أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين، أول من أمس، لائحة بأسماء 890 طالباً لبنانياً في الخارج، استفادوا من هبة قدمتها إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي) لتمويل جزء من كلفة دراستهم. وبما أن كل شيء يمر عبر غربال المحاصصة والزبائنية، أثقلت اللائحة بشبهات شمولها من لا يستحقون الدعم.
وفق مصادر مطلعة، دخلت الأموال إلى الخزينة لصالح الخارجية. لكنها «جُمّدت، ولم تفلح مراجعات مدير عام الريجي ناصيف سقلاوي المحسوب على حركة أمل بتحريكها في الوزارة المحسوبة على التيار الوطني الحر إلى أن صارت من صلاحية وزيرة الدفاع السابقة زينة عكر بعد تسلّمها وزارة الخارجية بالتكليف». وبحسب المصادر، «استجابت عكر لمراجعات سقلاوي وأحيت الهبة مع وزير التربية السابق طارق المجذوب بعد تغيير وجهة استخدامها بموافقة الريجي».
بين الإعلان عن تعبئة الاستمارة إلكترونياً بداية كانون الأول الماضي وإقفال المهلة في الخامس عشر منه، تقدم مئات من الطلاب اختارت الوزارة 890 منهم. الثلاثاء الماضي، اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بوزيري الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب والتربية والتعليم العالي عباس الحلبي، للإعلان رسمياً عن قبول هبة المليون دولار. وفي البيان الرسمي الصادر عن الاجتماع، قال بو حبيب إن الطلاب الـ 890 سيستفيدون من 800 ألف دولار، «بحيث يوزع على كل منهم بالتساوي 898 دولاراً عن طريق البعثات الديبلوماسية التي يتبعون لها». وعن الـ200 ألف دولار المتبقية من المليون، قال بو حبيب إن مرسوم قبولها سيصدر قريباً»، مشيراً إلى أن «من حاز المنحة استوفى الشروط»، وأن اللجنة التي نظرت في الطلبات تألّفت من منير عانوتي عن وزارة الخارجية وإيلي بيطار عن وزارة التربية والدكتور إيلي مخايل عن الجامعة اللبنانية.
في حديث سابق إلى «الأخبار»، مع انتهاء مهلة تقديم الطلبات، أكد عانوتي أن عدد المتقدمين وصل إلى نحو 800 طالب، في حين ضمّت اللائحة نحو 900 اسم. «الأخبار» حاولت أمس، من دون جدوى، التواصل مع عانوتي للاستفسار عن التضارب في الأرقام وعن المعايير التي على أساسها اختيار المستفيدين. إذ إن الأسماء وتوزعها بين الجاليات أثارا شكوكاً عدة حول وساطات وزبائنية ومحاصصة طائفية في اختيار الأسماء. خصوصاً أن بين المستفيدين، بحسب مصادر مطلعة، «نجل أحد الديبلوماسيين المقيم مع والدته وإخوته في إسبانيا منذ سنوات عدة سبقت دخوله الجامعة. إضافة إلى نجلَي أحد النواب الشماليين وأبناء ضباط، ناهيك عن استفادة أشقاء من أكثر من عائلة من الهبة».
شبهات الوساطات صوبت أيضاً على «الريجي» التي اتهمت باستخدام النفوذ السياسي والحزبي لمديرها العام. في اتصال مع «الأخبار»، جزم سقلاوي بأنه لم يتدخل في اختيار الأسماء. وقال: «عقب خروج المليون دولار من خزينة الريجي إلى الخزينة العامة، انتهت صلاحياتي وانقطعت معرفتي بمستجداتها وصولاً إلى اختيار الأسماء». إلا أنه أقرّ بتلقيه مراجعات من أولياء أمور ومزارعي تبغ ومسؤولين لتزكية أبنائهم من بين المستفيدين، «وأكّدت للمراجعين أن ليس لديّ فكرة عن الآلية ولا أريد التدخل».
وعن تبرعها بمليون دولار للطلاب، فيما مزارعو التبغ يرزحون تحت خط الفقر بسبب الفرق الهائل بين تكلفة الإنتاج والمردود بعد انهيار قيمة الليرة، أكد سقلاوي «أننا لسنا مقصرين تجاه المزارعين. يأخذون حقهم وزيادة». وشرح آلية تنظيم العلاقة بين إدارته المستقلة وبين الدولة والتي تنص على أن «جزءاً قليلاً من أرباح إنتاجها يعود للمزارعين، فيما الجزء الأكبر يعود للخزينة العامة». ودافع عن مبادراته بالتبرع لدعم قطاعات عدة من الطلاب إلى الرياضة، بأن «المستهلك اللبناني صاحب الفضل في الأرباح التي تجنيها الريجي من السجائر وهو يستحق بأن يستعيد جزءاً مما ينفقه عبر الهبات والتبرعات والتنمية المستدامة للبلدات من شق طرقات وإنشاء برك ومكتبات للأطفال».