رهان جعجع لضرب حزب الله
نبيه البرجي- الديار
ربما كان الرئيس فؤاد السنيورة الأكثر تعصباً، والأكثر كراهية، والأكثر رغبة في ازالة حزب الله من الوجود، وهو السياسي السني الأقرب الى عقول، وقلوب، القوى الاقليمية والدولية التي ما انفكت تسعى لدفع لبنان في الاتجاه الآخر، ليكون الحلقة الذهبية في السيناريو الخاص بـ»صفقة القرن»، والدوران حول الهيكل …
في الوقت نفسه، هو الأكثر حنكة، والأكثر رؤيوية، في قراءته لمسار الأحداث، حتى أنه تردد طويلاً قبل أن يوافق على قرار مجلس الوزراء فجر الخامس من أيار 2007، والذي ترجمته القضائية، والأمنية، تكليف مخفر الدرك في حارة حريك القبض على السيد حسن نصرالله. لا نتصور أن ثمة تفسيراً آخر للنص الذي قضى بالملاحقة الجزائية لكل من له يد في اقامة شبكة الاتصالات التابعة للحزب…
لعلنا نتساءل الآن، وفي كل آن، ماذا لو صدر قرار مماثل بحــق أي من نجوم الطبقة السياسية ؟ ألم تكن لتقرع أجراس الكــنائس، وتلــعلع مكبرات الصوت على المآذن؟ بطبيعة الحال تنظيم التظاهرات، وقطع الطرقات، واقامة المتاريس على خطوط التماس.
معلومات بيت الوسط تشي بأن السنيورة الذي بات أقل تأثيراً في أذن الرئيس سعد الحريري، وهو الذي طالما حذر من نهاية الحريرية السياسية «لأن سعد غير رفيق»، ينصح الآن بالتريث، ووضع الأعصاب في الثلاجة، بانتظار ما تؤول اليه مفاوضات فيينا.
العودة الى الاتفاق النووي، لا يمكن أن تكون عملية تقنية فقط. لها تداعياتها السياسية، وربما الاستراتيجية أيضاً، ما دامت الولايات المتحدة تعتزم خفض وجودها العسكري في المنطقة.
رئيس الحكومة السابق، وتبعاً للمعلومات اياها، يبدي تخوفه من أن يؤدي فتح الأبواب بين واشنطن وطهران الى تغيير الكثير من قواعد الاشتباك، كما من قواعد اللعبة، وانطلاقاً من تفكيك مسببات الصراع بين البلاط السعودي وآيات الله، ما ينعكس، تلقائياً، على المشهد اللبناني.
هذا لا يمنع من القول ان ذوبان الجليد الذي تراكم على مدى أكثر من أربعة عقود، ولطالما تمثل بتبادل الكراهية بين الأميركيين والايرانيين، يحتاج الى سنوات وسنوات، وان كان رأي روبرت مالي، وقبل أن يعهد اليه ترؤس الفريق الأميركي الى المفاوضات، قد اعتبر أن «لاوقت لاضاعة الوقت « في «الترتيبات السيكولوجية التي تتحلل تدريجاً لأن مشاكل شتى تنتظرنا في الباسيفيك».
غيره كثيرون داخل الادارة يرون أن الأيام كفيلة بتجاوز كل تلك الترسبات التي لا يمكن أن ترقى الى مرتبة الجراح التي أحدثتها الحرب في فيتنام وفي أفغانستان …
كيف يمكن، والحال هذه، التغاضي عن تداعيات فيينا. النصيحة السنيورية (بالتريث) لا تلقى صدى لدى الدكتور سمــير جعجع الذي أعلن الاســتنفار العام في كل أجهزة «القوات اللبــنانية» كون الانتخابات النيابية في أيار المقبل تقود، حتماً، الى زلزال سياسي، وربما الى ما هو أبعد من الزلزال السياسي.
لا ندري ما اذا كانت المعلومات دقيقة، تلك التي تتردد في بعض الأوساط السياسية حول التعاون (الانتخابي والسياسي) حالياً تحت الطاولة بين سمير جعجع وبهاء الحريري. لكن تعليمات قائد «القوات اللبنانية» تتطابق مع تقارير ديبلوماسية تؤكد عزم القوى الخارجية المؤثرة دعم تشكيل حكومة اللون الواحد، باعتبار أن صناديق الاقتراع ستنقل الأكثرية النيابية من ضفة الى ضفة.
البند الأساسي في برنامج هذه الحكومة استيعاب حزب الله سياسياً وعسكرياً، التغطية المالية، والديبلوماسية، والاعلامية، من تلك القوى، على أن تعطى الأوامر الى الجيش بأن يكون بمثابة «قوة صدم» لتنفيذ ذلك على الأرض، ما يستتبع تدخلات دولية لحماية «الشرعية. أي نتيجة في هذه الحال ؟
بالرغم من أن التأثير السياسي، والشعبوي، وحتى التأثير الطائفي للشيخ سامي الجميل، لا يقارن، في أية حال، بتأثير سمير جعجع، أعلن رئيس حزب الكتائب، ومن قلب الضاحية (منزل لقمان سليم في الغبيري)، أن ساعة الحساب (محاسبة حزب الله) قد اقتربت. بالصناديق أم بالخنادق ؟
هل يستسلم الرئيس السنيورة، ثانية، لتلك السياسات المجنونة (والكرسي الثالثة مغرية جداً)، ويقبل بتشكيل حكومة انتحارية؟ في كل الأحوال، لا أحد يصغي الى نصيحته «لا تدعونا نتحول الى رهائن داخل بيوتنا»…