“كلمة سرّ” العودة “المفاجئة”… لا تعيينات ولا من يحزنون!
حسين خليفة – لبنان24
لا يزال إعلان “حزب الله” و”حركة أمل” تراجعهما عن قرار مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، “الحدث” من دون منازع، بعدما قلب كلّ المعطيات والوقائع، وربما الأولويات، على الأرض، في انتظار تحديد موعد جلسة للحكومة، يرجَّح أن يكون مطلع الأسبوع المقبل، بعد إنجاز مشروع الموازنة المتوقع في غضون أيام، وفق تقديرات المعنيّين.
وفي انتظار الجلسة الأولى الموعودة، لا تزال الأوساط السياسية منهمكة أيضًا بـ”تحليل” البيان المشترك الذي صدر عن ثنائي “الحزب” و”الحركة” في محاولة لفهم “الخلفيات الحقيقية” للقرار، و”الدوافع” التي أملت عليهما اتخاذ القرار، الذي صُوّر في بعض أوساطهما السياسية والإعلامية، على أنّه “تراجع” وربما “خسارة سياسية”، ولو أنّ “مصلحة المواطنين الشرفاء” التي استند إليها القرار تبقى فوق كلّ اعتبار.
بالموازاة، سيطرت ما وُصِفت بـ”الشروط” التي فرضها “حزب الله” و”حركة أمل” على عودة اجتماعات مجلس الوزراء على الاهتمام السياسي والإعلامي أيضًا، حيث خرج من يتّهم “الثنائي” بمصادرة “صلاحيّة” تحديد جدول الأعمال، في مقابل دحض المحسوبين على “الثنائي” لمثل هذا الاستنتاج، معتبرين أنّه يبقى من حقّ أيّ وزير حضور أو مقاطعة أيّ جلسة لمجلس الوزراء، بناءً على جدول أعمالها.
هل هي عودة “مشروطة”؟!
هكذا، قيل إنّ عودة “حزب الله” و”حركة أمل” إلى جلسات مجلس الوزراء “مشروطة”، وهو ما أوحى به أصلاً بيانهما المشترك الذي صدر السبت الماضي، وجاء فيه أنّ وزراء الثنائي وافقوا على حضور جلسات مجلس الوزراء “المخصصة لإقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي وكل ما يرتبط بتحسين الوضع المعيشي والحياتي للبنانيين”.
استنادًا إلى ما تقدّم، فَهم كثيرون أنّ العودة “مشروطة”، وأنّ الثنائيّ يحتفظ بذلك بـ”حقّه” بعدم حضور أيّ جلسات لمجلس الوزراء لا تندرج ضمن هذه “العناوين”، ولو أنّ كثيرين يعتبرون أنّها عناوين عامّة، وقد يكون “المَخرَج” واضحًا، باعتبار أنّ معظم الملفّات الضاغطة تصبّ في خانة “كلّ ما يرتبط بتحسين الوضع المعيشي والحياتي للبنانيين”، وبالتالي فإنّ أيّ قضايا اجتماعية ومطلبية ملحّة لن تقف عائقًا أمام حضور “الثنائي” للجلسات.
لعلّ “الثنائي” أراد بذلك أن يؤكد أنّ الهدف من عودته هو تمامًا كما أعلن، “تلبية نداءات القطاعات الاقتصادية والمهنية والنقابية”، وتغليب “مصلحة المواطنين الشرفاء”، علمًا أنّ أوساطه تؤكد أنّه “جاهز” لحضور أيّ جلسة لمجلس الوزراء “تحترم” هذه العناوين، ولو لم تكن الموازنة أو خطة التعافي في متنها، باعتبار أنّ هناك الكثير من القضايا “الملحّة” التي تعني المواطنين بالدرجة الأولى، والتي لا بدّ من إقرارها سريعًا.
“فيتو” على التعيينات
ثمّة من يسأل: إذا كان الثنائي “منفتحًا”، كما توحي أوساطه، فلماذا وضع “الشروط” أساسًا، ما فتح المجال أمام اتهامه بمصادرة صلاحيات من هنا، وفرض جدول أعمال من هناك؟ لعلّ “كلمة السرّ” في الإجابة تكمن في التعيينات، التي بدا واضحًا أنّ “الفيتو” الذي وضعه “الثنائي” يستهدفها بالدرجة الأولى، وقد تكون “بصمات” رئيس مجلس النواب نبيه بري تحديدًا، أكثر من واضحة في هذا السياق.
ولعلّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وفق ما تقول الكثير من الأوساط، ليس بعيدًا عن هذا الجو، باعتبار أنّ التعيينات قد لا تكون “محبَّذة” على أبواب مرحلة الانتخابات النيابية المنتظرة، والموصوفة بـ”المفصلية والمصيرية”، ما يعني أنّ أيّ سلّة تعيينات تتّخذها الآن، ستكون حساباتها “انتخابية” بالدرجة الأولى، علمًا أنّ الرئيس ميقاتي كان واضحًا أيضًا حين تحدّث عن رفضه تغيير “الضباط” في إبان “المعركة”.
ولا يخفى على أحد أنّ “الاتهامات” في هذا السياق موجّهة إلى “التيار الوطني الحر”، الذي لا يخفي رغبته بإقرار “سلة تعيينات” في الفترة المقبلة، وسبق أن وضعها “شرطًا” للموافقة على “التسوية الشهيرة”، وفق كلّ التسريبات التي تمّ تداولها، ولذلك يُعتقَد أنّ “الشروط” التي وضعها “الثنائي” ستبقى “سارية” حتى موعد الانتخابات، إن جرت، على أن يُبنى على الشيء مقتضاه في مرحلة ما بعد الانتخابات.
ثمّة من يعتبر أنّ “حزب الله” و”أمل” اتخذا قرارهما بالعودة تحت وطأة “الضغط الشعبي”، وخشية من تعاظم الأمور، وتحميلها مسؤولية الانهيار الدراماتيكي المتسارع. ولذلك، فهو وجد في “حصر” العودة بما يمتّ إلى “الانهيار” بصلة، “المَخرَج الأمثَل” لتقليل الخسائر. ورغم الجدل الذي أثارته مثل هذه “الاشتراطات”، فإنّ الأكيد أنّها تبقى “عنوان المرحلة”، طالما أنّ المطلوب من الحكومة العمل على “الإنقاذ”، بعيدًا عن حسابات السياسة والانتخابات!