الانتخابات النيابية صارت العنوان الاول في حسابات القوى السياسية المأزومة اصلا نتيجة ثقل الانهيار الذي يضرب لبنان.
صحيح ان هذه القوى او بعضها يراهن على تطيير هذا الاستحقاق والتخلص من اعبائه المفترضة، الا ان الضغوط الخارجية وبعض الحسابات الداخلية ترجحان حتى الآن حصوله في موعده، لذلك تشتد اجواء التحضير له برفع منسوب الخطاب الطائفي والشعبوي الذي كان ولا يزال البرنامج الانتخابي الابرز والاجدى، رغم ما عشناه ونعيشه من ويلات، لا سيما منذ ثلاث سنوات وحتى اليوم.
واذا كانت القوى السياسية التقليدية المعروفة قد انخرطت في ترتيب اوراق معاركها الانتخابية، فان القوى والمجموعات التي طرحت نفسها بديلا عنها منذ انتفاضة ١٧ تشرين لم تتمكن بعد ٣ سنوات من تكوين جبهة مؤثرة تحدث تغييرا جديا لقلب المعادلات السياسية في البلد. وصار مؤكدا عشية الذهاب الى الانتخابات ان هذه المجموعات ما تزال تتخبط في خلافات جوهرية يصعب بل يستحيل تسويتها، مهما اجتهدت اركانها او مارست القوى الخارجية التي راهنت عليها كل انواع المبادرات والضغوط لجمعها وتأطيرها في جبهة سياسية فاعلة ومؤثرة.
ويؤخذ على هذه المجموعات انها لا تسقط من حساباتها الاتكال على الآخرين، وانها اخطأت في رهانها على تراجع وضعف القوى التقليدية. ثم انها تغرق في تناقضاتها الى حد التفتت والتشتت.
ومع بدء الدخول في مرحلة التحضير للمعركة الانتخابية، لم تنجح هذه المجموعات في تشكيل جبهة موحدة، وما زالت تجد نفسها اسيرة التجاذبات والولاءات السياسية الداخلية والخارجية، بدل ان تتأطر في تحالف انتخابي على اساس برنامج مشترك يرتكز على اعادة بناء الدولة برؤية اصلاحية حقيقية من دون الدخول في الصراعات والتجاذبات ذات البعد الاقليمي التي كانت وما تزال تشكل عاملا قويا في استمرار الازمة واشتدادها.
وفي المقابل، تبدو القوى السياسية متهيبة من ان تحدث جماعات المجتمع المدني على تنوعها خروقات ملحوظة ومؤثرة في بعض الدوائر على حساب هذا الفريق او ذاك، تمكنها من لعب دور «الجوكر» في الندوة النيابية، الامر الذي يحسّن من موقعها ووزنها السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات، لا سيما في الاستحقاق الرئاسي في الخريف المقبل.
ويقول مصدر نيابي في ٨ آذار ان المعركة المقبلة ستكون حامية، مشيرا الى ان حساباتنا في التحضيرات التي بدأناها للاستحقاق الانتخابي تأخذ بعين الاعتبار توقع تشكيل لوائح موحدة لاطراف سياسية ومجموعات ناشطة من المجتمع المدني في بعض الدوائر ومنها في بيروت وجبل لبنان والشمال. ويلفت في هذا المجال الى ان هناك محاولات وسعي حثيث لتحقيق هذا الهدف بتشجيع وضغط من السفارة الاميركية وسفارات خليجية وفي مقدمها السفارة السعودية.
ويشير المصدر في هذا المجال، الى ان هذه المساعي تركز على تكوين تحالف مختلط في بعض الدوائر بين «القوات اللبنانية» وبعض الرموز النيابية التي ابتعدت عن التيار الوطني الحر وعدد من المجموعات الناشطة في المجتمع المدني، والتي ترفع شعار السيادة في معركتها ضد حزب الله وحلفائه.
ويضيف المصدر ان هذه المحاولات لم تصل الى خواتيمها ودونها صعوبات، بسبب تضارب المصالح الانتخابية وتخوّف بعض الجماعات والشخصيات المستقلة من هيمنة «القوات» على هذا التحالف واستثماره لصالح ايصال اكبر عدد من مرشحيها الى الندوة النيابية.
كذلك يبدو ان هناك عقبة مهمة اخرى تتمثل بالخلاف المستحكم بين «القوات» و»الكتائب» الذي قطع شوطا لا بأس به في عقد تحالفات انتخابية مع مجموعات ناشطة من المجتمع المدني لتشكيل لوائح مشتركة في المتنين الشمالي والجنوبي وفي بيروت الاولى وفي جبيل – كسروان وفي زحلة وربما في البترون.
وهناك نموذج آخر يجري العمل عليه، لجمع شخصيات سياسية ناشطة ومتمولة مع مرشحين من المجتمع المدني في تحالف انتخابي كما يحصل في دائرة بيروت الثانية بين النائب فؤاد مخزومي وبعض الجماعات. ويسعى مخزومي من خلال رفع الخطاب الشعبوي المناهض لحزب الله ان يوسع ويزيد من نسبة التأييد السني له، اضافة الى برنامج خدمات في الموسم الانتخابي يشمل بعض الجمهور الشيعي والمسيحي.
اما القوى اليسارية فهي لم تتمكن حتى الآن من تكوين جبهة موحدة في ما بينها ومع مجموعات مدنية ناشطة بالقدر الذي يجعلها قادرة على احداث خروقات في الانتخابات المقبلة.
ويعترف المصدر في ٨ آذار ببعض الثغرات والتراجع في زخم فريقه في بعض المناطق، لكنه يؤكد ان هذا الامر لن يؤثر على نتائج الانتخابات شيعيا، حيث يتوقع محافظة «امل» وحزب الله على مقاعدهما.
ويضيف المصدر ان الضغوط ستكون قوية في المعركة على المقاعد للحلفاء في بعض الدوائر، مشيرا الى ان هناك جهودا بدأت لتحسين فرص الفوز لمرشحي الحلفاء وفقا لطبيعة كل دائرة، ويقلل المصدر من تأثير خلاف «امل» والتيار الوطني الحر على النتائج في الجنوب وبعلبك الهرمل، باعتبار ان الانتخابات السابقة شهدت معركة بين الطرفين في جزين ولم تشهد تحالفا بينهما لا في زحلة ولا في بعلبك.
اما في جبيل وكسروان فان المشهد ما زال حتى الآن كما سجل في الانتخابات الماضية.
ويعترف المصدر بان التيار تراجعت قوته في معظم المناطق، لكنه يؤكد ان تحالفه مع حزب الله في دوائر معينة سيعوض بعضا من خسائره في دوائر اخرى.
ويضيف المصدر ان التيار يحاول تعويض خسارة قوة بعض الشخصيات التي تحالفت معه في الانتخابات الماضية وخرجت من تكتله بتحالفات جديدة مع شخصيات وقوى ذات تأثير مناطقي وخدماتي.