تضاربت المعلومات حول عدد أفراد شبكة التجسس التي ضبطها فرع المعلومات في صيدا وهوياتهم، لكن الثابت، وفق مصدر أمني، أنهم كانوا يحضّرون لتنفيذ عمل أمني في عاصمة الجنوب.
وبحسب المعلومات، نفذ الفرع في الثامن من كانون الثاني الجاري عمليات دهم في أكثر من منطقة في صيدا وضواحيها، من سيروب إلى شرحبيل. وأوقف عدداً من الأشخاص، من بينهم أ. حنينة الذي أوقف في منزله في صيدا القديمة، وم. عويد (فلسطيني) في شرحبيل، وم. عبد العزيز وشقيقه (فلسطينيان) مع شخص ثالث أوقفوا في سيروب. وترددت معلومات عن توقيف فتاة من ضمن الشبكة، علماً بأن عويد يدير مركز تدريب على التنمية البشرية وينظّم دورات لتطوير المهارات في هذا المجال لجمعيات وبلديات.
وفيما نقل الموقوفون إلى مقر فرع المعلومات في بيروت، عمل الأسبوع الماضي على سحب أشرطة كاميرات المراقبة المنتشرة على طول الطرق الرئيسية والفرعية بين دوار مكسر العبد على الأوتوستراد الشرقي عند مدخل صيدا الشمالي وصولاً إلى شرحبيل.
في صيدا القديمة، وقع خبر توقيف أحد شبانها من آل حنينة بتهمة العمالة كالصاعقة على أهاليها. يؤكد كثير من عارفيه أن ما يتهم به «افتراء». أحد جيرانه يجزم بأن التهمة المنسوبة إليه هي تعاطي المخدرات. فيما يقول آخر إن الموقوف «حوّل أموالاً من دون أن يعرف أن عصابة مروجي مخدرات تستخدمه لتحويل أموال لتجار». الوجوه الصفراء والعيون الذابلة ترفض تصديق تهمة العمالة. «تنتشر الحبحبة (تعاطي الحبوب المخدرة) ولا تنتشر العمالة في صيدا» يجزم صاحب إحدى البسطات.

الباب ذو القنطرة المنخفضة يقود إلى منزل حنينة. أرضية اسمنتية غير مبلّطة وجدران مزّقتها المياه المتسرّبة والرطوبة تحيل إلى درج طويل في آخر بهو على يمينه غرفة. يشير أحد الأشخاص الى أنه منزل العائلة. غرفة بأرضية اسمنتية مظلمة تملأها رائحة الرطوبة، اجتزئ قسم صغير منها بجدار مستعار، مستحدثاً غرفة نوم للشاب المتهم بالعمالة. شقيقته تشير إلى خزانته، وتقول: «هذه هي ساعات الرولكس وتلك قناني العطور الفاخرة»، في إشارة إلى زجاجة عطر. يستوي والده ببطء بسبب الكيس المثبت على كليته اليسرى. منذ سبع سنوات، مكث الرجل في البيت بعدما أعجزه السرطان والسكري والضغط. بعده بثلاث سنوات، افترس سرطان الرئة زوجته. ابنه الأصغر تنقّل بين وظائف عدة، في معظمها كان بائعاً في محال ألبسة. تلك هي المهنة الأخيرة التي ثبت فيها، متنقلاً بين فروع أحد المحال من صيدا إلى صور. «ابني كسائر الشبان في عمره. ينفق أمواله على اللباس والسهر. اقترض من أحد المصارف ليشتري سيارة قبل سنوات. وعندما أقفل المحل حيث يعمل بسبب انتشار فيروس كورونا، اضطر إلى بيعها لينفق من ثمنها». شقيقته تسارع إلى إبراز إيصالات تسديد القيمة الشهرية للقرض وآخرها الشهر الماضي. «العميل يحتاج إلى الاقتراض؟» تساءلت.
ألا يدفع الطفر إلى الأسوأ؟ «من يلتحق بداعش أو يتعامل مع إسرائيل، يكون قلبه ميت» تقول شقيقة حنينة. أما هو فليس ضيق حاله فقط ما يطمئن عائلته بأنه ليس عميلاً أو إرهابياً، بل إن جبنه أيضاً. «ابني طفران وجبان يخاف من ظله» يجزم الوالد.
أوكلت عائلة حنينة أحد المحامين لمتابعة قضية ابنها. منذ توقيفه في 8 كانون الثاني الجاري، لم يتمكن والده من رؤيته حيث لا يزال محتجزاً في فرع المعلومات في بيروت. سمحوا للعائلة بأن ترسل إليه أغراضاً شخصية. فيما سمحوا له بأن يتصل بهم. «قال لي أنا بريء ومظلوم. لا تصدق شيئاً عني». فيما أصدرت «رابطة آل حنينة» أمس بياناً نفت فيه ما يتداول عن الموقوف «الموجود قيد التحقيق الذي لم ينته بعد».