ميشال نصر- الديار
على وقع الصعود الجنوني لسعر صرف الليرة مقابل الدولار والذي بلغ مستوى غير مسبوق تاريخيا وما يرافقه من تداعيات،لم يكن من السهل تجاوزها اجتماعيا ومعيشيا، وفيما يستعد العمال للتحرك في الشارع في خطوة «تنفيس اكتر منها جدية»،مع فشل الدعوة للحوار في بعبدا، يقترب استحقاق صندوق النقد من الحسم، رغم اقرار الكثيرين بانه سيبقى «لا معلق ولا مطلق» لاكثر من سبب وهدف.
وسط هذا المشهد تتجه الانظار الى الزيارة المرتقبة لوفد صندوق النقد الدولي بين 15 و17 الجاري للبدء بالمفاوضات الرسمية مع الحكومة اللبنانية، ليكون في استقباله عقبات لا زالت هي نفسها منذ بدء التواصل زمن حكومة الرئيس دياب، من تضارب في الخطط والأرقام وعدم توحيدها لا سيما في ما يتعلق كيفية توزيع أرقام الفجوة المالية، العالق بين الدولة، المصارف والبنك المركزي.
مصادر مواكبة فندت ما سيتضمنه جدول اعمال المفاوضات، وان بشكل عام، في الجزء المتعلق بورقة الاصلاحات الهيكلية التي لم تحسم بعد حتى الساعة لبنانيا،ويمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
- المالية العامة: كالموازنة العامة، والدين العام وهيكلته، والإصلاحات الضريبيّة المطلوبة للخروج من دوّامة عجز الموازنات الناتج عن تراكم الدين العام. ولعل من ابرز الخطوات المطلوبة انجاز موازنة تراعي تلك الامور واقرارها.
-
القطاع المصرفي بشِقَيه: مصرف لبنان والمصارف التجارية، وتحديد الخسائر في هذا القطاع ،حيث يجري الحديث عن اتفاق باعتماد رقم الـ69 مليار دولار،فيما يبقى الخلاف حول مسالة توزيع تلك الخسائر، الذي سيكون له تاثير اساسي على أموال المودِعين.
-
الإصلاحات الهيكلية وإصدار القوانين الهادفة إلى تطوير القطاع الخاص وتنميته.
-
قطاع الطاقة: المسؤول بشكل كبير عن العجز والخسائر.
-آليات تفعيل القطاع العام عبر إعادة هيكلته.
- البنى التحتية: تفعيل قطاع الاتصالات بما فيه الإنترنت، تنمية قطاع السياحة، خطة عملية مستدامة لتفعيل قطاع النقل المشترك،كذلك قطاعي الصحة والتعليم، والحماية الاجتماعية.
-
توحيد سعر الصرف بهدف تثبيته.
وتتابع المصادر متسائلة، في ظل التاكيدات الرسمية عن انجاز ورقة الإصلاحات الهيكلية، على ذمة رئيس الحكومة وفريقه، طارحة الكثير من علامات الاستفهام، خصوصا ان احد بنود طاولة الحوار المفترضة، والتي اصرت السراي على احاديتها، هي خطة النهوض الاقتصادي،ما يطرح التساؤل ، حوار حول ماذا اذا ما كانت الخطة قد انجزت؟
وتكشف المصادر ان صندوق النقد ومن خلفه المجتمع الدولي يتعامل بجدية كبيرة مع الملف اللبناني، مبديا «تعاطفا» غير مسبوق، نجحت ضغوط «اصدقاء لبنان» في تحصيله، فادارة الصندوق اخذت بتوصية مدير منطقة الشرق الاوسط الوزير السابق جهاد ازعور فيما خص تسمية اعضاء الوفد، الذين اختارهم «على الطبلية « لجهة «تعاطفهم مع الحالة اللبنانية، وقد تكون من المرات النادرة الذي يحصل فيها هكذا امر، وثانيا، فان التعليمات المعطاة الى الفريق المفاوض تقضي بان يبدي مراعاة وليونة كبيرة حول الكثير من النقاط التي تعتبر اساسية في برامج الصندوق ومنها على سبيل المثال لا الحصر، «تسريح» نسبة لا باس بها من موظفي القطاع العام، وكذلك ملف المتعاقدين في الدولة.
في المقابل، تتابع المصادر ان الجانب اللبناني،يتعامل بخفة كبيرة مع تلك الاستحقاقات، اذ ان ثمة الكثير من الملاحظات لدى المسؤولين في الصندوق، المتخوفون من اهدار لبنان لفرصة السماح المعطاة له والتسهيلات المقدمة، فلا الحكومة اللبنانية جاهزة للاجتماع للقيام بالمطلوب منها ولا مجلس النواب انجز المطلوب ايضا،بحجة الخلافات السياسية القائمة، والتي ستكون لها تداعيات سلبية في حال استمرارها، والانكى بحسب المصادر فان المعنيين في الصندوق ينفون اي علاقة لمؤسستهم بموضوع التحقيق الجنائي في حسابات الدولة، الذي لا يعنيهم لا «من قريب ولا من بعيد»، رافضين ان يستخدم الصندوق كاداة ووسيلة لتصفية حسابات داخلية.
وتختم المصادر بالقول، ان صندوق النقد الذي استاجر مقرا له في العاصمة اللبنانية، يدرك ويتفهم التركيبة السياسية اللبنانية،لذلك فان اقصى طموحه هو وضع اطار عام يصلح لتطويره بعد الانتخابات النيابية، حيث تؤكد اكثر من جهة دولية، ان عدم حصول تغيير جذري في الانتخابات فان اي خطة تعافي لن يكتب لها النجاح، لان التمويل اللازم لن يؤمن ما لم يترافق كل ذلك مع اصلاحات سياسية اساسية مطلوبة.
فهل تستمر المماطلة من قبل الطبقة الحاكمة لادراكها ان المرحلة «هي لتضييع الوقت» بعدما «قطع العالم ورقتها «؟ وهل يدرك «جماعة « الصندوق ان مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية في حال حصولها في موعدها ستشهد شد حبال قاسٍ قد لا ينتج تركيبة حكومية قبل نهاية العهد وبالتالي ضياع كل الجهود سدا في حال صفت النيات؟ واخيرا كيف يمكن التعويل على اتفاق مرجو فيما التضارب سيّد الموقف؟