ٍَالرئيسية

عون يُعلن اليوم انعقاد طاولة الحوار «بمَن حَضَر» أم يُرجئ الخطوة؟! الهدف من جمع القوى ليس تعويم العهد إنّما التمهيد لانعقاد مجلس الوزراء ووضع حدّ للفتنة

دوللي بشعلاني- الديار

 

يستكمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لليوم الثاني على التوالي اللقاءات الثنائية التحضيرية لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا اليه في قصر بعبدا، ووضع له ثلاثة بنود هي: اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والاستراتيجية الدفاعية وخطّة التعافي الإقتصادي. وكان بدأ التشاور التمهيدي لهذه الطاولة أمس الثلاثاء في قصر بعبدا من خلال لقاءات عديدة جمعته وكلّاً من رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، ورئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» النائب طلال إرسلان، اللذين أكّدا تأييد طاولة الحوار وتلبيتهما للدعوة في حال تقرّر انعقادها… فيما أعلن رئيس «تيّار المردة» النائب سليمان فرنجية أنّه لن يحضر الطاولة كونها ستقتصر على فريق واحد، فيما الحوار يجب أن يتمّ بين فريقين مختلفين، وأنّه لن يلبّي الدعوة لالتقاط الصورة فقط.

ويلتقي الرئيس عون اليوم النائب فيصل كرامي عن «اللقاء التشاوري» والنائب أسعد حردان عن «الحزب القومي السوري»، والنائب هاغوب بقرادونيان عن حزب «الطاشناق»، ورئيس «تكتّل لبنان القوي» النائب جبران باسيل لمتابعة التشاور الثنائي مع هذه القوى المؤيّدة لطاولة الحوار بشكل مبدئي.

وبعد إعلان أطراف سياسية عديدة اعتذارها لعدم تلبية دعوة رئيس الجمهورية، لا سيما رئيس «تيّار المستقبل» النائب سعد الحريري ورئيس «القوّات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «الحزب التقدّمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، و»الكتائب اللبنانية»، فضلاً عن فرنجية، وهي مكوّنات أساسية وممثلة لشرائح كبيرة في طوائفها ومناطقها، فإنّ الرئيس عون سوف يتخذ اليوم القرار النهائي بشأن طاولة الحوار. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيقرّر عقد هذه الطاولة ويُحدّد موعدها قبل نهاية كانون الثاني الجاري، بمَن حَضَر، بعد جوجلة مواقف القوى التي التقاها؟ أم أنّه سيعدل عن الفكرة من أساسها؟ أم سيرجىء عقدها الى وقت لاحق مناسب أكثر، ربما بعد الإنتخابات النيابية المقبلة؟ وهل من نتائج إيجابية متوقّعة من حوار يضمّ فريقاً من لون واحد؟!

أكّدت مصادر سياسية مطّلعة أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أبلغ الرئيس عون في اتصال هاتفي أنّه سيُشارك في طاولة الحوار كرئيس لمجلس النوّاب، ورئيس لكتلة «التنمية والتحرير» ورئيس لـ «حركة أمل»، متى يدعو اليها. فيما أوضح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنّه سيشارك فيها بصفته رئيساً للحكومة، وليس كممثل عن «نادي رؤساء الحكومات السابقين» الذين يرفضون تلبية الدعوة، وهذا الأمر يجعل الرؤساء الثلاثة حاضرين على الطاولة، فضلاً عن القوى السياسية المذكورة التي أعلنت عن تلبيتها للدعوة والتي تمثّل بغالبيتها جميع الطوائف والشرائح المجتمعية.

وإذ يجد البعض في اعتذار الحريري وجعجع وجنبلاط وفرنجية لعدم المشاركة في طاولة الحوار، هو فرطًا لانعقاد هذه الطاولة كونها ستفتقد في حال عُقدت، مكوّنات أساسية في البلد، أوضحت المصادر أنّ قصر بعبدا تلقّى نصائح بعدم المضي في خطوة الدعوة للحوار، غير أنّ الرئيس عون لا يحتاج الى هذه النصائح كونه سبق وأن أعلن أنّه لن يعقد هذه الطاولة ليتحاور مع نفسه، كما أنّها تهدف الى مناقشة خطّة التعافي الإقتصادي بالدرجة الأولى كون الوضع يستمر في الإنهيار، فضلاً عن اللامركزية الإدارية التي ينصّ عليها «اتفاق الطائف»، في محاولة لتغيير النظام أو تصحيحه، إذ انّ النظام الحالي لم يعد صالحاً لسدّ بعض الثغر، على ما قال إرسلان، حتى وإن كان البعض يجد بحث الاستراتيجية الدفاعية ليس في أوانه.

وأشارت المصادر نفسها الى أنّ الرئيس عون لا يريد من طاولة الحوار تعويم عهده أو تعويم باسيل، ولا حتى توفير حظوظ إنتخابية لأي أحد، إنّما لتعويم البلد وسط تفاقم الأزمة الإقتصادية والمالية، ونحن على أبواب الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، ويهمّه أن تؤدّي الطاولة الى توافق القوى السياسية والتمهيد لانعقاد مجلس الوزراء، سيما أنّ أي خطة إقتصادية يجري التوافق عليها على الطاولة تحتاج الى توقيع الحكومة عليها، لكي تتمكّن بعد ذلك من الإتفاق مع صندوق النقد. وثمّة من يرى أنّ الثنائي الشيعي الذي يرفض العودة الى مجلس الوزراء يستطيع أن يحلّ هذا الأمر على الطاولة مع عون وميقاتي وسائر الأفرقاء.

غير أنّ الإعتذارات المتتالية أظهرت مع الأسف، تقاعس المسؤولين عن أداء واجباتهم الوطنية، على ما قالت المصادر، ورفضهم تحمّل المسؤولية لإخراج البلاد من الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة المستمرة في التفاقم، وتفضيل مصالحهم الشخصية على المصلحة الوطنية. وذكرت المصادر بأنّ موقف فرنجية لم يكن مفاجئاً، كونها ليست المرة الأولى التي يرفض فيها المشاركة في طاولة الحوار، علماً بأنّ حضوره لم يكن الهدف منه إجراء أي لقاء تمهيدي بينه وبين باسيل من قبل حزب الله، ما يؤدّي في نهاية الأمر الى تحالفه الإنتخابي معه في دائرة الشمال الثالثة، لأنّ مثل هذا الأمر يمكن أن يعقده الحزب، متى شاء، وبعيداً عن الأضواء، إنّما لإبداء رأيه في بنود الحوار والمشاركة في إيجاد الحلول لها،غير أنّه اكتفى بتمنّي التوفيق لفريقه وبتقديم الدعم المعنوي له لكلّ خطوة يتخذها على الطاولة.

واعتبرت المصادر أنّ الهدف من طاولة الحوار من قبل الرئيس عون هو جمع القوى السياسية بالدرجة الأولى، ليس لتسجيل مكاسب إنتخابية أو عقد تحالفات إنتخابية، على ما روّج الرافضون للحوار، إنّما لتخفيف التشنّجات السياسية الحاصلة، كما الى امتصاص التوتّرات الأمنية التي قد تحصل في حال انفجر الشارع جرّاء تفاقم الأزمة الاقتصادية أكثر فأكثر مع ملامسة سعر صرف الدولار الأميركي الـ 34 ألف ل. ل. حتى الساعة.

ولهذا لا يمكن معرفة القرار الذي سيتخذه الرئيس عون بعد اختتام المشاورات الثنائية، منذ الآن، على ما عقّبت المصادر ذاتها، وإن كان التوجّه لعقد طاولة الحوار بمن حَضَر، كان من بين الخيارات المؤكّدة، وذلك قبل كرّ سبحة الإعتذارات والتي شملت أيضاً أحد أعضاء فريق اللون الواحد أي فرنجية. فالغاية من طاولة الحوار، لم تكن التقاط الصورة التذكارية للمتحاورين، إنّما ضمان الإستقرار الداخلي، ووضع حدّ للخلافات القائمة بين مختلف المكوّنات السياسية، حتى ضمن الفريق الواحد، وذلك لوقف مشاريع الفتنة التي قد تقود البلاد الى جانب كلّ أزماتها المستشرية، الى حرب داخلية. وتمنّت المصادر في حال جرت الدعوة لانعقاد الطاولة، أن تقوم الأكثرية بتوحيد صفوفها لمواجهة كلّ تحديات المرحلة المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى