الأخبار
منذ أكثر من عامين، يدور همساً أو في غرف مغلقة حديث عن واقع غير عادي يسود المناخ السياسي في الشمال. وفي كل مرة يُشار فيها الى نشاط متزايد للتنظيمات التكفيرية، يردّ أقطاب القوى السياسية والزعماء بوصف الأمر على أنه محاولة لشيطنة الشمال وأهله. ولدى مواجهتهم بوقائع عن تعبئة وعن رحلات هجرة للقتال، يعزون الأمر الى الفقر والبطالة وإلى التوتر المذهبي والسياسي.
كل قيادات الشمال من دون استثناء، من هم في سدّة الحكم اليوم كرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومن سبقه خصوصاً الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، الى حشد السياسيين المنتمين الى 14 آذار أو المنضوين حالياً في الحلف الذي تقوده السعودية، ومعهم حشد من المشايخ الذين يعرفون بـ«أهل الدعوة»، يرفضون تحمّل مسؤوليتهم عمّا آلت إليه الأوضاع هناك، ويرفضون الإقرار بهروبهم من الدور التنموي الذي يمكنهم القيام به نظراً الى الإمكانات المالية الهائلة التي يحوزونها بفعل أعمال وأشغال جرى معظمها في لبنان، ويرفضون تقديم حسابات حول مآل المساعدات المالية والمشاريع التي يقول السعوديون، مثلاً، إنهم ارسلوا من أجلها مليارات الدولارات ولم يظهر منها شيء على الأرض. ويرفضون حتى تحمّل المسؤولية في النقاش السياسي عن نتائج «لعبة تحشيد المقاتلين» في الشوارع والأزقة، أو عن تمويل لجمعيات دينية تبيّن أن معظمها كانت مجرد غطاء لتنظيمات تكفيرية تولّت تجنيد مئات الشبان وإرسالهم للقتال في سوريا والعراق أو لمواجهة القوى الأمنية في لبنان.
تغيّرت الأمور مع تراجع حدّة الحرب السورية، فمنذ حسم معركة فجر الجرود عام 2017، لم تسجل الأجهزة الأمنية اللبنانية أي تحرك للمجموعات التكفيرية، إلى أن وقعت حادثة كفتون (الكورة) عام 2020، والتي استُدركت باعتقال مجموعة إرهابية لتواصل من بعدها الخلايا النائمة نومها. وفي عام 2022 اعتقلت استخبارات الجيش اللبناني مجموعتين كبيرتين، الأولى في بلدة عرسال البقاعية ضمّت 18 إرهابياً (12 سورياً وستة لبنانيين)، والمجموعة الثانية في الشمال بعد مقتل المؤهل أول في الجيش أحمد مراد.
المطّلعون في الأجهزة الأمنية يؤكدون أن معظم من خرجوا في مراحل سابقة إلى العراق قتلوا هناك، ولم يعد منهم إلا قلّة قليلة، فيما يخرج من سجن رومية دورياً من ينهون سنوات توقيفهم، من دون أي تعديل في توجهاتهم العقائدية. لا بل يستفيد هؤلاء من وجودهم في السجن لتوسيع دائرة علاقاتهم. وغالباً ما يتوجّه كثيرون منهم، بعد خروجهم من السجن، إلى الشمال (لا طرابلس حصراً) بدل البقاع أو بيروت أو صيدا، بحكم هامش التحرك الأكبر هناك. ومنذ نحو ثلاثة أشهر، وفق المصدر الأمني، بدأ تسجيل حركة انتقال من الشمال باتجاه العراق عبر ثلاثة مسارب: مطار بيروت إلى العراق مباشرة لمن لا شبهات لدى القوى الأمنية حولهم، وعبر مطار بيروت، أيضاً، إلى تركيا ومنها إلى سوريا أو العراق لمن لا يوجد في حقهم منع سفر أو ملاحقة أمنية، وعبر المعابر غير الشرعية إلى سوريا فالعراق، في رحلة شاقة. وهذا ما يصعّب على الأجهزة الأمنية اللبنانية الأربعة تحديد رقم دقيق لعدد الشبان الذين يمكن أن يكونوا قد غادروا لبنان للالتحاق بـ«داعش»، سواء في سوريا أو العراق أو تركيا، مع تأكيد كل هذه الأجهزة عدم وجود حركة تجنيد جدية للمجموعات التكفيرية، على غرار ما حدث بين عامَي 2013 و2015. والواضح أيضاً أن الأجهزة الأمنية اللبنانية لا تعرف، حتى اليوم، ما إذا كان انتقال التكفيريين اللبنانيين إلى العراق هدفه تدريبهم وإعدادهم لاستخدامهم في الداخل اللبنانيّ، أو أن أولوية التنظيم المندثر هي الوقوف على قدمَيه في العراق مجدداً، ما يعني أن الهدف الأساس لهجرة هؤلاء هو القتال في العراق لا العودة إلى لبنان، علماً بأن أحد الأجهزة الأمنية يتعامل بجدية مع احتمال أن يكون نقل التكفيريين اللبنانيين إلى العراق وقتلهم هناك بوصفهم «دواعش»، من بدايته إلى نهايته مخطط أمنيّ مدروس هدفه التخلص من هؤلاء من جهة، والإيحاء بأن هناك من يواصل مقاتلة «داعش» من جهة أخرى، مع العلم بأن الأجهزة الأمنية لا تتعامل بجدية أبداً مع كل ما يسرّب من أسماء وصور وتسجيلات صوتية عن مقتل هذا أو ذاك من التكفيريين، إذ غالباً ما يستخدم التكفيريون هذه الوسائل ليبدأوا حياة «جديدة» بهويات جديدة، وهو ما لا يسمح للقوى الأمنية باعتبارهم قتلى فعلاً قبل الحصول على الجثث أو الأشلاء وإجراء الفحوصات المخبرية اللازمة.
كل قيادات الشمال من دون استثناء، من هم في سدّة الحكم اليوم كرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومن سبقه خصوصاً الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، الى حشد السياسيين المنتمين الى 14 آذار أو المنضوين حالياً في الحلف الذي تقوده السعودية، ومعهم حشد من المشايخ الذين يعرفون بـ«أهل الدعوة»، يرفضون تحمّل مسؤوليتهم عمّا آلت إليه الأوضاع هناك، ويرفضون الإقرار بهروبهم من الدور التنموي الذي يمكنهم القيام به نظراً الى الإمكانات المالية الهائلة التي يحوزونها بفعل أعمال وأشغال جرى معظمها في لبنان، ويرفضون تقديم حسابات حول مآل المساعدات المالية والمشاريع التي يقول السعوديون، مثلاً، إنهم ارسلوا من أجلها مليارات الدولارات ولم يظهر منها شيء على الأرض. ويرفضون حتى تحمّل المسؤولية في النقاش السياسي عن نتائج «لعبة تحشيد المقاتلين» في الشوارع والأزقة، أو عن تمويل لجمعيات دينية تبيّن أن معظمها كانت مجرد غطاء لتنظيمات تكفيرية تولّت تجنيد مئات الشبان وإرسالهم للقتال في سوريا والعراق أو لمواجهة القوى الأمنية في لبنان.
تغيّرت الأمور مع تراجع حدّة الحرب السورية، فمنذ حسم معركة فجر الجرود عام 2017، لم تسجل الأجهزة الأمنية اللبنانية أي تحرك للمجموعات التكفيرية، إلى أن وقعت حادثة كفتون (الكورة) عام 2020، والتي استُدركت باعتقال مجموعة إرهابية لتواصل من بعدها الخلايا النائمة نومها. وفي عام 2022 اعتقلت استخبارات الجيش اللبناني مجموعتين كبيرتين، الأولى في بلدة عرسال البقاعية ضمّت 18 إرهابياً (12 سورياً وستة لبنانيين)، والمجموعة الثانية في الشمال بعد مقتل المؤهل أول في الجيش أحمد مراد.
المطّلعون في الأجهزة الأمنية يؤكدون أن معظم من خرجوا في مراحل سابقة إلى العراق قتلوا هناك، ولم يعد منهم إلا قلّة قليلة، فيما يخرج من سجن رومية دورياً من ينهون سنوات توقيفهم، من دون أي تعديل في توجهاتهم العقائدية. لا بل يستفيد هؤلاء من وجودهم في السجن لتوسيع دائرة علاقاتهم. وغالباً ما يتوجّه كثيرون منهم، بعد خروجهم من السجن، إلى الشمال (لا طرابلس حصراً) بدل البقاع أو بيروت أو صيدا، بحكم هامش التحرك الأكبر هناك. ومنذ نحو ثلاثة أشهر، وفق المصدر الأمني، بدأ تسجيل حركة انتقال من الشمال باتجاه العراق عبر ثلاثة مسارب: مطار بيروت إلى العراق مباشرة لمن لا شبهات لدى القوى الأمنية حولهم، وعبر مطار بيروت، أيضاً، إلى تركيا ومنها إلى سوريا أو العراق لمن لا يوجد في حقهم منع سفر أو ملاحقة أمنية، وعبر المعابر غير الشرعية إلى سوريا فالعراق، في رحلة شاقة. وهذا ما يصعّب على الأجهزة الأمنية اللبنانية الأربعة تحديد رقم دقيق لعدد الشبان الذين يمكن أن يكونوا قد غادروا لبنان للالتحاق بـ«داعش»، سواء في سوريا أو العراق أو تركيا، مع تأكيد كل هذه الأجهزة عدم وجود حركة تجنيد جدية للمجموعات التكفيرية، على غرار ما حدث بين عامَي 2013 و2015. والواضح أيضاً أن الأجهزة الأمنية اللبنانية لا تعرف، حتى اليوم، ما إذا كان انتقال التكفيريين اللبنانيين إلى العراق هدفه تدريبهم وإعدادهم لاستخدامهم في الداخل اللبنانيّ، أو أن أولوية التنظيم المندثر هي الوقوف على قدمَيه في العراق مجدداً، ما يعني أن الهدف الأساس لهجرة هؤلاء هو القتال في العراق لا العودة إلى لبنان، علماً بأن أحد الأجهزة الأمنية يتعامل بجدية مع احتمال أن يكون نقل التكفيريين اللبنانيين إلى العراق وقتلهم هناك بوصفهم «دواعش»، من بدايته إلى نهايته مخطط أمنيّ مدروس هدفه التخلص من هؤلاء من جهة، والإيحاء بأن هناك من يواصل مقاتلة «داعش» من جهة أخرى، مع العلم بأن الأجهزة الأمنية لا تتعامل بجدية أبداً مع كل ما يسرّب من أسماء وصور وتسجيلات صوتية عن مقتل هذا أو ذاك من التكفيريين، إذ غالباً ما يستخدم التكفيريون هذه الوسائل ليبدأوا حياة «جديدة» بهويات جديدة، وهو ما لا يسمح للقوى الأمنية باعتبارهم قتلى فعلاً قبل الحصول على الجثث أو الأشلاء وإجراء الفحوصات المخبرية اللازمة.