تنهمك الحكومة بترتيب الموازنة للعام 2022 باشراف مباشر من الرئيس ميقاتي الذي يعوّل على انجازها واقرارها في اسرع وقت ممكن لاهداف عديدة ابرزها: اعادة الانتظام المالي العام في البلاد، واستخدامها ورقة اساسية ومهمة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
لذلك اصرّ رئيس الحكومة منذ اكثر من اسبوعين على وجوب استئناف انعقاد مجلس الوزراء من باب الموازنة، وابلغ كل من يعنيهم الامر انه لا يستطيع التلكؤ في هذا الموضوع واضعا الجميع امام مسؤولياتهم.
وعلى عكس ما يحاول ان يشيعه البعض فقد لمس ميقاتي من الثنائي الشيعي ومن الرئيس بري مباشرة اهتماما وتفهما كبيرين، لا بل ذكّره رئيس المجلس بان هذا التوجه حريص عليه منذ فترة غير قصيرة، في اشارة ايجابية واضحة استند اليها رئيس الحكومة في اعلانه عن عزمه الدعوة الى اجتماع الحكومة فور جهوز الموازنة.
ولاحقا ترجم ثنائي «امل» وحزب الله تعاطيه الايجابي مع هذا الموضوع، لا بل انه فاجأ رئيسي الجمهورية والحكومة باعلانه وقف مقاطعته لجلسات مجلس الوزراء والمشاركة فيها لمناقشة واقرار الموازنة وخطة التعافي الاقتصادي، مؤكدا في الوقت نفسه ايضا على العمل من اجل كل ما من شأنه ان يصب لمصلحة المواطن.
ويلفت مصدر سياسي مطلع مقرب من الثنائي الشيعي الى ان هذا الموقف وما ورد من تفاصيل في بيانه المشترك يؤكد بحد ذاته ان ليس هناك صفقة او تسوية وراء قراره، وانه بادر الى اتخاذ هذه الخطوة الايجابية للتأكيد على جملة مسائل منها:
دحض او اسقاط الحملة المنظمة التي قادها البعض ضد «امل» وحزب الله واتهامهما بالتعطيل.
الرد على المصطادين بالماء العكر واتهاماتهم بان موقف الثنائي الشيعي من اجتماعات الحكومة ساهم برفع الدولار الصاروخي مؤخرا فوق الثلاثين الفا، واسقاط هذه الذريعة لوضع الجميع امام مسؤولياتهم.
قناعة ثنائي «امل» وحزب الله باهمية انجاز الموازنة وخطة التعاطي الاقتصادي، مع الاشارة في هذا المجال الى ان الرئيس بري عمل في اطار موقعه كرئيس للمجلس ونجح في اقرار سلسلة قوانين مهمة لتسهيل وضع وانجاز خطة التعافي.
وبرأي مصدر نيابي ان قرار «امل» وحزب الله بالعودة الى جلسات مجلس الوزراء يشمل عمليا كل نطاق عمل الحكومة، باعتبار ان الاولوية اليوم تكاد محصورة في الموازنة وخطة التعافي الاقتصادي التي تشمل مسائل وقوانين ومشاريع عديدة. كما ان حرص الثنائي على التأكيد على مصلحة المواطن يفتح الباب ايضا امام مناقشة واقرار قوانين ملحة تندرج في هذا الاطار.
ويضيف المصدر ان هذا الموقف الايجابي يفتح الابواب مشرعة امام استعادة الحكومة عافيتها وتزخيم عملها لتحقيق خطوات مهمة وعملية في وقف الانهيار، لافتا الى ان الكرة اليوم هي في مرمى الحكومة بكل مكوّناتها اولا، وفي مرمى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والجهات الدولية المانحة التي يفترض ان تعدل من مواقفها وتعاطيها مع الجهات اللبنانية الرسمية المسؤولة في المرحلة المقبلة بعد ان تكون قد انجزت خطة التعافي الاقتصادي والموازنة.
ويخشى المصدر من ان تستمر هذه الجهات والدول في سياسة تجاهل الدولة ومؤسساتها في برنامج مساعدتها الفورية، وان تبقى تحصر هذا الموضوع بجماعات ومجموعات اهلية ومدنية لم تساهم منذ 2019 وحتى اليوم عمليا بتحقيق اية نتائج ملموسة على صعيد تخفيف الاعباء على المواطنين.
ويذهب المصدر الى القول ان مساعدات بعض المجموعات تصبّ في دعم هذه المجموعات لاهداف سياسية وتشكل جزءا مهما من رصيدها في معركتها الانتخابية المقبلة.
ويستدرك المصدر النيابي قائلا ان هذا الامر لا يعفي الدولة بكل مؤسساتها من تحمل مسؤولياتها والقيام بواجبها من اجل الاسراع في اتخاذ الخطوات العملية الكفيلة بوقف الانهيار وتخفيف الاعباء عن كاهل المواطنين.
ويشير في هذا المجال الى ان تراجع الدولار في الايام القليلة الاخيرة عن الرقم الصاروخي الذي سجله قبل ذلك لم يترجم بعد اكان على صعيد تخفيض الاسعار بصورة عامة ام على صعيد خلق نوع من الاستقرار في سوق العملة.
وقد تأكد من التجارب لا سيما مؤخرا ان ارتفاع سعر الدولار ليس نتيجة الازمة الاقتصادية فحسب، بل ان نسبة من هذا الارتفاع ناتجة عن اسباب اخرى منها التأزم السياسي، وفلتان المنصّات الالكترونية، ومصلحة بعض الجهات التي ربما تسعى الى استثمار موضوع الدولار لاهداف انتخابية وهذا الامر ليس محصورا بطرف واحد او طرفين بل يكاد يشمل معظم الاطراف المتصارعة على الساحة اليوم.