–فاطمة بلال فنيش
–وكالة نيوز
حلّ فصل الصيف، وحلّت معه أسراب المغتربين وموجات السياحة الموسمية، مخلفة ورائها بلداً يتخبط بالأزمات على كافة اطيافها..سياسيةً كانت، اقتصاديةً، اجتماعية أم صحية، بلدٌ عانى ما عاناه من المشكلات الشاملة بفعل سنوات طويلة قضاها تحت نير الحروب المحلية والإقليمية على حد سواء..
مع خريف العام 2019 هبت رياح تشرينية، أثارت في نفوس بعض اللبنانيين حراكاً شعبياً على الواقع المعيشي المتردّي دون الوصول لجدوى، في بلد شرذمته الانتماءات المختلفة والأهداف المتفاوتة، بحيث أصبح فيه رجال السلطة هم رموز الثورة والتحرر..
ودخل بعدها الإقتصاد اللبناني بدوامة الدولار وانهيار سعر صرف العملة الرسمية، مما جعل المواطنين غارقون في معضلة البحث عن المواد النفطية والطحين والدواء، في ظل تناوب انقطاعها، وذلك بدلاً من السعي لتأمين القوت اليومي الذي اصبح حلماً لفئة ليست بقليلة من اللبنانيين..
أضف الى حزمة المشاكل التي تحاصرنا اليوم و التي لا يمكن حصرها في مقالنا هذا، ازمة الكهرباء، وهي أشهر من ان تعُرف في هذه الايام العصيبة، من هنا، يمكننا التسليمُ جدلاً ومنطقاً بأن مؤسسة كهرباء لبنان لا يعوّل عليها، ولكن سبق ان استلسمنا للأمر الواقع، و أوكلنا هذه المهمة للمولدات الكهربائية الخاصة، ووجدنا انفسنا في زمن”لما بتوقع العنزة بيكتروا سلاخينها”..ويبدو ان أصحاب المولدات الخاصة قد احكموا جَلدَنا، وتحولوا في هذه المحنة إلى لصوصٍ جشعين، لا يرأفون بمن شاركهم الحلوة قبل المرة، ووجدوا من هذه الأزمة فرصةً للكسب والنهب..
وعلى سبيل المثال لا الحصر، نسرد نموذجاً عن واقع منطقة لبنانية، كحال الكثير من المناطق في لبنان، حيث يمدّ السيد ك.َ إِ، صاحب إحدى مولدات العتمة في حي الامراء، منطقة الشويفات–جنوبي بيروت، بالتغذية الكهربائية الخاصة، بتسعيرة فرضها مسبقاً تخطت عتبة المليون ونصف المليون ليرة لبنانية، مقابل الخمسة أمبيرات لكل بيت، وذلك قبيل حلول فصل الشتاء، علماً بأنه كان يستلم المازوت المدعوم إلى حين تم إيقاف الدعم عنه، متذرعاً بشرائه مادة المازوت عبر السوق السوداء، ورافضاً في بداية الأمر تسلم المازوت الذي تم تأمينه من الدولة الإيرانية والذي وُزِّع على البلديات كافة وبتسعيرة موحدة، في ظلّ شبه غيابٍ للتيار الكهربائي عن المنطقة، واستبعاد أي حلول قريبة لأزمة الكهرباء، مضاف إليه التقنين المُقيت لساعات التغذية الذي يتبعه المدعو مع مشتركيه، غير آبهٍ للحاجة الماسة للكهرباء، سواءَ للتدفئة ام لحاجة الطلاب المُلحة لمتابعة الأعمال الدراسية كافة.
كما وتمنع السيد إ. عن إتباع أسلوب العدادات الشهرية لكل منزل مشتركٍ لديه، بعد مطالبتهم له بذلك الأمر، تيمّناً بغيره من أصحاب المولدات الخاصة، الذين أتبعوا أسلوب العدادات الشهرية مع مشتركيهم، مما رفع تلقائياً ساعات التغدية لديهم، لكن أهالي المنطقة جوبهوا بالرفض منه متزعماً بأنه لن يحقق الأرباح المرجوّة..
وبواقع حال سكان تلك المنطقة، والتي تتشابه مع مناطق لبنانية عدة، ننقل واقعاً صعباً، وهي عينة عن ما يعانيه المواطن على كامل التراب اللبناني، علّه هناك من آذن صاغية لهذه المعاناة مع أزمة الكهرباء، أو تدخلاً جدياً من أحد المعنيين..
ولأصحاب المولدات الكهربائية الخاصة، و كل المحتكرين والفاسدين، ولكل من تخاذل في مثل هذه الظروف، كيف سنأمن لكم ولأمثالكم على مستقبل أبنائنا والأجيال القادمة، هذا إذا قُدّر لنا العيش في هذا الوطن..