لأننا أمام مأزق وجودي، الـــبقـاء أو اللابقاء، ولأن الانتخابات النيابية ليست سوى ملهاة ثقيلة الظل، ولا تليق حتى بالماعز، بعدما تحول الدستور الى حطام لغوي، وتحول الرعايا الى حطام بشري، ماذا يعني أن يكون، أو لا يكون هناك رئيس لـ … جمهورية جهنم ؟
حتماً، نحن مع أن يكون الرئيس مارونياً، لأن الموارنة وراء قيام «دولة لبنان الكبير ولأن المسيحيين، بوجه عام، هم من صنعوا الحداثة والاشعاع، في لبنان.
بقاء لبنان، اذا كان من امكانية لهذا البقاء، رهن ببقاء المسيحيين، وان اهتز، أو تزعزع دورهم لزبائنية، ونرجسية، بعض القيادات التي بعضها يلعب لعبة خطيرة وأكبر منه بكثير. انتبهوا…!!
وحتى ان تحولت الرئاسة الى طربوش فارغ. المسألة تتعلق بالتركيبة السيكولوجية، والتاريخية، للموارنة، كما بالنظرة الدولية الى لبنان، مع أن لغة العصر لم تعد لغة القيم، وانما لغة الأسواق.
هذا لا يمنعنا من القول أن الطائفية آفة لبنان، وهي الأداة الذهبية في أيدي أولياء أمرنا. لا المناصفة هي الحل ولا المثالثة. الدولة المدنية طريقنا الى الخلاص، وبعملية جراحية تعيد ترتيب هياكلنا العظمية.
هذا قرن يقول بانسان ما بعد الانسان، بزمن ما بعد الزمن، وبمفاهيم ايديولوجية تتخطى الهذيان العبثي بين جاذبية الغيب وجاذبية الغيبوبة. القرن الذي يدق على ظهورنا، وعلى صدورنا: اخرجوا من هذه القوقعة، ودعوا التاريخ يستريح. الله يستريح…
لا مكان للأنظمة الثيوقراطية، ولا للأنظمة المركبة، طوائفياً. أول ما قاله المؤرخون «الاسرائيليون» الجدد ان تحويل «اسرائيل» الى دولة يهودية يفضي الى موت هذه الدولة. البقاء داخل الأسلاك الشائكة، في حقبة الأبواب، والآفاق، المشرعة يعني الجوراسيك بارك. حديقة الديناصورات التي لا تلبث أن تنقرض.
نعلم أننا معلقون (عالقون)على الخشبة بانتظار ما ينتج عن مفاوضات فيينا بتداعياتها المتعددة الأبعاد. أيضاً، بانتظار نتائج المحادثات بين السعودية وايران (غداً المحادثات السورية ـ السعودية).
لبنان، وبالرغم من كل الضجيج الديبلوماسي، باق كمسرح للدمى المتحركة. من تراه لم يلعب بنا ؟ هنري كيسنجر رأى فينا الفائض الجغرافي الذي يمكن استعماله لتفكيك أزمات المنطقة. تحديداً أزمة «اسرائيل» ما دام الوجود الفلسطيني يطبق على عنقها.
لسنا بحاجة الى فؤاد شهاب آخر، أو الى الياس سركيس آخر، كما يطرح الفرنسيون كرئيس مقبل. مفكر عربي قال لنا « قد تكونون، لعلاج حالتكم، بحاجة الى ستالين آخر، أو الى هتلر آخر. الطبقة السياسية عندكم تعود ما قبل التاريخ».
أما وقد توقفت النساء عن انجاب مثل هؤلاء الرجال، لا خيار أمامنا سوى أن نترك للآخرين، وبايديهم الغليظة، أن يديروا رؤوسنا، ورؤساءنا، كيفما يشاؤون…