في الإنطباع الاولي عقب زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى بعبدا وكلامه الايجابي، أن الأوضاع تتجه نحو الحلحلة وان جلسة لمجلس الوزراء صارت على قاب قوسين او أدنى، وان هذه الجلسة التي ستعقد لمناقشة الموازنة ستكون مخرجاً مناسباً للثنائي الشيعي للعودة الى طاولة الحكومة، دقائق معدودات فتح خلالها رئيس الحكومة قلبه للرأي العام فأخرج امنياته وما يصبو اليه. انما هناك فرق بين الامنيات والوقائع. ذلك ان الزيارة التي قام بها ميقاتي الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم تخرج بنتائج ايجابية تزيد عن اعلان الرئيس عون رغبته في توقيع مرسوم فتح دورة اسثنائية لمجلس النواب. في الاساس لم يكن امام عون الا التسليم بالواقع بعدما استطاع بري تأمين توقيع سبعين نائباً في البرلمان طلباً لفتح دورة استثنائية. ما يعني ان الخطوة لن تكون عرضة للمقايضة مع خطوات بالمقابل سيضطر الثنائي الشيعي لتقديمها على سبيل المقايضة.
اعتبر ميقاتي قرار الرئيس عون بالموافقة على توقيع فتح دورة استثائية انه خرق، وقد علم ان عون بادر ميقاتي مستغرباً القول انه لن يوافق على فتح مثل هذه الدورة قائلاً: كيف أقفل مجلس النواب بينما اطالب بجلسة للحكومة وهناك قوانين عديدة اتمنى لو يقرها مجلس النواب.هنا اتصل ميقاتي بالرئيس بري يبلغه موافقة عون مغتنماً الفرصة لتمرير الاتصال الى عون، فاتفق الرئيسان على فتح صفحة جديدة مع بداية عام جديد.
وانطلاقاً من الاجواء الايجابية اتفق عون وميقاتي على الدعوة الى جلسة للحكومة لبحث موضوع الموازنة وليكون هذا باباً لاعادة اطلاق عجلة اجتماعات الحكومة، لكن “الجمل بنية والجمّال بنية ثانية مختلفة”، إذ كيف لميقاتي ان يدعو الى جلسة من دون ان ينال موافقة مسبقة من بري لحضور الوزراء الشيعة وملف المحقق العدلي طارق البيطار لم ينته بعد.
وأظهر قول ميقاتي عن دعوة قريبة لجلسة حكومية وكأن اتفاقاً قد تم مع الثنائي الشيعي ليتبين ان “حزب الله” كما بري لم يتبلغا بأي تطور يفك أسر الحكومة، وفيما تردد ان “حزب الله” ساهم في تخريج الحلحلة التي اوحى بها كلام ميقاتي، أكدت مصادر مطلعة ان “حزب الله” لا علم له بشيء ولا جديد مستجد، وان وزراء الثنائي الشيعي لن يشاركوا في اجتماعات الحكومة مجدداً طالما ان السبب الذي قاطعوا من اجله لم يعالج بعد، حتى ولو كان الغرض مناقشة بنود الموازنة العامة. وبناء عليه يتبين وكأن ميقاتي كان يبحث عن حجة لعودة اجتماعات حكومته وينتهي بذلك من مقاطعة الثنائي الشيعي، غير ان مصدراً رفيعاً في الثنائي الشيعي أكد ان “لا عودة مجدداً الى مجلس الوزراء الى حين ايجاد مخرج لتحقيقات القاضي البيطار الاستنسابية”، نافياً ان يكون فتح دورة استثنائية موضع مقايضة لان عدد الموقعين دستورياً سيجعل توقيعها امراً محتماً وما على عون الا التوقيع.
ورغم ما أشاعه ميقاتي فان المصدر يستبعد ان يقدم ميقاتي على مثل هذه الخطوة قبل التفاهم مع الثنائي الشيعي، نافياً ان تكون هناك مخارج قيد النقاش للوضع الراهن وفي اعقاب رفع الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله اللهجة تجاه السعودية وردّ ميقاتي ثم ردّ “حزب الله” عليه. في تحليل “حزب الله” وفق المطلعين على اجوائه ان الازمة لا علاقة لها بتصعيد الخطاب تجاه المملكة السعودية ولا برد ميقاتي على الخطاب، يعتبر “حزب الله” ان رده على كلام ميقاتي كان لا بد منه أما رفع وتيرة الهجوم من السيد حسن نصرالله على السعودية فسببه واضح، وهو اندرج في اطار الرد عقب الهجوم الذي شنته السعودية معتبرة ان “حزب الله” ارهابي، داعية الشعب اللبناني الى “القيام بالاجراءات لايقاف هيمنته”، وهو ما اعتبره الحزب على انه تحريض عليه. لم يكن لـ”حزب الله” ان يمرر تهمة الارهابي على لسان الملك سلمان بن عبد العزيز مرور الكرام من دون ان يكون ذلك، بحسبه، مدعاة تصعيد داخلي يؤثر على الحكومة وسير عملها، فانطلاقة الحكومة تحددها معالجة ملف البيطار اولاً واخيراً، نافياً ان يكون الملف قيد المعالجة خلف الكواليس او ان يكون رئيس الحكومة فاتح “حزب الله” بأي مقترح للحل، فالتواصل بين ميقاتي و”حزب الله” مقطوع وبالاخص عقب بيانه الذي كان لا بد من الرد عليه بالنظر لما تضمنه.