أيسر نور الدين Aysar Nour el Dine
ليست غريبة الأرقام التي أصدرتها منظمة”هيومن رايتس ووتش” في “التقرير العالمي 2022″ والتي تشير إلى أن أكثر من 80% من السكان في لبنان باتوا يعيشون تحت خطّ الفقر، و36% في فقر مدقع، بعد أن كانت النسبة في حدود 8% عام 2019، وليست جديدة أرقامها التي تؤكد أن العملة اللبنانية فقدت نحو 90% من قيمتها لا بل وصلت إلى حدود 95% في الأيام القليلة الماضية بعدما وصل سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى نحو 33 ألف ليرة للدولار الواحد.
من قرأ هذه الأرقام من المواطنين أو يقرأها الآن بالتأكيد لن يفاجأ كثيراً أو لن يفاجأ بتاتاً، فالشعب اللبناني بات مخدرًا والجرح حين يمضي عليه الوقت يتأقلم معه الجسم.
هكذا باتت حال اللبنانيين، 80% منهم باتوا يقضون أيامهم مع جرح ينتظرون أن يندمل ويتساءلون: متى يخرج لبنان من أزمته؟
الخبير الاقتصادي، الدكتور باتريك مارديني أشار لـ”لبنان 24” إلى أن “البلاد اليوم أمام مفترق طرق فالأزمة التي تمر بها قد مرت بها أو بما يشبهها دول عديدة”، لافتًا إلى أن “هناك بلدان استطاعت أن تخرج من أزمتها في وقت قصير وأخرى لا تزال تعيش الأزمة حتى اليوم ولبنان إما أن يحذو حذو إيرلندا ويأخذ إصلاحات صعبة غير شعبية ولكنها تستطيع أن تنقذه، أو يحذو حذو بلدان أخرى مثل فنزويلا وزمبابواي ويبقى يعيش الأزمة لمدى طويل”.
وقال: “اليوم الخيار الذي يسير به لبنان هو خيار فنزويلا والذي هو خيار طباعة الليرة من أجل تسديد خسائر القطاع العام وهو ما يسمى تسييل الدين”، لافتًا إلى أن “الدولة تقوم بتسديد الدين عبر طباعة الليرة وليس عن طريق أرباح تجنيها وهذا يعد خطيئة كبرى لأنه هو ما أوصل لبنان للانهيار الذي يعيشه في سعر الصرف”.
وأضاف: “إن نفقات الدولة أعلى من مداخيلها وبالتالي الحل الطبيعي هو عبر تخفيض نفقاتها لتصبح أقل من مدخولها لتحصل على فائض في الموازنة لتقسيط الدين العام وهذه هي الطريقة السليمة، ولكن ما يحصل عكس ذلك عبر طباعة الليرة ما يعني تضخمًا وانهيارًا في سعر الصرف وهذا ما وصلنا إليه”.
كيف يمكن أن تخفض الدولة نفقاتها؟
وأكد مارديني أن هناك العديد من الطرق لضبط النفقات وأهمها ضبط الصفقات العمومية أو الشراء العام وهو حل طويل الأمد، لافتًا إلى أن “أحد أكبر مزاريب الهدر قبل الأزمة كان الصفقات العمومية التي يشوبها شبهات فساد والدولة دفعت الكثير من الأموال لكي تؤمن الكهرباء والمياه وغيرها وفي نهاية المطاف لم يتم تأمين أي من هذه الخدمات بشكل مناسب وهذا ما أوصل عدد من المتعهدين اللبنانيين لأن تكون أسماؤهم تحت سقف العقوبات الأميركية”.
هل يتم التخلي عم الليرة؟
وقال مارديني: “اليوم ما يجعل الشاب اللبناني فقيرًا هو انهيار سعر الصرف وبالتالي هناك حلان: تقوية الليرة أو التخلي عن الليرة واسخدام عملة مستقرة”.
وأوضح أن “الحل الأول يمكن الوصول إليه عن طريق إنشاء مجلس نقد “currency board” ما يعني أن المصرف المركزي يبقى ولكن يتم وضع قواعد صارمة له تمنعه من إصدار الليرة أو طبع ليرة غير مغطاة بالدولار وهذا ما يقوي الليرة ويعيد الثقة للاقتصاد اللبناني”، أما الحل الثاني وفق ماريني فيكمن عبر الدولرة وهو ما يحصل حاليًّا، “فالمواطن اللبناني عوضًا أن تدفع له 3 ملايين ليرة تقول له أنك ستعطيه 100$ وهنا تكون قد حميته من المزيد من الانهيار لأن بعد مدة من الممكن أن يفقد قيمة راتبه أكثر وهنا أهمية الدولرة للمحافظة على ما تبقى من القدرة الشرائية للشعب اللبناني”.
وأكد مارديني أن “الدولرة هي الحل في حال لم يتم إنشاء “currency board” رأفة بالشعب وهذا ما قامت به العديد من البلدان مثل الإكوادور”.
المصدر: لبنان 24