دخل لبنان ابتداءً من هذا الأسبوع مرحلة “اضطرابات متنقلة”، قد تشهد منعطفات ومنزلقات خطيرة على المستوى الميداني، تحت وطأة تفلت سعر الدولار وانهيار القدرة الشرائية لدى الأكثرية الساحقة من اللبنانيين وتمدد شرارة الأزمات في أكثر من اتجاه، لا سيما في ضوء ارتفاع سعر المحروقات اليوم، وتلويح المطاحن والأفران بانقطاع الطحين والخبز غداً، وصولاً إلى “يوم الغضب” الذي ينفذه اتحاد النقل البري بعد غد الخميس.
وكتبت” النهار”: اضطر العهد مساء امس، عشية بدء جولة الاستشارات الخاصة بالترف الحواري العقيم، إلى تبرير موقفه من عدم توقيع مراسيم متصلة بدفع رواتب لفئات معينة وتحميل معطلي جلسات مجلس الوزراء التبعة والمسؤولية فيما تجرجر دعوته الحوارية ذيول الالتباسات والفشل شبه المؤكد لهذه المبادرة المتأخرة جدا والسيئة التوقيت. ولكن الأسوأ ان ذلك يحصل على وقع تحليق “تاريخي” إضافي لسعر الدولار في مواجهة انهيار “تاريخي” الليرة فتجاوز الدولار مساء أمس سقف الـ32 الف و500 ليرة متجها نحو الـ 33 الف ليرة وخارقا كل المخاوف من تسجيل سقوف تصاعدية إضافية مع ما يعنيه ذلك من تداعيات مخيفة في كل الاتجاهات. وفي حين كانت الأجواء المتصلة بالحكم تركز على استعداداته لاجراء جولة مشاورات حول طرحه الحواري، بدا معبراً ان تضطر بعبدا إلى العودة إلى الازمة الحكومية الضاغطة بتداعياتها وانعكاساتها المدمرة على الواقع الانهياري القائم بما يسقط كل العناوين والمناورات السياسية امام الأولوية الاستثنائية المطلقة لمواجهة التداعيات الانهيارية ماليا واجتماعيا.
وكتبت ” نداء الوطن” برزت أمس أزمة جديدة تجسدت بالإعلان عن عدم تقاضي أكثر من 6000 مواطن من المتعاقدين والاجراء والمياومين وغيرهم في القطاع العام، رواتبهم وتعويضاتهم نهاية كانون الثاني الجاري، ربطاً بعدم قدرة وزارة المالية على سدادها قانوناً بسبب عدم تجديد عقودهم في مجلس الوزراء… وفور شيوع الخبر، سارع المسؤولون إلى تقاذف كرة المسؤولية باتجاه بعضهم البعض، وسط تركيز على رفض رئيس الجمهورية ميشال عون طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي توقيع قرارات استثنائية تتصل بموظفي القطاع العام.
رأت مصادر وزارية أنّ “التيار الوطني الحر” تعمّد تصعيد هذه الأزمة عبر الدفع باتجاه رفض رئاسة الجمهورية توقيع الموافقات الاستثنائية كما طلب رئيس الحكومة، كاشفةً أنّ ميقاتي كان قد اتفق مع عون في 5 كانون الثاني على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب والتوقيع على موافقات استثنائية تتعلق ببدلات النقل (مقطوع شهري للاسلاك العسكرية والامنية)، وزيادة بدل النقل إلى 65 ألف ليرة للقطاع الخاص و64 ألف ليرة للقطاع العام، والهبة المالية أو المساعدة الإجتماعية (منح شهر ونصف شهر من قيمة الراتب لموظفي القطاع العام عن شهري تشرين الثاني وكانون الاول 2021)، فضلاً عن تجديد عقود المتعاقدين مع الدولة اللبنانية.وبموجب هذا الاتفاق، أرسل رئيس الحكومة في اليوم التالي، أي في 6 كانون الأول الكتاب إلى رئيس الجمهورية لتوقيع الموافقات الاستثنائية، إلا أنّ المفاجأة أتت من خلال تبديل عون موقفه والتمسك بوجوب انعقاد مجلس الوزراء لاتخاذ القرارات المناسبة بهذا الخصوص، وهو ما اعتبرته المصادر بمثابة “ورقة ضغط” قرر رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل استخدامها سواءً في وجه رئيس الحكومة لتمنعه عن دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، أو في مواجهته المفتوحة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، باعتبار شريحة كبيرة من المتعاقدين في القطاع العام هي محسوبة سياسياً على بري، مستفيداً من كون مجلس الوزراء لم يقرّ تمديد عقودهم في الملاكات العامة كما درجت العادة سنوياً بسبب عدم انعقاده قبل نهاية العام.
وكتبت “اللواء”: بقي قصر بعبدا، على الرغم من أجواء التحضير للحوار، ماضياً في توقف المراسيم الخدماتية، بما في ذلك عقود أو مراسيم تحديد عقود المتعاقدين والأجراء والمياومين، والذين لن يتمكنوا من قبض رواتبهم نهاية شهر كانون الثاني الجاري، لأن المراسيم مجمدة المتعلقة بهذه المسألة.
وعزت بعبدا عدم توقيع المراسيم تحت عنوان “موافقات استثنائية” في ظل حكومة غير مستقيلة، ولا هي في مرحلة تصريف الأعمال، ومن زاوية أن الحل المناسب هو في انعقاد مجلس الوزراء لدرس هذه المواضيع وإصدار القرارات المناسبة بشأنها.