كتب المحرر السياسي-البناء
الخداع البصري جمع الكثير من أحداث أمس، التي تصدّرها دولياً مشهد الاضطرابات التي أغلقت عاصمة كازاخستان، فيما بدأ أنه طلائع ثورة ملوّنة جديدة تقف وراءها واشنطن، ليتكشف الوضع عن أزمة أشدّ عمقاً تعصف بدول آسيا الوسطى التي تتوسطها وتتصدّرها كازاخستان في البحث عن الانتعاش الاقتصادي وسط الركود القاتل رغم وفرة الثروات، والبحث عن الهوية وسط تجاذبات اللغة والتاريخ والجغرافيا التي تجمعها بروسيا والصين وإيران وتركيا، والخيارات الدولية والإقليمية التي تشهد حراكاً متصاعداً وتجاذباً حاداً بين محور واشنطن والمحور المقابل، وعلاقات عسكرية أمنية متضاربة تربطها من جهة بروسيا وإيران وتركيا والصين، ومن جهة موازية تربطها علاقات تعاون وثيق بكلّ من واشنطن وتل أبيب، وبانتظار ما ستحمله الأيام من تطورات كازاخستان توضح مسار آسيا الوسطى الشديدة الأهمية استراتيجياً لوقوعها على حدود الصين وروسيا وإيران وتركيا، أزالت تصريحات رئيس المخابرات العسكرية “الإسرائيلية” مفاعيل الخداع البصري الذي نشأ عن التهديدات “الإسرائيلية” بشنّ حرب ضدّ إيران، وتشكيلها قوة مشاغبة وتمرّد على أيّ اتفاق تصل اليه الدول الغربية مع إيران حول ملفها النووي، فقال الجنرال أهارون حاليفا، إنّ الاتفاق النووي مع إيران أفضل، وكان حاليفا قد شدّد في اجتماع المجلس الوزاري المصغر على أنّ العودة إلى الاتفاق ستزيد التأكيد حيال القيود الموجودة على البرنامج النووي الإيراني، وستفسح الوقت للاستعداد دون أيّ ضغوط لسيناريوات التصعيد العسكري مع إيران، وقرأت مصادر متابعة للتهديدات «الإسرائيلية» بحرب على إيران في كلام حاليفا ونشره ليكون في التداول، تأكيداً لورود معلومات لقيادة تل أبيب العسكرية والأمنية والسياسية بأنّ التوصل للاتفاق النهائي بات وشيكاً، وأنّ دعوة الرأي العام للتأقلم مع هذه العودة لم يعد يحتمل مواصلة لغة التهديد.
في لبنان خداع بصري آخر تسبّبت به إيحاءات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بربط فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب بتفاهم ضمني يتيح العودة الى اجتماعات مجلس الوزراء، سواء بصورة كلية او جزئية، تحت شعار تمرير الموازنة وبعض القرارات المالية، ومشاريع القوانين التي ترتبط بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وبعدما أكدت مصادر ثنائي حركة أمل وحزب الله بقاءها على موقفها ودعوتها إلى حلّ المعضلة الرئيسية التي تجمّدت عندها الاجتماعات الحكومية، وهي قضية المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، تداولت بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل تسريبات عن وجود تفاهم ضمني على تمرير عقد هذه الجلسة بغياب وزراء الثنائي لكن دون اعتراضهم، وهو ما نفته مصادر الثنائي نفياً قاطعاً، مؤكدة ان لا تفاعل إيجابياً مع كلّ محاولات الالتفاف على الحلّ المطلوب والمعلوم للجميع، وهو حسم الحكومة لموقفها الى جانب الدستور الذي يحفظ الفصل بين السلطات بحصر ملاحقة الرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ومطالبتها لمجلس القضاء الأعلى بإلزام المحقق العدلي بالتزام حدّ السلطة، وأكدت مصادر الثنائي بأن لا اجتماع للحكومة يقوم على ضرب الميثاقية بغياب وزراء الثنائي، ولا اجتماع للحكومة بتجاهل مطلب الثنائي.
خداع بصري آخر كشفه رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، بتناوله لدعوات اللامركزية الإدارية بصفتها شأناً إصلاحياً، بينما سياق الطرح في مراحل التصعيد الطائفي قبيل الانتخابات، يوجب التأكيد على رفض كلّ الدعوات التي تريد من اللامركزية الإدارية ستاراً لإقامة غيتوات طائفية، وتمهّد لنوع من التقسيم المقنّع.
وحرك اللقاء بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي المياه السياسية والحكومية الراكدة على كلّ الجبهات لا سيما قناة العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ما رسم تساؤلات حول وجود تسوية نيابية ـ حكومية مؤقتة تتضمّن فتح دورة استثنائية لمجلس النواب كما يريد بري مقابل عقد جلسة لمجلس الوزراء كما يشتهي عون.
وبعد اللقاء بين رئيسي الجمهورية والحكومة، أعلن ميقاتي انه «تمّ الاتفاق على توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بشكل فوري». وكشف أنّ «الموازنة العامة للعام 2022 باتت جاهزة، وانه فور تسلمه إياها خلال اليومين المقبلين، يصبح من الضروري اجتماع مجلس الوزراء لإقرارها وإحالتها الى مجلس النواب». كما طمأن الى انه «سيتمّ الإفراج اليوم عن الاستحقاقات المالية التي كان سبق ووعد بها لموظفي القطاع العام والإدارات العامة».
وأفادت المعلومات مساء أمس أنّ ميقاتي، وقّع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، وطلب دفع المنح المالية للموظفين في ضوء اجتماعه مع عون صباحاً، وأرسل المرسوم والطلب إلى بعبدا.
وتخلل اللقاء بحسب معلومات «البناء» اتصال هاتفي من عون ميقاتي برئيس مجلس النواب جرى التداول خلاله بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب وانعقاد مجلس الوزراء لإقرار الموازنة. وأشارت مصادر بعبدا لـ»البناء» الى أن الاتصال كان إيجابياً وهادئاً وضرورياً بين الرئيسين لتفعيل عجلة الدولة والمؤسسات وتفعيل التنسيق بين الرئاستين. ولفتت المصادر الى أنّ «مرسوم العقد الاستثنائي سيوقع من رئيسي الجمهورية والحكومة خلال وقت قصير وحينها يصبح ساري المفعول ولرئيس المجلس تحديد جلسة في الوقت الذي يراه مناسباً». وأوضحت المصادر أن جلسة الحكومة مخصصة لمناقشة الموازنة لكن رئيسي الجمهورية والحكومة يحدّدان جدول أعمالها. لكن لم يعرف إذا ما كانت الجلسة الحكومية ستقتصر على موضوع الموازنة أم تعقبها جلسات أخرى.
وعكست أجواء عين التينة لـ»البناء» ارتياحها للاتصال الذي تلقاه بري لجهة موافقة عون على العقد الاستثنائي للمجلس، لكنها رفضت الحديث عن تسويات أو صفقات أو مقايضة بين موضوع الدورة الاستثنائية وعقد جلسة لمجلس الوزراء. مضيفة: «من الضروري فتح دورة استثنائية لكي يتابع المجلس عمله التشريعي وإقرار البنود المالية والاقتصادية، فضلاً عن طلب لمساءلة الحكومة من تكتل لبنان القوي المحسوب على رئيس الجمهورية». وشدّدت الأجواء على أنّ «رئاسة المجلس تنتظر توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة على المرسوم لتحديد موعد الجلسة».
وفيما تتوقع أوساط سياسية أن تنسحب الأجواء الإيجابية الرئاسية على مجمل المشهد السياسي والقضائي وعلى الأوضاع الاقتصادية، لم يسجل أيّ تبدّل حتى الساعة بموقف ثلاثي أمل وحزب الله وتيار المردة حيال ملف تحقيقات المرفأ، حيث أكدت مصادرهم لـ»البناء» إلى أنهم لن يلبوا الدعوة لجلسة نيابية إلا بعد معالجة مشكلة القاضي طارق البيطار، إلا إذا اقتصرت الدعوة الى جلسة لمناقشة الموازنة وهذا لا يزال قيد الدرس».
وكان عون وقع 16 قانوناً أقرّها مجلس النواب في جلسته الاخيرة، وأحالها للنشر وفقاً للأصول.
من جهته أصدر وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي تعميماً يتعلق بمهل تقديم تصاريح الترشيح والرجوع عنها وتسجيل اللوائح للانتخابات النيابية العامة لعام 2022 .
في غضون ذلك وبعد حادثة شقرا الأسبوع الماضي، أعلنت قوات “اليونيفيل” في الجنوب عن تعرّض آلياتها التابعة للأمم المتحدة للتخريب والسرقة بحسب ما أفادت نائبة مدير المكتب الإعلامي لليونيفيل كانديس آرديل، والتي أوضحت في بيان أنه “على عكس المعلومات المضللة التي يتمّ نشرها، لم يكن جنود حفظ السلام يلتقطون الصور ولم يكونوا في ملكية خاصة، بل كانوا في طريقهم للقاء زملائهم في القوات المسلحة اللبنانية للقيام بدورية روتينية”. ونقلت عن اليونيفيل إدانتها للاعتداءات التي يتعرّض لها الرجال والنساء الذين يخدمون قضية السلام، والتي تعتبر انتهاكات للقانون اللبناني والقانون الدولي. كما تدين اليونيفيل الجهات الفاعلة التي تتلاعب بسكان المنطقة لخدمة أغراضها”.
وتابعت آرديل: “كما أشار الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، يجب أن تتمتع اليونيفيل بحرية الحركة الكاملة في جميع أنحاء منطقة عملياتها، وبالشكل الذي وافقت عليه الحكومة اللبنانية. وكما قال وزير الخارجية اللبناني، فإنّ الحكومة “لا تقبل أيّ شكل من أشكال التعدّي على جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل”. ودعت ختاماً السلطات اللبنانية “إلى إجراء تحقيق سريع وشامل ومحاكمة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم”.
ووضعت مصادر في فريق المقاومة عبر “البناء” البيانات المتكرّرة لليونيفيل عن أحداث اعتداء على قواتها في الجنوب من قبل الأهالي في إطار الضغط على حزب الله وتحميله مسؤولية هذه الإشكالات وإعادة تظهير سلاحه على أنه مشكلة ويجب حلها من جهة وتقديم الذرائع لتوسيع صلاحية اليونيفيل وحرية حركتها المعمول بها منذ العام 2006 وفقاً للقرار الدولي 1701. متهمة اليونيفيل بافتعال هذه الأحداث وتضخيمها لأهداف سياسية. متسائلة عن الجهة التي لديها مصلحة بتوتير الوضع بين اليونيفيل والأهالي وتعديل بقواعد حركة اليونيفيل ونطاق عملياتها، ملمحة الى دور “إسرائيلي” في هذا الإطار.
على الصعيدين الصحي والتربوي، وغداة اجتماع لجنة كورونا في السراي الحكومي، أعلن وزير التربية عباس الحلبي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الصحة العامة فراس الابيض، “اتخاذ اجراءات من أجل عودة آمنة إلى المدارس”، وقال: “أنشأنا غرفة عمليات تدير شؤون كورونا، وبمتابعة عبر الصليب الأحمر”، مؤكدا انه سيتمّ إقفال الصف الذي تظهر فيه أي إصابة بكورونا. واعلن ان “لا خيار لنا غير التعليم الحضوري وعلينا إنقاذ مصير التربية والتعليم”، وقال: “نمضي نحو فتح المدارس وسائر المؤسسات التربوية”.
وأكد رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي لـ “البناء” أنّ طلاب المدارس سيكون لهم نصيب من لقاحات كورونا، حيث ستعمد المدارس إلى تعبئة ملفات بأسماء الطلاب من أجل التلقيح، وسيتمّ اعتماد عيادات نقالة للمدارس بالتنسيق بين وزارة التربية والصحة، إضافة إلى وجود مراكز لوزارة الصحة يمكن الذهاب إليها لأخذ اللقاح وكذلك سيتم إجراء يوم “ماراتوني” للمدارس”.
ولفتت مصادر صحية مطلعة لـ”البناء” إلى أنّ “وزارتي الصحية والتربية ستنسّقان على صعيد الإجراءات الوقائية لضمان عدم تفشي الفيروس بين الطلاب في المدارس من ضمنها حملة تلقيح للطلاب للطلاب من عمر 11 عاماً وما فوق وفرض ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي”، مشيرة الى أنّ “قرار وزارة التربية بالعودة الآمنة الى المدارس جاء بعد دراسة معمقة أجرتها وزارة الصحة والتزام وزارة التربية بفرض إجراءات على جميع المدارس والمعاهد”، موضحة أنّ قرار التربية يوازن بين مصلحة الطلاب التربوية وحماية العام الدراسي وبين المخاطر الصحية”.
وسجل عداد كورونا المزيد من الإصابات، وأعلنت وزارة الصحة، عن 5818 إصابة جديدة بالفيروس و20 حالة وفاة أمس.
وأوضح نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أنّ “عدد المصابين بكورونا الذين يدخلون إلى المستشفيات لا يزال تقريباً هو نفسه منذ أسبوعين، وحتى الساعة المستشفيات قادرة على استيعابه، فهناك أسرّة لا تزال شاغرة في العناية الفائقة”. وتوقّع في حديث إذاعي أن “تبلغ موجة الإصابات ذروتها بعد أيام نتيجة التخالط أثناء الأعياد”، منبّهاً إلى أنّ “المستشفيات غير قادرة على استيعاب أعداد كبيرة على غرار العام الفائت”.
على صعيد آخر، تقدّمت السيدة ميراي توفيق شليطا البواري، بوكالة المحامي كمال طعمه، بإخبار الى النيابة العامة الاستئنافي في جبل لبنان، حول ما صرح به عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله حول تهريب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط مبلغ 500 مليون دولار اميركي الى الخارج، في مقابلة تلفزيونية.