كانت على سلم أطماع الرياض ومَن خلفها، لكن -ونتيجة تدخلها التاريخي بأصغر التفاصيل الداخلية في السياسة اليمنية- كان تلوث جلباب الرياض بوحل الحرب الآسنة، على حجم تدخلها السافر وهو ما جعلها أقل قدرة على تطبيق مشروعها وأكثر استنزافاً في مقدراتها البشرية والعسكرية للتعامل مع القدرات اليمنية التي لم تكن تتوقع أنها تتطور بهذه السرعة والكيفية والقدرة.
مقابل ذلك، كانت الامارات “أخف وزناً” في تدخلها، فعلى الرغم من تورطها الفعلي سياسياً وعسكرياً عبر ألوية تدعمها مباشرة وتعتمد بذلك بأغلبيتها على السلفيين المتطرفين، إلا أنها استمرت في الحفاظ على “هامش” يجعلها أكثر مرونة في التحرك لتنفيذ ما شنت لأجله الحرب، وهو السيطرة على الممرات المائية وتثبيت سيطرتها على المضائق إضافة لما قد تجنيه من سيطرتها على الموانئ اليمنية ولأجل ذلك عمدت بالدرجة الأولى إلى زرع قواتها على الساحل الغربي والمنطقة المحاذية لباب المندب وجزيرتي سقطرى وميون. وبالتالي التطلع إلى تبوء مركز إقليمي يجعلها تصعد إلى مصاف الدول الإقليمية المؤثرة على الساحة الدولية.
مع استمرار أبو ظبي طيلة الفترة الماضية بجني المكاسب بدعم إسرائيلي-أميركي مباشر خاصة بعد توقعيها على اتفاقية التطبيع مع كيان الاحتلال، إضافة لاستيلائها على سقطرى واهدائها للقوات الإسرائيلية، ظنت انها قد تُوجت بلقب “ربيبة إسرائيل” الأولى في الخليج ما يجعلها أكثر أمناً وغنى اقتصادي وهو ما جعلها تخوض مغامرة غير محسوبة النتائج.
بمغامرتها الأخيرة، سقطت الامارات، بحيث باتت تتلقى النيران في محورين:
الأول، قواتها في الداخل اليمني أصبحت تحت نيران قوات صنعاء أكثر من أي وقت مضى، حتى باتت البيانات المتتالية للقوات المسلحة اليمنية عن استهداف تجمعات كبيرة “لمرتزقة الإمارات وعناصر داعش” في مديريات محافظة شبوة تتصدر وسائل الاعلام وكان آخرها “استهداف غرفة عمليات ميدانية تابعة للعدو الإماراتي ومرتزقته في مديرية عسيلان بمحافظة شبوة بصاروخ باليستي أصاب هدفه بدقة ونتج عن الاستهداف مصرع وإصابة عدد كبير بينهم إماراتيين، وهذه الغرفة هي غرفة العمليات التي تدير المعارك في شبوة” حسب ما أعلن العميد سريع.
الثاني، استهدافها مباشرة بصواريخ ومسيرات تصيب أهدافها بدقة والتعامل معها كأداة “إسرائيل” في الحرب وبالتالي تضرر أسواقها المالية مما اضطرها أيضاً الى تأجيل معارض “اكسبو” التي كانت تعول عليها.
في ظل التأكيد اليمني على ضرورة انسحاب الامارات فعلياً من الحرب وإيقاف أعمالها العدائية لإيقاف عمليات “إعصار اليمن” العسكرية التي تضرب عمقها الداخلي، تكون الامارات امام خيارين: اما المقامرة وتصديق الدعم “الدعائي” الذي تقدمه واشنطن وتل أبيب والاستمرار بدفع فاتورة قد تكون أكبر من ان تتحمل نتائجها أو الانسحاب الفعلي من الحرب دون تحقيق أي مكاسب وتكون الخسارة مزدوجة بعدما برهنت “لإسرائيل” انها غير جديرة بما يكفي من الثقة ليتم منحها مزيداً من الامتيازات.
الكاتب: الخنادق