الاهتراء في مؤسسات الدولة والخاصة يزداد والدولار في السوق الموازية يرتفع ولا يتراجع وقد وصل الى مستوى خطير وهو 30 الف ليرة لبنانية الى جانب تلويح موظفي القطاع العام بالاضراب واعلان نقابة المعلمين للمدارس الخاصة عدم العودة للتدريس الاثنين المقبل فضلا عن تحديد الاتحاد العمالي العام الخميس المقبل يوم الغضب على كافة الاراضي اللبنانية. وعلى خط مواز للسوق الموازية ولمعاناة العمال والعائلات اللبنانية من الاوضاع المعيشية الكارثية هناك عالم اخر يعيش فيه السياسيون وخلافاتهم وصراعاتهم على النفوذ كما على المشادات الكلامية وتبادل الاهانات والاتهامات في ما بينهم.

ذلك انه في ظل المناكفات الحاصلة حاليا بين الرئاسة الاولى والثانية لا يكترث المواطن لتراتبية المواضيع التي تدرج على جدول الاعمال او اي مادة في الدستور تعطي الصلاحية لرئيس الجمهورية او لغيره في ادارة البلد بعد ان انهار كل شيء، بل جل ما يريده المواطن ان تؤمن له السلطة المازوت والخبز والادوية اي الحاجات الاساسية التي تنقصه نتيجة الازمة. والحال ان الغضب الشعبي يتصاعد والفقر بات يشمل شريحة كبيرة من اللبنانيين فضلا ان السرقات تزداد وهذه الظروف المأساوية لن تؤدي الا الى انفجار شعبي وفوضى أمنية لا تحمد عقباها.

شبه تسوية في الافق؟

الى ذلك، علمت الديار ان الاتصالات متواصلة بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ومساعد امين عام حزب الله حسين خليل كما بموازاة ذلك تحصل ايضا اتصالات بين الوزير السابق علي حسن خليل مع الرئيس نجيب ميقاتي للتوصل الى مخرج من الازمة التي عطلت الحكومة.

وفي هذا السياق كشفت مصادر وزارية للديار انه يتحضر في الكواليس صيغة لا «تكسر» الثنائي الشيعي ولا تعطل اقرار الموازنة. هذه الصيغة تقضي بانعقاد جلسة واحدة ولا غير للحكومة يحضرها وزير المال لتمرير الموازنة فقط دون الشروع الى مسائل اساسية اخرى وعليه يكون الثنائي الشيعي حافظ على موقفه بايجاد حل لقضية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في تحقيق انفجار المرفأ.

وتحدثت اوساط سياسية للديار عن صيغة جديدة لايجاد مخرج للازمة السياسية حول القاضي بيطار حيث ان عنوان هذه التسوية ان يستفيد رئيس البرلمان نبيه بري من فتح دورة استثنائية بما ان هذا الامر يعيد الحصانة للنواب التابعين لحركة امل والملاحقين من المحقق العدلي في تحقيق انفجار مرفأ بيروت. كما المستفيد الاخر هو رئيس الجمهورية الذي يسعى لاعادة تفعيل عمل الحكومة بما انه يتوجب على مجلس النواب ارسال القوانين لمجلس الوزراء كما تجري العادة.

اما الاسئلة التي تطرح نفسها: هل حدود هذه التسوية ستقتصر على تمرير الموازنة فقط؟ وهل عقد مجلس الوزراء سيكون بداية لرفع حظر الثنائي الشيعي على الحكومة؟ هل اراد حزب الله ايصال رسائل ايجابية للرئيس عون ولرئيس الوطني الحر؟

في المقابل تقول اوساط سياسية ان الثنائي الشيعي لن يلبي الدعوة حتى لو كانت لبند الموازنة قبل حل قضية طارق البيطار. وفي هذا النطاق، اشارت الى ان حزب الله مستاء جدا من تصرفات ميقاتي الاخيرة بعد لقائه بري وخروجه غاضبا وافشال التسوية التي اعدت يومها بين الرئيسين عون وبري بجهد من حزب الله. واضافت هذه الاوساط السياسية ان حزب الله مستاء جدا من بيان الرد للرئيس ميقاتي على السيد حسن نصرالله لمهاجمته السعودية.

مصادر مقربة من بعبدا: المادة 33 واضحة ولا تفسير لما قاله بري

من جهتها قالت مصادر مقربة من قصر بعبدا ان الرئيس ميشال عون اتصل برؤساء الكتل النيابية الموجودة في المجلس النيابي ليبحث افراديا مع كل منهم ويستمزج رأيهم للتحضير للحوار الوطني اللبناني. واشارت الى ان اللقاءات بدأت مع الرئيس نجيب ميقاتي وسيواصل عون اتصالاته اليوم لعقد لقاءات اخرى الاثنين والثلثاء المقبلين. اما عن اعتذار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن حضور الحوار معتبرا انه يجب انعقاده بعد اجراء الانتخابات النيابية فقد اعتبرت المصادر المقربة من بعبدا ان الحريري حر في موقفه.

وفي سياق متصل اوضحت المصادر ان حوار بعبدا الوطني غير مرتبط بعمل مجلس الوزراء واذا كان سينعقد قريبا حيث ان الرئيس عون حدد اهداف هذا الحوار لتترجم لاحقا بقوانين او مراسيم. واشارت الى ان ميقاتي سيدعو لجلسة مجلس الوزراء بعد انتهاء من تحضير الموازنة وعندما تصبح بين يديه. ولفتت الى ان مصادر امل لم تصدر بعد موقفا حيال دعوة ميقاتي لمجلس وزراء مفضلة ان تنتهي الموازنة وعندها تبني على الشيء مقتضاه اما حزب الله فقد قال ان احدا لم يبلغه بموعد لجلسة لمجلس الوزراء.

وعما قاله الرئيس نبيه بري بان المجلس سيد نفسه اعتبرت المصادر المقربة من قصر بعبدا الى ان المادة 33 مادة صريحة تقول ان الدعوة لدورة استثنائية تتم باتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الذين يحددون توقيتها وبرنامجها كما لفتت الى انه لم يتم تغييب دور هيئة مكتب المجلس ولذلك لا تفسير او تبرير لتصريح بري بقوله ان مجلس النواب سيد نفسه.

النائب جورج عطالله: للرئيس بري سوابق بالطعن بالدستور

من جانبه كشف النائب جورج عطالله الذي ينتمي لكتلة لبنان القوي ان بعض الاطراف السياسية اللبنانية تريد ان يبقى لبنان في هذه الحالة الكارثية والمأساوية على الصعيد المالي والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي لاعتبارات عدة غير انهم للاسف لا يعلمون انهم يضربون الصمود بين ابناء بيئتهم ويحبطونهم ويزرعون اليأس في نفوسهم. وتابع انه حتى اللحظة هناك اتصالات جارية لحلحلة العقبات غير ان النتائج لم تظهر بعد.

واعتبر النائب عطالله ان تعطيل الحكومة يضر بالبلاد مشيرا الى ان تكتل لبنان القوي كان موقفه واضحا منذ البدء وينص على فصل العمل الحكومي عن العمل القضائي. وفي هذا النطاق لفت الى ان التيار الوطني الحر قدم طرحين للملف المتعلق بالمحقق العدلي. الطرح الاول هو ان يقوم الورزاء السابقون المدعى عليهم بمراجعة السلطة القضائية الا ان الاخيرة ردت الشكاوى واعطت البيطار كامل الصلاحية في المضي قدما بتحقيقه. اما الطرح الثاني فيقضي بأن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة برلمانية يبلغ كل النواب المعطيات التي بحوزته على المدعى عليهم فيتم التصويت باحالة الملف الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ووفقا لنتائج التصويت يبنى على الشيء مقتضاه.

وحول رد الرئيس بري على الرئيس عون بأن المجلس سيد نفسه رأى النائب جورج عطالله ان المادة 33 واضحة وانه في التعاطي القانوني لا اجتهاد في معرض النص الا ان هذا الكلام يصب في خانة الطعن بالدستور. ولفت عطالله انها ليست المرة الاولى التي يطعن الرئيس بري بالدستور واخرها كانت الجلسة العامة للرد على رئيس الجمهورية حيث اعتبر ان النصاب اكتمل ب59 نائبا بدلا من 65 نائبا. وهذا طعن وتعد صارخ على الدستور.

اما عن عدم مشاركة البعض في الحوار الوطني الذي دعا اليه رئيس الجمهورية فقد اعتبر عطالله ان اليوم القوى السياسية بأمس الحاجة اكثر من اي وقت مضى الى التحاور والمصارحة وحل الخلافات خاصة في هذه الظروف الصعبة والاستثنائية التي يمر بها الوطن.

الدورة الاستثنائية لمجلس النواب: هل تخدم مصلحة الشعب؟

في غضون ذلك قالت مصادر مطلعة ان الرئيس عون تجاوب مع الرئيسين ميقاتي وبري بان لا يكون موعد الدورة لشهر واحد واصر بري على ربطها حتى الدورة العادية في اذار لكن الرئيس عون تمسك بشرط بان يحدد جدول اعمال الدورة الاستثنائية وفقا للمادة 33 من الدستور التي تعطي الحق لرئيس الجمهورية بفعل ذلك الا ان بري اعتبر ان مجلس النواب سيد نفسه.

من جهة اخرى رات اوساط سياسية بارزة ان التشريع في مجلس النواب في ظل شلل السلطة التنفيذية لن يؤدي الى النتيجة المرجوة كما تساءلت عن كيفية التفاوض مع صندوق النقد الدولي في وقت مجلس الوزراء لا يجتمع.

خلاف القوات-المستقبل: صناديق الاقتراع هي الحكم

هذا واستغربت مصادر مطلعة قول رئيس الحزب القوات اللبنانية سمير جعجع ان الاكثرية السنية حليفة له على المستوى الشعبي لا على المستوى القيادي واستباق نتائج الانتخابات النيابية مشيرا الى ان صناديق الاقتراع هي التي ستحدد من هو زعيم الاكثرية السنية الشعبية ولذلك الخلاف المحتدم بين المستقبل والقوات لا لزوم له.

القوات اللبنانية: الحوار الذي يدعو له عون منتهي الصلاحية

الى ذلك اوضحت مصادر القوات اللبنانية للديار انه تم تفسير موقف الدكتور سمير جعجع بطريقة خاطئة حيث معنى تصريحه ان صدى مواقفه على الاغلبية السنية السيادية صدى ايجابي مشيرة انه على سبيل المثال اذا اتخذ الرئيس سعد الحريري او اي زعيم اخر ينتمي لطائفة معينة موقفا وطنيا فمن الطبيعي ان هذه المواقف ستحظى بتأييد شعبي عند الطوائف الاخرى وليس فقط في بيئة طائفة واحدة. ولفتت المصادر القواتية الى انها والمستقبل كانوا من جمهور 14 اذار وغيرهم من الاحزاب ولذلك تدرك جيدا القوات اللبنانية ان الاكثرية السنية تؤيد خطابها وادبياتها وترى انها تعبر عن رأيها ايضا. وتابعت ان هذا الكلام لا يعني اننا نختصر مستوى التمثيل السني القيادي ولا ينتقص من قيادة المستقبل وتمثيلها لبيئتها بل نتكلم عن الرأي العام النابع من رحم 14 اذار والذي يشمل الشارع السني والمسيحي والدرزي وكل من يتماشى مع هذا المسار.

وفي الاطار ذاته كشفت المصادر القواتية ان الدكتور جعجع كان واضحا بانه لا يوجد تواصل مع تيار المستقبل حتى اللحظة وقد قال انه قبل اي تحالف انتخابي بين القوات والمستقبل يقتضي الامر ان تحصل جلسات مصارحة سياسية بين الفريقين علما ان اليوم في حالة الانتظار تتواصل القوات اللبنانية مع شخصيات سنية في مناطق عدة.

اما على صعيد الحوار الوطني اللبناني الذي دعا اليه رئيس الجمهورية أكدت القوات اللبنانية انها لن تشارك في اي حوار قبل اعادة انتاج سلطة جديدة اي بمعنى اخر مجلس نيابي جديد رئيس جمهورية جديد وحكومة جديدة.واضافت ان موقفها من عدم المشاركة يرتكز على ان هذه السلطة تفتقد الى الصدقية الشعبية والوطنية وهي منتهية الصلاحية وتريد الان ان تطرح مواضيع اساسية كان يفترض ان تطرحها في اول الولاية وليس في اخرها.

وحول الدورة الاستثنائية لمجلس النواب سيشارك نواب الجمهورية القوية في التشريع لان حزب القوات اللبنانية ليس حزبا تعطيليا رغم انه يشدد على ضرورة تفعيل مجلس الوزراء على خط مواز مع البرلمان.

التقدمي الاشتراكي: اقرار الموازنة ضروري والاولوية للامور الحياتية المعيشية

بدوره قال المفوض للشؤون الاعلامية في الحزب التقدمي الاشتراكي صالح حديفة للديار ان القوى السياسية يجب ان توقف السجالات والمناكفات لان سعر الدولار لا يرحم والوضع الصحي خطير بعد ان ارتفعت اصابات كورونا بشكل كبير والوضع المعيشي لا يسمح باستمرار هذا السجال العقيم في البلد. اليوم على الجميع ان يتكاتف لاعادة عمل الحكومة وفصل مسار القضاء عن مسار السلطة التنفيذية والاسراع بوضع خطة التعافي الاقتصادي كما اقرار الحكومة الموازنة بما انها جزء لا يتجزأ من الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي .

وحول دعوة الرئيس عون للحوار الوطني، اكد حديفة ان الحزب التقدمي الاشتراكي لا يرفض مبدأ الحوار ولكن لا يجب ان يصرف الحوار النظر عن المواضيع الحياتية والمعيشية منها الدولار وخطة التعافي والبطاقة التمويلية والغاز المصري ومسائل اساسية اخرى تفيد الشعب اللبناني.