“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر
السياسة في لبنان “ما عاد إلها طعم”، “فكلّو معطّل”، حتى عمل شيوخ الصلح “واقف”، هم الذين يعيشون عادةً “عالأزمات”. وحده الدولار صعوداً، بعدما “زهق من الطلوع والنزول”، “مشنغل” معه الدواء والمحروقات والطعام و”قد ما بِتطّال إيدك تطّال”، فيما وحده الحدّ الأدنى إلى نزول، وبإذنه تعالى في غضون أيام، سنكسر رقم باكستان ونحتلّ المركز الأول “مِن تحت”، فأبشروا خيراً في جهنّم “اللّي ناطرتكن”.
هذا الجو خلق وضعاً ضاغطاً، تُرجم تحذيرات من “غضب الشارع” يوم الخميس “ما حدن أخدو جدّ”، لا سياسياً ولا أمنياً، فيما طريق بعبدا التي غابت عنها مواكب الوزراء، فقد شهدت “عجقة” مواكب أقطاب، حضروا إلى جلسات ثنائية يدلي كلّ منهم بدلوه، “فيضرّ ولا يفوت” و”الحكي ما عليه جمرك”، لا ينتهي النهار بخلاصة واضحة “الجماعة عايشين بعالم تاني”.
عملياً الحريري “الناطر ورا الكوع، إجِتو شحمة عا فطيرة ليردّ الإجر” للعهد الذي أخرجه من جنّة السلطة ربما بوجهيها التنفيذي والتشريعي، وأعاد تموضعه الطبيعي في صفّ الثنائي اللدود أبو مصطفى – أبو تيمور، فـ “طيّر” على الرئيس عون، فرحته ونسف له الحوار من أساسه بنفس الحجّة، التي يعطّل بسببها مجلس الوزراء أي الميثاقية المذهبية، ولاقاه إلى وسط الطريق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، طالباً من رئيس الجمهورية، حصر النقاش بخطة التعافي الإقتصادي، أي جعل الحوار إقتصادياً خالياً من السياسة بلا فاكهة اللامركزية الإدارية والمالية، ولا الإستراتيجية الدفاعية، ما خيّب أمل بعبدا، التي راهنت على أن يبادلها “شيخ الوسط” تحية “ميرنا الشالوحي” بتكريسه زعيماً على السنّة، بمثلها، فإذا به يؤجّل الموضوع إلى ما بعد الإنتخابات.
وهنا، ثمة من يقول أن الموقف السنّي هذا ينطلق من عدم الإرتياح لتعطيل الحكومة، وسحب البساط من تحت قدمي رئيس الحكومة لصالح المجلس الأعلى للدفاع، بالتكافل والتضامن بين بعبدا وحارة حريك، أو أقلّه غض نظر الضاحية.
أمّا “القوات اللبنانية”، فموقفها “تحصيل حاصل مش بالعة ولا خطوة للعهد لا بالطول ولا بالعرض”، مصرّة على الذهاب في المواجهة إلى النهاية، “فالتيّار يريدها حرباً فلتكن، والشاطر بشطارته، فالمسألة ما عادت بتحرز”.
وبين الأزرق والزيتي، لعب بَيك المختارة، فاقتنص فرصة الرشح و”الغريب” بامتداداتها الكورونية، ليعتذر خوفاً على صحة الرئيس، متعجّباً من اللفّ والبرم، فـ “يلّلي قادر يجمع الكلّ إلى طاولة الحوار، مش قادر يمون عا جماعة الصفّ الواحد يرجعوا لطاولة مجلس الوزراء، علماً أن وزيره هدّد بالإستقالة، في حال عدم الإستجابة لمطالب الأساتذة، بينما المير حاضر ناضر، وذهب بعيداً في القول أن الحوار لازم عاطول”.
أمّا جماعة المحور، فحدّث ولا حرج، الطاشناق “حاضر ناضر” دائماً، والقوي “نعمة وإجت”، وحده سليمان بيك عرف مكانته فتدلّل، هو الذي “ما ضلّ حدن ما حكاه”، لتأمين حضوره، “مش سهلة تكون فاسد وتفوت عا بعبدا”، قال فرنجية، إنه الإنجاز بحدّ ذاته، “ليش لأ، شويّة غنج” مخصّص إلى الثنائي، وقرّر مقاطعة الجماعي ذات اللون الواحد، فالبيك “خلقو ضيّق” ما “إلو جلد” يتحاور مع نفسه.
أمّا شريكه في عين التينة، “ما بيحضر إلاّ الجماعي، فالثنائي مش زابطة”، كيف “ما برمت ربحان، عالطالع والنازل بسجّل نقط”، فلم لا يحضر جلسة الحوار، هو الذي كان أبدى استعداده للصعود “مشي” إلى القصر الجمهوري، فيما زمجر رعد الضاحية معلناً “نحنا أسياد البلد”، “فليش لأ؟” جلسة بالزايد صورة بالناقص،” كلو بيمشي”، فـ “حزب الله” المعني الأول من بين الأفرقاء، كونه سيكون حاضراً إلى الطاولة وعلى الطاولة، قرّر أن “يبيعو يّاها” للجنرال من كيسه، طالما أن “هيك هيك مش جايبة همّها القصة”، مقدّماً له حبة مسك حضور النائب سليمان فرنجية.
هكذا دُفنت الدعوة الرئاسية في مهدها، على يد أهل البيت، رغم أن الرئيس عون لم يعوّل عليها منذ أطلقها، لعلمه المسبق نسبةً للتجربة السابقة، و”يللي بجرّب مجرّب بكون عقله مخرّب”.
ولكن، هل سيسكت عون و”يبلع الموس”؟ أم ينام على ورقة سيلعبها عندما تحين اللحظة؟ وهل كانت الدعوة محاولة للحصول على تغطية سياسية غير مباشرة لقرارات قد تُتّخذ في المجلس الأعلى للدفاع بعدما شُلّت الحكومة وعُطّلت؟
أحدٌ لا يمكنه التكهّن بخطوة رئيس الجمهورية التالية، إلاّ أن فريقه وضع أكثر من سيناريو للتعامل مع المستجدات وفقاً للمقتضى، وإن كان ثمة من يرى أن المكتوب يُقرأ من عنوانه، وبالتالي، لا داعي للتوسع أكثر من اللقاءات الثنائية، وخصوصاً أن أي ترحيبٍ دولي لم يصدر عن أية جهة، فيما ثمة من يقول بأن تكون الجلسة الحوارية بمن حضر، حتى ولو كانوا من لونٍ واحد ويتحمّل المقاطعون مسؤولية قرارهم. وبين الخيارين ثمة من يدعو إلى التأنّي ودراسة أي خطوة بميزان الذهب، فما كان يصحّ في الدعوة السابقة، لا يصحّ بالتأكيد اليوم عشية الإنتخابات النيابية، وبعدها الرئاسية. أمّا في حال عدم صدور دعوة تحدّد موعد الحوار، قد تكون هناك إطلالة ثانية للرئيس عون يفصّل فيها نقاط البنود الثلاث، وهي الورقة التي عكف فريقه على إنجازها وانتهى منها.