– تسود وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي موجة تقدم الورقة الخليجية كإنذار سيتبعه البدء بعقوبات مالية على لبنان حتى يتم تطبيق بنود الورقة، وخصوصاً سحب سلاح المقاومة. وفي طليعة العقوبات وقف التحويلات المالية الى لبنان، ومنع التبادل التجاري والتعامل المصرفي معه، وصولاً للتهديد بترحيل اللبنانيين المقيمين في دول الخليج.
– عدم الأخذ بهذا التهويل لا ينبع من الاعتقاد بوهم أن دول الخليج تحترم سيادة لبنان، أو أنها تنظر بعين الرضى لسلاح المقاومة. فحال دول الخليج من حال الموقف الأميركي في المسألتين، وقيمة التصعيد الخليجي تبقى محدودة التأثير قياساً بما يمكن أن يحدث اذا كان القرار شاملاً لكل دول الغرب أميركياً وأوروبياً. والسؤال هو لماذا تم صرف النظر عن هذه الوجهة في المقاربة الأميركية لمواجهة سلاح المقاومة بعدما سارت واشنطن خطوات تصعيديّة مهمة نحو إسقاط لبنان على رؤوس اللبنانيين، لتحميل المقاومة مسؤولية ذلك، قبل أن تنعطف لتعليق العمل بعقوباتها عن استجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري بتمويل من البنك الدولي وعبر سورية، في ردّ على سفن كسر الحصار التي جلب عبرها حزب الله المازوت الإيراني عبر سورية أيضاً؟
– الجواب يكفي لفهم محدوديّة الخطوة الخليجية، وهو أن واشنطن التي تنطلق في عدائها مع المقاومة وسلاحها من التزام أميركي عميق بأمن “إسرائيل”، تنبّهت من خطوة سفن كسر الحصار لخطر المضي قدماً بالتصعيد فتنقلب المعادلة نحو زيادة الخطر على أمن “إسرائيل”، من بوابة توجّه المقاومة نحو فتح ملف ثروات النفط والغاز واحتمال تسبّب ذلك بنشوب حرب لا تتحمّلها “إسرائيل”. فبادرت واشنطن لتحريك ملف التفاوض حول الترسيم بعدما كانت هي مَن أقفل باب التفاوض، وتراجعت عن موقفها المتشدّد الى جانب التعنت الإسرائيلي، ودعت “إسرائيل” لإبداء المرونة، سعياً للتبريد بدلاً من التصعيد، والأمر اليوم قيد التفعيل.
– الموقف الخليجيّ لا يمكن أن يعاكس السياسة الأميركيّة ويشوّش عليها، بل هو امتداد لها، وتلبية لطلباتها، ووظيفته فتح باب التفاوض مع حزب الله بالواسطة، عبر الحكومة اللبنانيّة، بحثاً عن نقطة وسط تبدأ بالموقف الإعلامي، وتصل لبحث فرضيّة انسحاب حزب الله من سورية، مع معرفة أن الحزب غير موجود اليوم لا في اليمن ولا في العراق، وعنوان الطلب هو حصر السلاح داخل الحدود اللبنانية. يعتقد الأميركيون والخليجيون أنه يمكن تحقيق شبه إجماع لبناني حوله، من جهة، ومن جهة مقابلة يشكل المطلب تعبيراً عن رؤية أميركية إسرائيلية لما يمكن تحقيقه عبر التفاوض مع حزب الله لتبريد جبهة سورية وتسهيل الانسحاب الأميركي منها.
– التهويل هو جزء من الحرب النفسية والإعلامية للحصول على الحد الأعلى الممكن لبنانياً، لكن الوقوع تحت وطأة التهويل بتعميم الوهلة، عن حسن نية وسوء قراءة، يبقى في غير محله.