لم يتأخر الردّ الأول على قرار إنشاء «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان»برئاسة النائب السابق أحمد فتفت، إذ ينظّم حزب الله اليوم «لقاء المعارضة في الجزيرة العربية»،باحتفالية خطابية وإعلامية، في الذكرى السنوية السادسة لإعدام الشيخ نمر باقر النمر، في قاعة مجمع المجتبى في الضاحية الجنوبية.
يهدف المجلس الوطني هذا إلى «إلباس» إيران المشكلة اللبنانية، على اعتبار إيران هي سبب الأزمة المالية التي نعيشها، لا السياسات الإقتصادية الكارثية التي كانت تسيطر على البلد منذ ما بعد الطائف، كما أن هذا المجلس هو تسمية جديدة لأمانة 14 آذار سابقاً، بعد أن أكل الدهر على هذا الإسم وشرب.
كثيرة هي المعطيات السياسية التي تُشير الى أن المرحلة المقبلة ستكون قاسية للغاية، فمنذ يوم الاثنين الماضي، بات من الواضح أن حزب الله اتّخذ قرار التصعيد تجاه المملكة العربية السعودية، بعد أن كان قد التزم الصمت بعد الاتصال الثلاثي الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث قرر أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله الرد شخصياً على الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بخطاب وصف بـ»الناري».
بعد رد رئيس الحكومة ميقاتي على أمين عام الحزب، كان من المنطقي أن يذهب حزب الله إلى التهدئة، لكنه في المقابل قرر أن يذهب بعيداً في التصعيد، خاصة بعد أن تحرّك حلفاء المملكة في لبنان لإطلاق «المجلس الوطني لتحرير لبنان من الاحتلال الإيراني»، وهذه المرة جاء التصعيد عبر رعاية حزب الله للقاء اعلامي وخطابي لقوى المعارضة السعودية في بيروت، بالرغم من معرفته المسبقة أن هذا الأمر لا يمكن أن يمر مرور الكرام، لا سيما بعد التصعيد الذي حصل على خلفية تنظيم «جمعية الوفاق» البحرينية المعارضة لقاء مماثلاً قبل فترة قصيرة.
ما تقدم يقود إلى التأكيد بأن ما يقوم به الحزب ليس خطوة عشوائية بل مدروسة جيداً، ربما تعود إلى أنه كان يدرك أن الرياض في وارد الذهاب إلى تصعيد كبير في الفترة المقبلة، خصوصاً مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، نظراً إلى أنها كانت قد استبقت هجوم الملك سلمان بما أعلنه «التحالف العربي» في اليمن عن تورّط الحزب في الحرب الدائرة هناك، وبالتالي هو يريد الذهاب إلى خطوة استباقية في هذا المجال.
إن كل ما تقدّم يدلّ على أن الأزمة بين حزب الله والدول الخليجية في مسار تصاعدي، وهناك معلومات حول نية السعودية تحريك مجلس التعاون الخليجي للرد على الحزب ولبنان على اعتبار أن الحكومة اللبنانية هي المسؤولة عن تصرفات حزب الله، كما تُشير المعلومات الى أن مسار هذه الأزمة سيتسبب بنزاعات جديدة في الحكومة، قد تترك جروحاً غير قابلة للشفاء في جسدها.