سميت مبادرة كويتية حملها وزير الخارجية الكويتي للبنان ، ليس على سبيل التشاور والحوار ، بل بطلب مشروط وواضح متصل بما اسماه الحل الوحيد لعودة العلاقات الدولية والعربية مع لبنان سياسياً واقتصاديا ً..
وبمعزل عن استغلال الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه لبنان والذي استخدم بشكل واضح بكلام الوزير الكويتي ، يجب التوقف عند عدة نقاط هامة لتوضيح شكل ومضمون هذه الزيارة ..
أولاً لا يمكن اعتبار ما ورد مبادرة بل شروط محددة ومقسمة على بنود عدة بشكل مترابط وغير منفصل ، وعادة تكون المبادرة لفض نزاع بين اطراف او لتقديم مساعدة حول مشكلة سياسية واقتصادية وتأتي المساعدة للحل او على الأقل لوقف التدهور ومنع الذهاب بالمشكلة الى تصعيد اضافي..
اما ما طرحه الوزير الكويتي جاء مخالفاً للحل والمساعدة وهو اقرب الى التفجير ببلد تتوالى فيه الأزمات وتتعمق به الانقسامات داخل معادلة كانت قائمة على توازنات هشة محلية وخارجية اما اليوم فهي شبه معدومة ..
ثانياً التوقيت أتى من حيث الشكل خبيث بالمعنى السياسي لا شخصي ، لأنه جاء بخضم خلط اوراق واشتباك اقليمي ودولي دقيق بين اطراف لها تأثير ونفوذ وترابط بالواقع اللبناني وفي صميم أزمته الاقتصادية والسياسية الحالية ، اَي بتوقيت حرج بالداخل اللبنانين لا يحتمل اَي خلاف بمستوى بعض البنود التي طرحت بهذه المبادرة ..
ثالثاً حملت هذه المبادرة مطالب اسرائيلية وامريكية تطرح منذ العام ٢٠٠٤ وادى الضغط والدفع بها عبر جهات داخلية الى انقسامات عامودية وصل بعضها الى صراع شبه مسلح واصطفافات خطيرة كادت تعود بلبنان لعام ١٩٧٥ ..
رابعاً طلب المبادرة شرط تلقي جواب رسمي وواضح بمهلة زمنية قصيرة من قبل المسؤولين اللبنانيين على كل البنود دفعة واحدة دون تجزئة او تأجيل او نقاش ، يؤشر الى ان الجهات التي تقف خلف المبادرة تريد تحقيق أمرين لا ثالث لهم؟ اما احداث انقسام واشتباك داخلي في حال قبل لبنان الرسمي دون شرط او قيد المبادرة دون ان يكون هناك شبه اجماع وطني على رد موحد..
الامر الثاني هو قبول لبنان ببعض البنود وترك الاخرى للحوار الداخلي والإقليمي ، وهذا ما لن توافق عليه امريكا والسعودية وبالتالي سيكون ذلك بالنسبة لهم ذريعة اضافية لتشديد الحصار الاقتصادي على لبنان ..
فهل تكون هذه المبادرة ٥ أيار جديد يكون له ٧ أيار ، ام اتفاق ١٧ أيار اخر يستدعي اسقاط مرة اخرى ، ام تذهب هذه ” المبادرة ” ادراج الحرب النفسية وتكتيك خلط الأوراق داخلياً وإقليمياً ..
عباس المعلم / كاتب سياسي