شارل أيوب-الديار
صحيح ان الشعب اللبناني ليس من اتباع مذهب المشيئة الواحدة ، وهذا ما اوصلنا الى واقع بعد الطائف ، حيث تم تحديد الميثاقية ضمن الدستور بشكل مباشر وغير مباشر ،واصبح تأليف الحكومات خاضع لمبدأ الميثاقية وعملها ايضا ، والا فإن التعطيل يطال اجتماعات الحكومة او عملها ان لم تكن حاصلة على الميثاقية التي تشمل اربع مذاهب لبنانية واكثر.
لقد اتخذ الثنائي الشيعي الوطني قرارا بالعودة الى اجتماعات مجلس الوزراء ، والخطير في الامر ان يكون هنالك صفقة او اتفاق تحت الطاولة ، مقابل هذا القرار خاصة الدائرة رقم 16 ، وهي الغاء تصويت المغتربين في الخارج بـ 128 نائبا وتحويلهم لانتخاب 6 نواب في الاغتراب لان مشاركة المغتربين في الانتخابات سيؤدي الى تغيير النتيجة في الانتخابات على اساس 128 نائبا، و سيغير صورة المجلس النيابي القادم.
على كل حال نفى حزب الله وحركة امل كليا حصول اي ضغط او دخول اي عنصر على خط عودة وزراء الشيعة الى الحكومة ، وهو امر نريد ان نصدقه لان الاهم هو وقف الانحدار والانهيار الذي كان حاصلا منذ 3 اشهر، وحتى الان بسبب تعطيل مجلس الوزراء على قاعدة ان غياب الوزراء الشيعة يفقد الحكومة الميثاقية ، وبالتالي تكون قرارات مجلس الوزراء غير شرعية ، لقد صبر الرئيس نجيب ميقاتي على دعوة الحكومة وكان صائبا في موقفه وعقلانيا ووطنيا معترفا بأن الميثاقية هي قاعدة اساسية وطنية سواء في مجلس الوزراء ام في بقية المؤسسات، طالما ان لبنان ليس دولة مدنية بل بلد الديموقراطية التوافقية الميثاقية. اندفع الثنائي الشيعي الوطني الى العودة الى مجلس الوزراء بعد سقوط خطوة الرئيس العماد ميشال عون بشأن طاولة الحوار وتدهور الوضع اكثر واكثر، وتمت ممارسة سياسة غير مسؤولة من الجميع تجاه الشعب اللبناني من عذابات ، واحوال سيئة بشكل ندر ان حصل في التاريخ اللبناني ، الا من قبل العثمانيين والمماليك وهم جيوش لم تكن تعترف لا بحقوق انسان، ولا بخصوصية لبنان وهي الدول التي استعمرته، المهم الان ان مجلس الوزراء عاد للاجتماع والشعب اللبناني ينتظر منه الكثير لكن المافيا باقية في البلد والمضاربة على الدولار ستستمر واللعبة الشيطانية بخصوص الليرة اللبنانية وسقوطها بنسبة 93 بالمئة امام الدولار شاركت فيها هذه المافيا التي حصدت مئات ملايين الدولارات من الارباح ،على حساب الشعب اللبناني وهذا ما شعر به ايضا جمهور حركة امل وحزب الله لان قرار حزب الله وحركة امل لم يأت من فراغ بل جاء من شعور جمهوري اي جمهور حزب الله وحركة امل بأن وضعهم لم يعد يحتمل الاسوأ بعدما وصل الدولار الى 33 الف ليرة وكما ذكرنا بخسارة الليرة اللبنانية 93 بالمئة من قيمتها وجنون ارتفاع الاسعار والهجرة التي حصلت وتعطيل كل مرافق الحياة في لبنان بشكل لم يحصل سابقا منذ تأسيس الكيان اللبناني سنة 1920 .
الان ننتظر اجتماع الحكومة والتركيز هو على الموازنة التي يعدها وزير المال وسيسلمها الى رئيس الحكومة الذي وعد بدعوة مجلس الوزراء الى الاجتماع فورا. اكثر ما يمكن ان يحصل هو ان تكون قرارات الحكومة قرارات شعبوية اي اقرار زيادات في الرواتب والتعويضات بشكل شعبوي يجعل لبنان غير قادر على دفع فوائد ديونه ، كما حصل مع حكومة الرئيس حسان دياب عندما اتخذت القرار الخاطئ بعدم دفع الفوائد المستحقة على لبنان لصالح المديونية التي تحملها الموازنة اللبنانية.
تحمل الشعب اللبناني كثيرا وهاجر من هاجر وخسر كثيرون منازلهم وعقاراتهم واعمالهم، وزادت البطالة ورغم ذلك فالمطلوب قرارات جدية لكن ليس تحت طابع التدويل كما يريد صندوق النقد الدولي ، بل تحت طابعB.O.T وهذا ما يجعل لبنان ينشط مؤسساته ويبقى اللبنانيون اسياد على ملكية مؤسساتهم مع تأمين الربح للشركات التي تلتزم على قاعدة B.O.T وتأمين الارباح مشاركة بين لبنان وهذه الشركات.
مطلوب فورا الانصراف الى الكهرباء والخروج من هذه الدوامة التي دامت 30 عاما وخاصة منذ 10 سنوات وحتى الان، والمطلوب خطة تعافي جدية اقتصاديا وماليا ونقديا ،ومعرفة اي لبنان نريد على المستوى الاقتصادي قبل البحث في السياسة الدفاعية ، وقبل البحث في اللامركزية الادارية المالية لان كل هذه العناوين مضيعة للوقت، اما رفع قيمة الدولار الرسمي فسيكون كارثة على الشعب اللبناني خصوصا اذا اصرت جمعية المصارف على ذلك، لان سعر الدولار يجب تحريره وترك الاقتصاد اللبناني بعد التعافي ينطلق وهو الذي يحدد سعر الدولار في الاسواق ، مطلوب اعادة اعمار المرفأ وليس خصخصته بل نكرر على قاعدة B.O.T ومطار بيروت والاتصالات والانترنت واوجيرو والطرقات والاوتوسترادات ، ومطلوب ان تعمل المؤسسات الرقابية ولا يتم اي تلزيم لمشروع خارج دائرة المناقصات كما حصل في الماضي لمشاريع بمليارات الدولار بالتراضي وليس عن طريق دائرة المناقصات ، كما اعلن بوضوح رئيس دائرة المناقصات جان عليّه. المطلوب الانطلاق بسرعة ولو تم فرض نقطة واحدة على القيمة المضافة T.V.A ويجب الانتباه الى دولار الرسوم الجمركية بشكل لا يضرب الصناعة اللبنانية والزراعة اللبنانية فتصبح الرسوم على التصدير عالية ، مما يضعف المنافسة للبضائع اللبنانية في الخارج ، كذلك الدولار الجمركي يمكن ان يضرب الاستيراد ويجعل الاسعار مرتفعة للبضائع ، لان لبنان مستورد كبير اكثر مما هو مصدّر. المطلوب اجتماعان للحكومة في الاسبوع المطلوب خطة عمل طوارئ.
فهل سيفعل ذلك مجلس الوزراء؟ وهل سيلبي مجلس النواب؟ سؤال يطرحه الشعب اللبناني وينتظر الجواب عشية الانتخابات النيابية التي ستحصل بعد اشهر.