الأخبار
جنبلاط: الحريري ضائع ولا يركّز
في تقرير ديبلوماسي عربي مصنف تحت خانة «سري»، ترد الإشارة إلى العلاقة بين السعودية والحريري انطلاقاً من رؤية جنبلاط إثر لقائه الحريري في 19 آذار 2021، وتناولهما مسار التشكيل الحكومي وطبيعة علاقة الحريري بالمملكة. ويورد التقرير الآتي:
«- تبين لدى الزعيم الدرزي بأن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لا يملك أي معطيات حقيقية يمكن البناء عليها في تشكيل الحكومة، كما تبين له بأن لا خطة واضحة لديه عند سؤاله بهذا الخصوص، حيث كان يوحي – بغموض شديد – بأن لديه معطيات، يبدو أنه لا يودّ البوح بها، قد تؤدي لانفراجة ما في غضون الشهرين المقبلين. إلا أن الحريري لم يقدّم مدلولات ملموسة حول تلك المعطيات، وهو في حالة ضياع وتشتت وعدم تركيز، بحسب قول جنبلاط.
– اللافت ما تقدم به وليد جنبلاط خلال الاجتماع من اقتراح يدعو رئيس الحكومة المكلف للاعتذار عن التكليف، بخاصة وقد أدى ما عليه من مسؤوليات دستورية من التواصل مع رئيس الجمهورية لسبع عشرة مرة منذ تكليفه، حيث أشار جنبلاط إلى أن من شأن ذلك أن يحمل العهد الرئاسي، أي رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر وحزب الله، كامل المسؤولية عن التعطيل ومن ثم نتائج الانهيار المستمر على الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والمعيشية، مؤكداً للحريري أن لا مجال لنجاح أي حكومة قد يشكلها.
– ردّ رئيس الحكومة المكلف بأن خيار الاعتذار غير مطروح بتاتاً، وبأنه مستمر في مسؤوليات التكليف رغم تحديات التعطيل وعقباه.
– حول العلاقة بين الحريري والسعودية، كان الحريري واضحاً في تبيان امتعاضه من مسار العلاقة إلى درجة صدّه لمحاولات جنبلاط الذي حثه على فتح قناة الاتصال مع السفير السعودي في بيروت، حيث لم يرغب بالتحرك تجاهه. يذكر أن محاولات اتصال الحريري بالعاصمة السعودية الرياض لم تسفر عن شيء حيث قوبلت جميعها بالصدّ والرفض».
تهديد لأسرة الحريري
يورد التقرير الديبلوماسي نفسه «أن اللافت خلال اللقاء دعوة وليد جنبلاط للحريري إلى الأخذ بالحسبان مصير عائلته في السعودية، لأن مسؤولين أمنيين سعوديين استفسروا عن مدى صحة نيته نقل عائلته من الرياض إلى أبو ظبي، وتقصّيهم الدائم حول هذه المعلومة. ومثل هذا الاستفسار دلالة على تعقب المعنيين لوضعية عائلة الحريري واهتمامهم بتحركاتها، وعدم استبعاد فرضية توظيفها للتأثير والضغط على رئيس الحكومة المكلف».
وينتهي التقرير بالإشارة إلى أن «هذا الأمر يبيّن عدم رضا الرياض عن محاولات الحريري فتح قناة في علاقته بالإمارات، بالتزامن مع احتمالية غلقه لمسار علاقته مع العاصمة السعودية. تشي هذه المسألة بفتور يصل إلى درجة الامتعاض والتحفظ السعودي، لا من الحريري فحسب وإنما من أبو ظبي كذلك، وما لذلك من دلالات أو مؤشرات على الصعيد السياسي ودرجة التنسيق والتحالف الاستراتيجي السعودي – الإماراتي».
sms سعودي للحريري: انسحب!
في تقرير سري آخر يعود إلى آب 2020، يكشف السفير الكويتي في بيروت عبد العال القناعي أن الاتصالات بين الحريري والسعودية «كانت مقطوعة تماماً منذ أواخر 2019، وهذا ما تسبب بتعثّر خطوات الحريري بين تحفّز للعودة إلى رئاسة الحكومة والتراجع لاحقاً تحت ضغط «الفيتو» السعودي».
وأشار التقرير إلى أن الحريري «تلقى في إحدى المناسبات رسالة هاتفية قصيرة من مسؤول سعودي كبير تتضمن طلباً مباشراً من ولي العهد السعودي بسحب ترشيحه لرئاسة الحكومة، ربطاً برفض الرياض أي دور له في المرحلة المقبلة، فضلاً عن المعارضة الشديدة من «حلفائها» اللبنانيين مثل القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي لعودته إلى رئاسة الحكومة. وقد أعقب ذلك شعور الحريري بالإحراج ووصوله إلى طريق مسدود مع حلفائه في الداخل، ومع الرئيس عون والتيار الوطني الحر، ومع السعودية بشكل أساسي».
جنبلاط: السنة غير جاهزين لمواجهة الفوضى
في حزيران 2020، أسرّ السفير الكويتي في بيروت عبد العال القناعي لأصدقاء من السياسيين اللبنانيين قراءة جنبلاط للوضع الداخلي ومصير تيار المستقبل، عقب تظاهرات درّاجين منتمين لحزب الله وحركة أمل وأنصار تيار المستقبل تؤكد على اللحمة الوطنية وتندّد بسياسات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ووفقاً لما نقل السفير الكويتي، فقد ذكر جنبلاط أنه «حتى الحزب التقدمي الاشتراكي قد أُخذ على حين غرّة بالتطور الأمني، منوهاً بأن إمكانيات المواجهة أمر آخر.
فمناطق نفوذ الطائفة الدرزية والحزب التقدمي الاشتراكي مؤمّنة بالكامل. كما إن جاهزية القوات اللبنانية والكتائب – في حال تطور المواجهات – كاملة في مناطق سيطرة كل منها ونفوذها. ونوه جنبلاط بأن أكثر المتضررين في حال تطور الموقف الأمني هم السنة، وتحديداً تيار المستقبل، حيث لا استعداد ذهنياً ولا ميدانياً ملموساً مع غياب للوجهة السياسية، والافتقار للتنسيق البيني بين رموز الطائفة وتعدّد زعاماتها وعدم أهلية سعد الحريري لقيادة الطائفة السنية، بخاصة مع دخول طرف آخر ذي طموح واضح متمثل ببهاء الدين الحريري، ما يعقّد من وضع البيت السياسي للحريري».
وبحسب التقرير الذي أعدّه السفير الكويتي، يعتبر جنبلاط «أن الإشكالات والأزمات بشقيها السياسي والاقتصادي مرشّحة للتكرار بل والتصاعد، مشيراً إلى الانجراف إلى الفتنة الطائفية والمواجهة المفتوحة، وما الانزلاق إلى الحرب الأهلية إلا مسألة وقت مؤجلة». كما أشار جنبلاط إلى أن «المرحلة المقبلة مزدحمة بالتعقيدات والاحتمالات، وأن الأزمة الاقتصادية الطاحنة، عدا عن ارتفاع منسوب الإحباط السياسي من منهجية إدارة شؤون الدولة، ستدفع حتماً في حال فتح المنافذ الحدودية إلى هجرة الآلاف من الطائفة المسيحية تحديداً، والمستقلين منهم بخاصة، ما سينعكس سلباً على الحراك السياسي، وقد يؤسس لمزيد من الاستقطابات المناطقية والمذهبية والطائفية لخلو الساحة من عناصر الاتزان والرؤية الوطنية الجامعة».
جمال الجراح: تهريب الأموال وطموح المخزومي
في تقرير مصنّف في خانة «سري»، أورد السفير الكويتي في بيروت عبد العال القناعي حول لقائه نهاية العام 2019 (بعد اندلاع انتفاضة 17 تشرين) مع عضو كتلة المستقبل النيابية وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال جمال الجراح المعطيات الآتية:
«كشف الوزير الجراح أن حجم الأموال المحوّلة إلى الخارج من قبل متنفذين واقتصاديين وتجار والساعين للحفاظ على أموالهم، قد بلغت تسعة مليارات دولار أميركي، وذلك في الفترة الممتدة من بداية الحراك وقبيل الإجراءات التي تحول دون السحب اللامحدود للدولار الأميركي واقتصاره على العملة اللبنانية.
كما ذكر بأن الأزمة قد دفعت بالمودعين في البنوك اللبنانية إلى سحوبات داخلية قدّرت بأربعة مليارات من الدولارات الأميركية، خشية التضييق وتأميناً لها بعيداً من أي تقنين أو تشريع محتمل وفقاً للظروف المستجدة. وتأتي السحوبات أيضاً مخافة ضياع المقدرات نتيجة ما يتم تداوله من احتمالية انهيار أو إفلاس عدد من البنوك المحلية. أما في ما يتعلق برئيس الحكومة المقبلة وتسميته وتأليف الحكومة، فقد تحدث الوزير جمال الجراح عن مشاهدات تتعلق باجتماع رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال جبران باسيل بالنائب فؤاد مخزومي – نائب مستقل عن دائرة بيروت الثانية – وذلك في إيطاليا، حيث عرض الأول على الثاني رئاسة وزراء لبنان وتأمين ما يلزم لذلك مقابل شروط سياسية، أي عرض عليه موقع الرئاسة الثالثة مقابل أن يدفع المخزومي ثمناً لذلك!
كما أشار وزير الإعلام إلى أن المخزومي لم يعارض ذلك الأمر، وكانت هناك استماتة من المخزومي لأن يحظى بالموقع، من دون حفاظ على أدنى مقومات الحكومة المأمولة وبعيداً من أقل الشروط التي سعى لتحقيقها الرئيس سعد الحريري والمتوافقة مع المستجدّات على الساحة الداخلية حراكاً واقتصاداً.
من جهة أخرى، طُرح على الرئيس سعد الحريري اسم خالد قباني، إلا أنه استبعده لكونه محسوباً على الرئيس فؤاد السنيورة. كما طُرح عليه كل من اسم الوزير السابق حسن منيمنة ووزيرة الداخلية ريا الحسن، إلا أنه استبعدهما لكونهما منتميين لتيار المستقبل. ويبدو، لسبب ما، حرصه على ألا يُدفع باسم سواه من داخل تیاره.
إذاً، فإن حرق الأسماء التي طرحت وما طرأ على الحريري من تذبذب في المواقف كان بسبب بقائه وحيداً بعد تخلّي أقرب حلفائه – القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي – عنه، بخاصة في ظل رفض سمير جعجع أي تعاون مع الحريري، وهو ما أدّى إلى انسحابه من المشهد».