مشاورات بعبدا: } كرامي: الحوار طريق التسويات } بقرادونيان: التقاتل بديل الحوار / } باسيل: للحوار بمن حضر } حردان: أولوياتنا هي أولويّات الناس وليس بينها اللامركزية / صفي الدين في مؤتمر المعارضة للسعوديّة: أوقفوا تدخلاتكم ولا تصدّقوا المرتزقة /
كتب المحرر السياسي-البناء
يشهد لبنان اليوم طرقاً مقطوعة واحتجاجاً منظماً دعا اليه اتحاد النقل البري وتشارك فيه سيارات نقل المحروقات، في واحدة من التداعيات الساخنة لأزمة إرتفاع سعر الصرف وغياب المعالجات الحكومية لنتائجها على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، حيث التسعير بات مستحيلاً مع التغيير اليومي لسعر الصرف، وسعر الخبز والبنزين والغاز ومن خلالها سائر المواد الاستهلاكية باتت بورصة متحركة، وبعض التجار أقفل ممتنعاً عن التسعير والبيع، إما خشية من الوقوع في الخسارة أو طلباً لربح أكبر مع سعر أعلى للدولار.
في الشأن السياسي واصل رئيس الجمهورية مشاوراته في بعبدا، وكانت أبرز المواقف التي سجلت في ثاني وآخر أيام التشاور قبل البتّ بمصير الدعوة للحوار، بين خياري التأجيل لحين توافر الإجماع على المشاركة، أو السير بالحوار بمن حضر، وفقاً لما قاله رئيس التيار الوطني الحر، حيث ليس الحوار بين أطراف الفريق الواحد، فالتعدد شامل في لبنان والأغلبيات متحركة، وليس صحيحاً أن الذين يؤيدون الحوار يتفقون على مقاربة القضايا المطروحة؛ بينما قال النائب فيصل كرامي ممثلاً اللقاء التشاوري إن لبنان بلد التسويات، والتسويات هي ثمرة الحوار، والحوار اليوم أفضل من الغد. وذهب رئيس حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان، إلى القول إن بديل الحوار لحسم الخلافات هو التقاتل الأهلي الذي جرّبه اللبنانيون ولا يريده أحد.
من جهته رئيس الكتلة القومية النائب أسعد حردان ركّز على ما دار بينه وبين رئيس الجمهورية لجهة أن تكون أولويات الحوار هي أولويات الناس مستفيضاً في التوقف أمام حاجات الناس اليوميّة والضغوط التي يتعرّض لها المواطنون اللبنانيون في قضايا معيشتهم، مضيفاً أن هناك قضايا مطروحة لا تلقى القبول لعدم تمثيلها أولوية عند اللبنانيين، ومنها قضية اللامركزية، التي تجب مقاربتها ضمن سلة كاملة للإصلاحات السياسية التي تنمي روح المواطنة، عبر قانون انتخاب عصري وطني لا طائفي ولو على مستوى دوائر أصغر من لبنان دائرة واحدة.
مصادر قصر بعبدا قالت ان رئيس الجمهورية سيدرس حصيلة مشاوراته، التي أضيف اليها موقف رئيس المجلس النيابي المؤيد للدعوة للحوار والمستعد للمشاركة، ليقرر السير بالحوار أو تأجيله، أو توسيع دائرة التشاور نحو المرجعيات الروحية والهيئات النقابية والنخب تمهيداً لبلورة موقف نهائيّ من الدعوة.
بالتوازي جذب الانتباه أمس، اللقاء الذي شهدته الضاحية الجنوبية لبيروت لشخصيات وقوى المعارضة في الجزيرة العربية، في ذكرى إعدام الحكم السعودي للمعارض الشيخ نمر النمر، وتحدث خلال اللقاء رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، فدعا حكام السعودية لعدم الاعتداد بسطوة مالهم، والتوقف عن التدخل في الشؤون اللبنانية، موجهاً كلامه للذين يمارسون التذلل والتزلف من اللبنانيين، قائلاً للمسؤولين السعوديين لا تصدقوا هؤلاء المرتزقة فهم يتبعون أموالكم، وما يأتي به المال يذهب به المال.
واختتم رئيس الجمهورية ميشال عون جولة المشاورات الثنائيّة مع رؤساء الكتل النيابية لجس نبضهم واستمزاج آرائهم حول مبادرته للدعوة الى عقد طاولة الحوار الوطني، حيث استمع عون الى مختلف المقترحات والمواقف مع الأفرقاء وجرى تدوينها في محاضر اللقاءات، وانقسمت المواقف بين ثلاثة أفرقاء، بحسب ما أشارت مصادر مطلعة على لقاءات بعبدا لـ«البناء»: الأول مؤيد للحوار ومستعدّ للمشاركة عندما تتم الدعوة اليه ويضم رئيس المجلس النيابي نبيه بري بصفته رئيساً للمجلس ورئيس حركة أمل وكتلة التنمية والتحرير، كتلة الوفاء للمقاومة، الكتلة القومية الاجتماعية، تكتل لبنان القويّ، اللقاء التشاوري، تكتل نواب الأرمن ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، والرئيس نجيب ميقاتي بصفته رئيساً للحكومة وليس ممثلاً لتكتله النيابي ونادي رؤساء الحكومات السابقين، الفريق الثاني الرافض للحوار يضمّ الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذين لم يزوروا بعبدا خلال المشاورات الثنائية، والفريق الثالث يضمّ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي زار بعبدا والتقى عون وأيد الحوار، لكنه رفض المشاركة في ظلّ مقاطعة الفريق الآخر للحوار.
وبناء عليه انصرف الرئيس عون ومعاونوه، بحسب مصادر بعبدا لـ«البناء»، الى تقييم كل المواقف على ضوء النقاط التي سجلت خلال اللقاءات التي عقدها وبعدها يحدد الخطوة التالية، علماً انه في الاساس لم يحدد موعداً للحوار بل رغبة لا تزال موجودة قبل كل شيء. مرجحة أن يحدد رئيس الجمهورية موقفه اليوم علماً ان موضوع الحوار سيبقى من اولويات عمل الرئيس في المرحلة المقبلة لأنه يعتبر ان الحوار هو طريق الخلاص للازمة المطروحة بعناوينها الكبرى التي حددها. وأبلغ عون كل من تشاور معهم أن لا شيء مقفل وكل أمر قابل للنقاش والحوار اذا أحبوا وضع أي ملف أو قضية على جدول الحوار.
إلا أن أجواء بعبدا حملت اشارات سلبية إزاء مواقف الأطراف، مشيرة الى أن عون بصدد «تحضير بيان يحدد فيه موقفه من مسألة الحوار والمرجح أن يتجه الى تجميده وتأجيله لبعض الوقت أو صرف النظر عنه وتحميل الأطراف المعارضة للحوار مسؤولية التداعيات الكارثية التي قد تنشأ على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في الشارع، وسيسمّي الأشياء بأسمائها ويرمي الكرة الى ملعب الآخرين الذين يرفضون الحوار لمصالح سياسية وانتخابية استكمالاً لمخططهم بحصار العهد وإجهاض أي توجه أو مبادرة لإصلاح النظام السياسي والاقتصادي وماليته العامة ومكافحة الفساد والتدقيق الجنائي واستعادة أموال المودعين والنهوض بالبلد وصون سيادته واستقلاله»، وعكس توجه بعبدا تصعيد رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل الذي أطلق سلسلة مواقف بعد لقائه عون ولفت باسيل الى ان «من يرفضون الحوار يرفضون الحلول للمواضيع الثلاثة المطروحة على جدول أعماله على رغم أهميتها وذلك لأسباب سياسية وانتخابية صغيرة». اضاف «بغض النظر عن نتيجة الانتخابات فالمواضيع الثلاثة المطروحة لن تُحلّ الا بالحوار مع فارق واحد هو خسارة الوقت». ورد على عودة حزب الله إلى الحكومة، قائلاً: «ما منمون عليه ولو منمون عليه كان رجع»، ونحمّله والثنائي الشيعي مسؤولية التعطيل ورئيس الحكومة الذي لا يدعو إلى جلسات حكومية».
وأكد باسيل أنه «لا يمكن ان يقوم البلد بدون اتفاق على كيفية حمايته ومن دون اصلاح نظامه السياسي، ولا يمكن ان تكمل الناس العيش في البلد باقتطاع أموالها». وشدد على أنه «لا يمكن دولياً وأوروبياً ولبنانياً ألا يأخذ حاكم مصرف لبنان عقابه. هنا لم تعد الأمور تتعلق بحقوق طائفة أو مجموعة، بل تتعلق بسرقة شعب بكامله».
وعكست أجواء عين التينة لـ«البناء» ترحيبها بالحوار الوطني الذي لا بديل عنه لحل الأزمات القائمة والتخفيف من حدة التوتر السياسي ولجم الانهيارات المتتالية على الصعد الاقتصادية والاجتماعية بالحد الأدنى، مشيرة الى أن الرئيس بري أبلغ عون والجميع بأنه يدعم الحوار ومستعد للمشاركة فيه بمعزل عن مشاركته بالحوارات الثنائية التي أجراها عون من عدمه، ورئيس المجلس مستعد للتعاون لإنجاح اي مبادرة للحوار ومعالجة المشاكل.
ثم استقبل رئيس الجمهورية رئيس الكتلة القومية الاجتماعية رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان الذي قال بعد اللقاء:
لبّينا دعوة فخامة الرئيس للتشاور في بعض المواضيع، ومنها ما يتعلق بموضوع المبادرة التي طرحها، أيّ الدعوة إلى طاولة الحوار وجدول أعمالها، ونحن نؤكد أننا دائماً من دعاة الحوار، وقد شدّدت على ذلك قبل شهر أمام القيادات الحزبية، حيث قلت إننا مع الحوار وطالبنا قيادات الدولة أن تدعو إليه وهذا أمر جيد. ونعتبر أنه حتى لو اجتمع فريق واحد، فالحوار يُضيف نضجاً وفاعلية، والحوار مطلوب وهو سيد المواقف في ظلّ مجتمع ممزّق».
أضاف «نحن نشكر فخامة الرئيس على الدعوة إلى الحوار، لكن نحن لدينا بعض الملاحظات تتعلق بجدول أعمال طاولة الحوار، وقد ناقشناها اليوم مع الرئيس عون. ونحن كطرف سياسي في البلد نرى أن أولويات الحوار هي ما يهمّ المواطن ويشعر به. فصرخة المواطن اليوم هي صرخة وجع نتيجة فقدان قدرته على توفير السلع الأساسية. وعلى الدولة بمختلف أركانها بدءاً من فخامة الرئيس، الدعوة إلى لقاءات حوارية أو حكومية أو مجلسية أو أياً تكن لمناقشة ما يهمّ المواطن».
وعدّد النائب حردان «المواضيع التي تهمّ المواطن اليوم، بدءاً من تأمين الدواء والمحروقات والغاز التي تشهد ارتفاعاً بالأسعار، إضافةً إلى جميع حاجاته التي أصبحت معروفة. فمع غلاء المحروقات ارتفعت أسعار كلّ السلع، من شفرة الحلاقة إلى السرفيس وغيرها… فكيف للبلد أن ينهض في في ظل انعدام تحقيق أولويات المواطن وحاجاته؟ لقد ناقشنا هذه المواضيع مع فخامة الرئيس وهو موافق على ما طرحناه وبأنها أولويات يجب أن يتناولها الحوار».
وتابع «لن نناقش الآن مسألة اللامركزية الإدارية واللامركزية الموسّعة والمالية، فنحن لا نعتبرها من الأولويات. المركزية الإدارية هي ضمن رزمة كاملة، منها تحقيق الإنماء المتوازن على مستوى كل البلد، كما نصّ الطائف. أفليس من الأجدى طرح فكرة المساواة بين المواطنين قبل طرح عنوان اللامركزية؟ وإننا نسأل أين اللجنة التي عليها درس إلغاء الطائفية؟ وأين هو قانون الانتخابات الذي يوحّد بين اللبنانيين؟ نحن كحزب قومي نريد لبنان دائرة واحدة، لكننا اليوم نقبل بدوائر خمس، ولكن الأساس هو قانون يوحّد اللبنانيين. هذا بالنسبة إلى اللامركزية الإدارية، أما إذا طبقنا اللامركزية المالية فحدّث ولا حرج، لأنه سيصبح عندئذ لدينا ليرة شيعية وليرة سنية وليرة درزية وواحدة مسيحية وأخرى علوية وأرمنية».
وعن الاختلاف في الرأي حول بنود طاولة الحوار، أشار النائب حردان إلى أنه «اتفقنا مع فخامة الرئيس أن يشمل جدول أعمال طاولة الحوار هذه المواضيع. وهذا حقّ من حقوقنا. لأننا كطرف سياسي في البلد لن نسير الآن بـ اللامركزية الإدارية قبل مناقشة الرزمة الكاملة التي أشرنا إليها».
وعن موضوع الاستراتيجية الدفاعية، لفت إلى أنّ «هذا البند كان مطروحاً منذ 10 و15 عاماً ولا يزال وأعتقد أنه من حق فخامة الرئيس طرح هذا الأمر. ومن الممكن ألاّ نرى نتيجة بشأنه الآن، إذ أنّ هناك بعض المواضيع من الممكن أن نناقشها اليوم وتشهد تعثّراً، إلاّ أننا قد نصل إلى نتيجة بشأنها لاحقاً. فهناك مواضيع إذا لم تنضج بشكل كاف تكون مناقشتها في بعض الأحيان من دون جدوى»، وقال «إنّ ما يهمّنا هو المواطن ومن ثم المواطن والمواطن».
وختم النائب حردان كاشفاً عن احتمال أنّ يُمدّد الرئيس عون فترة التشاور والتداول مع الأفرقاء بهدف إنضاج الأمور بشكل أكثر».
واستقبل عون وفداً من «اللقاء التشاوري» وقد أكد باسمه النائب فيصل كرامي، أن «اللقاء لا يمكن الا ان يكون مع الحوار خاصة في الظروف التي تمر بها البلاد»، مشيراً الى انه «كان هناك عرض للمواضيع التي ستطرح على طاولة الحوار وهي مهمة». واعتبر كرامي أن «لبنان بلد تسويات بطبيعته ومبني على الحوار لذلك نشجع عليه وننتظر الدعوة لاتخاذ الموقف المناسب لناحية المشاركة».
من جهته، قال رئيس كتلة «نواب الأرمن» النائب اغوب بقرادونيان اثر لقائه رئيس الجمهورية «في حال تلقينا الدعوة للحوار سنلبيها، فالحوار السبيل لإنقاذ ما تبقى في البلد».
وعلى وقع اصطدام الحوار بجدار مصالح القوى السياسية الرافضة له، واتجاه البلد الى مزيد من الانهيار مع جنون سعر صرف الدولار الذي راوح أمس بين حدود 31500 و32500 ليرة للدولار الواحد، تتجه الانظار الى الشارع اليوم حيث ينفذ قطاع النقل البري «يوم غضب» من الخامسة فجراً حتى الخامسة مساءً، بمشاركة مختلف القطاعات العمالية والتربوية وأصحاب صهاريج ونقل المحروقات احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية وارتفاع سعر الدولار، وسط مخاوف من محاولات دخول طابور خامس يعمل على ضرب التحرك وتهديد الاستقرار، وقد رصدت الأجهزة الأمنية تحركات مريبة في هذا الاتجاه.
واستباقاً لأي خرق أوعز وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اتخاذ تدابير أمنية مواكبة التظاهرة، وشدد مولوي على «القوى الأمنية منع حصول أي إخلال بالأمن أو تعديات على حريات الغير وممتلكاتهم، وذلك حفاظاً على الأمن والحريات العامة، وانطلاقاً من حرص الوزارة على تأمين الاستقرار والمحافظة على أمن وسلامة كل من المتظاهرين والمواطنين وعدم الإخلال بالقوانين».
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي جدول بمواقع التجمع للإضراب ويشمل مختلف المناطق اللبنانية.
وفيما ترك وزير التربية عباس الحلبي حرية تقدير الموقف بفتح المدارس او إقفالها اليوم للمدارس، أعلنت جمعية مصارف لبنان في بيان إغلاق المصارف «حفاظاً على سلامة موظفي القطاع المصرفي، ونظراً لإمكانية تعثّر وصولهم إلى أماكن عملهم بسبب الإضراب».
وشهدت شوارع عدد من المناطق لليوم الثاني على التوالي سلسلة تحرّكات، حيث قام عدد من المحتجين بجمع عدد كبير من إطارات السيارات امام السور الخارجي لمصرف لبنان فرع طرابلس واضرموا فيها النيران، احتجاجاً على انهيار سعر صرف العملة اللبنانية وتدني القدرة الشرائية. وعلى الفور ضربت القوى الأمنية طوقاً في محيط المكان. كذلك قطعت طريق الميناء وساحة النور في طرابلس، كما قطع آخرون شارع السراي قرب مصرف لبنان في صيدا بحاويات النفايات.
على صعيد الأزمة الحكومية لم يسجل أي جديد، فقد جدد الرئيس ميقاتي من السراي الحكومي السعي الى «عودة الحكومة سريعاً الى الاجتماع حتى تنتظم أمور البلد والناس، ونتابع مسيرة الإنقاذ قبل أن يغدرنا الوقت ونصبح ضحايا أنفسنا». وشدد على وجوب «وقف التعطيل والعودة الى طاولة مجلس الوزراء لإنجاز ما هو مطلوب». وأشار الى ان «طالما أننا على مشارف إنجاز المهمات الأساسية التي نعمل لتحقيقها فإننا مستمرون في المهمة التي قبلنا المسؤولية على اساسها وندعو الجميع الى التعاون معنا لإنجاح هذه المهمة بما يعيد العافية الى لبنان واللبنانيين». وفيما ترددت معلومات أن ميقاتي اعترض على قرار القاضية غادة عون منع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من السفر، مهدّداً بالاستقالة قال ميقاتي: «ليس صحيحاً أننا تدخلنا في عمل القضاء او في شأن أي قرار يتخذه القضاء، وجل ما شددنا عليه، ليس الدفاع عن أشخاص بل الحفاظ على المؤسسات، واتباع الاصول في التعاطي مع اي مسألة تتعلق بأي أمر قضائي، ومنها ما يتعلق بواقع المصارف انطلاقاً من أولوية الحفاظ على حقوق المودعين وفي الوقت نفسه عدم ضرب ما تبقى من مقومات اقتصادية ومالية تبقي هذا الوطن واقفاً على قدميه بالحد الأدنى». وفي سياق متصل نفت السفارة الاميركية في بيروت ما تم تداوله أن السفيرة دوروثي شيا ناقشت مع الرئيس بري موضوع حاكم مصرف لبنان، مشيرة في بيان الى أنها ناقشت معه عمل مجلس النواب فقط.
إلا أن مصادر مطلعة كشفت عن حراك أميركي – لبناني لحماية سلامة من الملاحقة القضائية، وكشفت قناة المنار الاسباب وتفاصيل منع المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات القاضي جون طنوس من استكمال مداهمته لمصارف فيها حسابات لشقيق رياض سلامة رجا سلامة، وذلك بعد صدور مذكّرة منع حاكم مصرف لبنان من السفر. فيما أفيد أن السفيرة الأميركية حذرت من أن المسّ بسلامة سيعمّق الأزمة ويأخذ البلد أكثر نحو الانهيار.
على صعيد آخر، ورغم الضغوط السعودية على الحكومة اللبنانية، عقدت المعارضة في الجزيرة العربية مؤتمرها في الضاحية الجنوبية في بيروت، بمناسبة الذكرى السنوية السادسة لإعدام الشيخ نمر باقر النمر، بحضور حشد واسع من الشخصيات السياسية والإسلامية في لبنان والدول العربية والإسلامية، وتحدث خلال المناسبة رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، حيث دعا صفي الدين «السعودية لتتوقف عن سياسة التنمّر على العالمين العربيّ والإسلامي، ولو كانوا يملكون مال قارون فلا يمكنهم التصرّف كفرعون»، مشدداً على أن «المطلوب ألا تتدخّل السعودية بفرض آرائها في الداخل اللبناني، تمنع وتعاقب وتهدد. هذا تدخل سافر في البلد، والمطلوب منها أن لا تتدخّل بتصنيف اللبنانيين وتحرّضهم على بعضهم البعض». ورأى صفي الدين أن «على السعودية كفّ أذاها عن لبنان، وأن تعرف أننا في لبنان الشرفاء والمقاومة والكرامة ولبنان الذي لا يخضع، يجب أن تعرف أننا لا يمكن أن نخضع للمال ولا لأيّ تهديد سياسيّ آخر». وتابع: «أقول لأميركا والغرب والسعودية إلى الآن لم تعرفوا طبيعة هذه المقاومة وقوة شعبها وإيمانها، وأقول لـ«صيصان» أميركا أن المقاومة التي أنجزت، قادرة على إنجاز وطن حرّ سيّد دون أي تدخل للخارج، وهذا عنوان المرحلة»، معتبراً أن «الذي يستهدفنا بكلمة يجب أن يسمع الجواب أيًّا كان».
في المقابل وفي ردّ غير مباشر على المؤتمر والمواقف، غرّد السفير السعودي في لبنان وليد بخاري على «تويتر»، قائلاً: القَفزُ فوقَ آلام وآمال الشّعبِ اللُّبنانيِّ الشّقيقِ ما هو إلَّا تَغاضٍ عنِ الحقيقةِ السّاطِعَةِ أمامَ أَعيُنِ اللُّبنانيّين أَنفُسِهم وإنكارٌ مقصودٌ لِحقيقةٍ مُؤْلِمَةٍ سببُها لَوْثَةُ استِعْلاءِ حزب الله الإرهابيِّ على مَنطِقِ الدّولةِ وَفشلِ خَياراتهِ السّياسيّة».