رضوان الذيب-الديار
سلبية سعودية مطلقة تجاه الحريري.. والرسالة الاميركية لحزب الله تحرك السفارات
استبشر اللبنانيون خيرا مع العاصفة الثلجية «هبة» التي غمرت جبال لبنان بالثلوج، وفجرت الينابيع، مما يؤشر الى سنة خير على المزارعين والانتهاء من «شح المياه» وما يعانيه اللبنانيون خلال فصل الصيف مع تجاوز سعر «الصهريج» الواحد للمنازل المليون ليرة، لكن هذه النعمة الطبيعية تحولت الى «نقمة» لدى اهالي الجبال مع غلاء مادة المازوت واحتكارها وانقطاع الكهرباء والتقنين في تشغيل المولدات الكهربائية ورفع الفواتير، بالاضافة الى غلاء الاسعار الجنوني، والسؤال الى القيمين على الدولة وعلى وزارة الاقتصاد وهيئات الرقابة، ما المبرر لرفع اسعار المحروقات امس رغم انخفاض الدولار ١٠ آلاف ليرة ؟ ما المبرر لعدم تخفيض فاتورة المولدات ؟ ما المبرر لعدم تخفيض اسعار المواد الغذائية والادوية ؟ اين وزارة الاقتصاد من عملية الاحتكار ؟ اسئلة برسم المسؤولين لا تلقى اي اجوبة حتى الان والسؤال ايضا للمسؤولين، متى سيتم اعطاء موظفي الدفاع المدني حقوقهم الذين عملوا طوال يوم امس مع عناصر الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي على فتح الطرقات وانقاذ المحاصرين في الجبال في ظروف مناخية قاسية ؟ اسئلة كثيرة في وجه المسؤولين الغارقين في حصصهم وخلافاتهم على مقعد من هنا ومقعد من هناك ، ولا اجوبة حتى الان ؟
اما بالنسبة للعاصفة الثلجية، فقد قطعت طرقات لبنان بدءا من ٩٠٠، وعزلت المناطق النائية، وغطت المياه الطرقات والمزروعات، ورفعت كمية المتساقطات، وكانت العاصفة مصحوبة برياح قوية «وبرق ورعد» وموجة صقيع لم يشهدها اللبنانيون منذ ١٠ سنوات بسبب تدني درجات الحرارة، ومن المتوقع ان تشتد العاصفة صباح اليوم وتصل الثلوج الى ارتفاع ٦٠٠ متر، على ان تتراجع حدتها مع المساء مع استمرار تساقط الامطار والثلوج على ارتفاع ٩٠٠ متر، على ان تنحصر نهار الجمعة وتتحول الى موجة صقيع وجليد على الطرقات مصحوبة ايضا بامطار متفرقة، لتتجدد مطلع الاسبوع وتشتد ايام الثلاثاء والاربعاء.
عودة المبعوث الاميركي لترسيم الحدود
ومن المتوقع عودة المبعوث الاميركي لترسيم الحدود هوكشتاين الى بيروت منتصف الاسبوع القادم لبحث النقاط العالقة بين لبنان والعدو الاسرائيلي جراء عدم الوصول الى الحد الادنى من التفاهمات بين الجانبين خلال المفاوضات السابقة، وتمسك لبنان بكل جزء من ثروته وعدم المساومة على الخط ٢٩، لكن المعلومات المؤكدة تشير الى ان هذا الملف مؤجل البحث فيه بشكل جدي الان، وينتظر الاميركيون نهاية عهد الرئيس ميشال عون وبداية العهد الجديد، وعندئذ قد يسلك الملف مسارا مختلفا مع استئناف مفاوضات الناقورة، وهذا النهج الاميركي مرده الى الرهان على موازين قوى جديدة بعد الانتخابات تسمح لواشنطن الترسيم بشروط جديدة ومغايرة كليا للمسار الحالي.
سلبية السعودية تجاه الحريري
اما على صعيد الاوضاع الداخلية والملفات المتشعبة والمتعلق بعضها بالانتخابات النيابية التي بات اجراؤها حاصلا بنسبة ٨٠ ٪ باعتراف قوى ٨ و١٤ اذار، وفي معلومات مؤكدة في هذا الاطار حسب مصادر عليمة، ان الرياض ما زالت على نهجها «بانهاء» الحريري سياسيا، وهذا القرار لا رجوع عنه في الوقت الحاضر رغم التدخلات المصرية والفرنسية والروسية، ونجح الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته الاخيرة للرياض في اقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالتواصل مع الرئيس ميقاتي وفشل في تامين زيارة للحريري الى الرياض، حتى ان سياسيين لبنانيين واعلاميين علموا بالقرار السعودي الواضح من مسؤولين اماراتيين ومضمونه «انسوا الحريري حاليا» والرياض لا ترغب بعودته الى بيروت وترفض خوض الحريري وتياره الانتخابات، وتصر على اعلان من الحريري بدعم لوائح المجتمع المدني اولا والقوات اللبنانية ثانيا، على ان يكون مرشحو المستقبل ضمن لوائح المجتمع المدني كمستقلين وليسوا باسم التيار، وتلقى الحريري نصأئح الالتزام بالقرار السعودي وابداء حسن النية عل ذلك يسمح بعودته الى الحضن السعودي «يوما ما» ورفع «الحرم» عنه، وفي المعلومات ان المسؤولين السعوديين كانوا منزعجين جدا من حملات المستقبل الاخيرة على القوات اللبنانية الحليف الثابت والوحيد للرياض حاليا في لبنان، ولذلك فان اجتماعات الاشتراكيين والقوات اللبنانية في عاليه والشوف تعقد دوريا من دون مشاركة تيار المستقبل، حتى ان النصائح الجنبلاطية لمسؤولين سعوديين عبر وائل ابو فاعورعن الحاجة لسعد الحريري في الانتخابات لم تلق الاذان الصاغية. وهذا ما ادى الى عدم وضوح الرؤية في البقاع الغربي وراشيا، وقد بدات القوى السياسية تحضيراتها على قاعدة عدم مشاركة الحريري وتياره في هذه الدائرة.
وفي المعلومات، ان التوافق بين الاشتراكي والقوات اللبنانية بات محسوما في عاليه والشوف، وتم الاتفاق على تخلي القوات اللبنانية عن النائب الارثوذكسي في عاليه انيس نصار لمصلحة مرشح جنبلاط سامر خلف «متأهل من ابنة الوزير المرحوم جان عبيد» ويميل جنبلاط الى ترشيح راجي السعد «ابن شقيق النائب فؤاد السعد» عن المقعد الماروني والمرشح الثاني سيكون للقوات اللبنانية التي حسمت الاسم لمصلحة مسؤولها في عاليه من آل مكرزل، اما في الشوف فان النائب جورج عدوان ثابت مارونيا على لائحة القوات، اما جنبلاط فحسم درزيا في الشوف لمصلحة نجله تيمور ومروان حمادة وحبوبة عون مارونيا وبلال عبدالله سنيا وينتظر نعمة طعمة ليحدد موقفه، وهذا ما يؤكد ان المحامي ناجي البستاني لن يكون على لائحة جنبلاط والارجح انه سيكون على اللائحة المقابلة كما تردد، اما درزيا فان جنبلاط ما زال حتى الان يراعي الخصوصية الارسلانية في عاليه وهمه الاول اجراء المصالحات الدرزية الدرزية الناتجة من احداث الشويفات وقبرشمون وكلف الوزير السابق غازي العريضي متابعة الملف مع وئام وهاب، وقد عقدت لجنة المحامين من الطرفين اجتماعها الاول لحل المشاكل القانونية وهذا لا ينفي وجود عقبات جدية حتى الان.
٨ اذار والعلاقات المعقدة بين بري وباسيل وفرنجية
اما على صعيد قوى ٨ اذار، فان «رحلة الالف ميل» التي بداها حزب الله «لاحداث تقارب بين بري وباسيل وفرنجية»، نجحت بـ «الميل الاول» في تخفيف الحملات الاعلامية المباشرة بين الاطراف الثلاثة، ويحتاج حزب الله لكي ينتقل الى «الاميال الاخرى» الى جهود اضافية ومضنية وصعبة بين الحلفاء الثلاثة نتيجة الثقة المفقودة بينهم، ولا يمكن لحزب الله النجاح اذا لم تساعده الاطراف الثلاثة، وهذا لا يعني توقف اتصالات حزب الله مع حلفائه وعقد اجتماعات بعيدة عن الاضواء، يتولاها الخليلان والحاج وفيق صفا مع بري وفرنجية وبلسيل. هذا مع التاكيد ان الخلافات لا تسقط احتمالات التحالف على «القطعة» بين الاطراف الثلاثة كون المصلحة الانتخابية تقضي ذلك في بعض الدوائر، وحزب الله قطع اشواطا بعيدة مع طلال ارسلان ووئام وهاب والقومي والبعث وكل ٨ اذار في الجبل لتركيب لائحة مع التيار الوطني الحر مدعومة من الثنائي الشيعي في ظل رفض بري اعطاء صوت واحد من حركة امل لاي لائحة تضم القوات اللبنانية، وهذا ما ابلغه الى ممثلي جنبلاط، وهذا التحالف بين ٨ اذار والتيار العوني سيسري في مناطق مختلفة باستثناء جزين والبقاع الغربي مع اصرار بري على ترشيح قبلان قبلان شيعيا وايلي الفرزلي ارثوذكسيا وحسن مراد سنيا.
دعم دولي للبنان
لكن بالمقابل، فان التعثر على جبهة بري باسيل فرنجية لا يمكن تعميمه على الجبهة الحكومية بين عون وبري وميقاتي وباسيل وحزب الله، ونتج منه عودة اجتماعات الحكومة التي لا تخرج عن اجواء الاتصالات الايجابية التي قادها حزب الله ونجح في مساعيه، واولى بوادرها الانتقادات التي وجهها جبران باسيل للمحقق العدلي طارق البيطار للمرة الاولى واتهامه بالتباطؤ في تحقيقات انفجار المرفأ والتاخير في اصدار القرار الظني، مما يؤشر الى «طبخة» جرى تحضيرها على نار خفيفة سبقتها عودة الثنائي الشيعي لاجتماعات الحكومة مع التمسك الحاسم باقالة المحقق العدلي طارق البيطار بالاضافة الى موقف الرئيس بري باقالة رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، لذلك تؤكد مصادر عليمة ان «الطبخة» وضعت فيها «مقبلات من عون وبري وميقاتي وباسيل وحزب الله، وفي المعلومات ايضا، ان جلسة مجلس الوزراء الاثنين سيتم فيها قراءة الموازنة على ان تناقش في جلسات متتالية في السراي الحكومي، ويتم تحويلها اواخر الاسبوع القادم الى مجلس النواب، كما ستتاقش الجلسة خطة التعافي قبل ايام من بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وستقر المراسيم الاجتماعية للموظفين بعد مناقشتها في حضور ومشاركة الوزراء الشيعة، وحسب المصادر العليمة، فان تسهيل عمل الحكومة والتوافق الداخلي حول ذلك، يتلاقى مع اجواء دعم عربية واوروبية واميركية، ترجمت بتراجع اميركي، حتى ان مسؤولين اميركيين كبارا في وزارة الخارجية اجروا اتصالات مبااشرة الاسبوع الماضي مع الحكومتين المصرية والاردنية للاسراع في دعم الحكومة، كي لا يسقط البلد تحت سيطرة حزب الله، وظهر حجم التدخل الاميركي عبر اعلان وزير الطاقة الاردني ان بلاده ستوقع اتفاقية مد لبنان ىالكهرباء الاربعاء مع سوريا ولبنان، وسيتم الاعلان الاربعاء من بيروت، وسيقوم البنك الدولي بتمويل المشروع التي تبلغ تكاليفه ٦٠٠ مليون دولار، وقد رحب مسؤولون في البنك الدولي بالاتفاق لأهميته للبنان شرط ان يقترن بالاصلاحات، كما ان اجراءات المصرف المركزي تحظى بدعم اميركي واضح ومباشر لجهة خفض سعر الدولار وتثبيته على سقف محدد قبل الانتخابات النيابية، ووصل عصر امس الى ٢٣ الف ليرة، رغم معارضة صندوق النقد الدولي، هذا بالاضافة الى اجراءات تشمل رفع التغذية بالكهرباء الى ١٢ ساعة يوميا وتامين المحروقات والادوية وتخفيض اسعار المواد الغذائية، وهذه الاجراءات ستعطي دعما لميقاتي وهدنة قبل الانتخابات النيابية.
غضب اميركي من معلومات صفي الدين والرد باجراءات
لكن الحدث البارز امس، والذي تقدم على كل المشهد الداخلي وتابعه اللبنانيون والسفارات بكل اهتمام وحرصوا على الحصول على النص الحرفي لما قاله وكشفه رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين عن تلقي الحزب رسائل اميركية بواسطة احد الاشخاص تدعوه الى حوار مباشر حول كل الملفات اللبنانية، مع دعوات لتشجيعه على الاستثمار بالداخل بعد انتصاراته في حرب تموز ، وقد حظيت هذه المعلومة باهتمام السفارات العربية والدولية ونزلت كالصاعقة على رؤساء القوى السياسية اللبنانية وتحديدا حلفاء واشنطن، فالمعلومة صدرت عن شخصية بارزة وقيادية من الصف الاول في الحزب، وهذا ما اعطاها الصدقية والمتابعة، لان خصوم الحزب يعرفون جيدا دقة معلومات وتسريبات الحزب في قضايا مهمة وفي كل الملفات، وهذا النهج مارسه الحزب طوال مسيرته، وقد اربكت معلومة صفي الدين كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية، كما انهالت على السفارة في بيروت مئات الاتصالات للاستفسار عن الامر وضرورة توضيحه، واكتفى المسؤولون الاميركيون بالدعوة لتجاهل المعلومة وعدم التعليق عليها.