ترجمة رنا قرعة-لبنان24
نشرت قناة “سي إن بي سي” الأميركية، الأسبوع الماضي، مقالة افتتاحية بقلم فريدريك كيمبي، المحلل والصحفي الأميركي البارز. ناقش كيمبي، في مقاله، بأنه في العام 2022 سيتعين على الولايات المتحدة التركيز على مواجهة التحديات القادمة من الصين وروسيا وإيران. وأشار إلى أن هذه الدول الثلاث ستحاول على الأرجح الاستفادة من ضعف السياسة الخارجية للولايات المتحدة، والذي تجلى من خلال الانسحاب الأميركي الأخير من أفغانستان بأكثر الطرق وضوحًا. واقترح كيمبي أيضًا أن هناك ترابطًا جوهريًا بين تحديات التحريفية أو الإشتراكية التطورية الصينية، والمغامرة الروسية، والطموحات النووية الإيرانية. ومع ذلك، من وجهة نظره، فإن الخصوم الاستراتيجيين الثلاثة للولايات المتحدة ما زالوا هشين وضعفاء بطبيعتهم؛ وبالتالي، يمكن، بل وينبغي، إيقاف هجومهم الجيوسياسي ودحره.
وبحسب موقع “مودرن بوليسي” الأوروبي، “هذه الرواية شائعة في واشنطن هذه الأيام، ومن المحتمل أن يتبناها العديد من السياسيين الرئيسيين والعلماء الأميركيين المحترمين. قد تكون لهذه الرواية جوانب جذابة لأنها تقلل من تعقيدات العالم وتُظهر رؤية بسيطة ومفهومة لقطبية ثنائية جديدة ناشئة. ومع ذلك، هناك عدد من الأسئلة الأساسية التي فشلت في معالجتها. أولاً، التعميمات حول “محور الشر” الآخر الذي يواجه المدينة الساطعة على التل دائمًا ما تكون محفوفة بالمخاطر ومضللة في كثير من الأحيان. إن وضع التحديات الروسية والصينية للولايات المتحدة في سلة واحدة يشبه خلط التفاح والبرتقال. إن التحدي الروسي يكاد يكون عسكريًا وجيوسياسيًا بشكل حصري، بدءًا من سباق التسلح النووي الاستراتيجي إلى المشاركة العسكرية المباشرة أو غير المباشرة لموسكو في أماكن مثل سوريا أو أوكرانيا أو ليبيا. التحدي الذي تواجهه الصين هو في الغالب اقتصادي وتكنولوجي، من بناء الآلات المتقدمة، إلى المنافسة في الذكاء الاصطناعي. أما بالنسبة للبرنامج النووي الإيراني، فهذه مشكلة أوجدتها الولايات المتحدة نفسها، عندما قررت واشنطن الانسحاب من جانب واحد من خطة العمل الشاملة المشتركة في أيار 2018″.
وأضاف الموقع، “ثانيًا، لا يمكن للمنافسة الجيوسياسية الشديدة في العالم الحديث، مهما كانت حقيقية، أن تلقي بظلالها على العديد من المشكلات العالمية المشتركة بين الولايات المتحدة وخصومها الاستراتيجيين. كيف يمكن للعالم أن يتعامل مع قضايا الإرهاب الدولي، والهجرة عبر الحدود، وتغير المناخ وما شابه ذلك، إذا كان ينظر إلى العلاقات بين الولايات المتحدة من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى، على أنها لعبة محصلتها صفر؟ لا يمكن بناء وتأمين استدامة بنية أمنية موثوقة في أوروبا بدون مشاركة روسيا. ولا يمكن لأي نظام بيئي اقتصادي قوي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ أن يعمل بدون مشاركة الصين”.
وتابع، “ثالثًا، يأتي التحدي الأساسي للولايات المتحدة من الداخل وليس من الخارج. فالبلد بحاجة ماسة إلى تحسين كبير للبنية التحتية وأنظمة التعليم والصحة العامة. فقد بلغ عجز الميزانية الأميركية والدين القومي ارتفاعاً كبيراً وغير متوقع. بات التضخم أعلى مما كان عليه في أي وقت في هذا القرن. ولا تزال ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة منخفضة، كما أن تصنيفات الموافقة على إدارة بايدن ليست عالية أيضًا. والأهم من ذلك، بعد مرور عام على الانتخابات الوطنية لعام 2020، لا يزال المجتمع الأميركي منقسمًا بشدة حول بعض أهم الأسئلة المتعلقة بالتنمية الوطنية. هذا الوضع المؤسف له تداعيات مباشرة على المكانة الدولية للولايات المتحدة: لا تستطيع الولايات المتحدة المنقسمة ببساطة اتباع سياسة خارجية طويلة الأجل يمكن أن يوافق عليها مؤيدو الولايات المتحدة ومعارضوها في الخارج ويحترمونها. فما من خصم أجنبي في وضع يمكّنه من إيذاء الولايات المتحدة بقدر ما يمكنه إلحاق الضرر بنفسه”.
وبحسب الموقع، “علاوة على ذلك، في القرن الحادي والعشرين، يبدو أن التركيز على الخصوم أصبح مفهومًا قديمًا للسياسة الخارجية. يجب أن تركز السياسة الخارجية الذكية على المشكلات الدولية بدلاً من الخصوم الأجانب. قد تكون روسيا جزءًا من مشكلة الولايات المتحدة في أوكرانيا، ولكن من المرجح أن تكون جزءًا من الحل للولايات المتحدة في منطقة القطب الشمالي. ستكون الصين منافسًا هائلاً لأميركا في التصنيع، ولكن من المرجح أن تظل شريكًا استراتيجيًا للولايات المتحدة وعميلًا في قطاع الطاقة. يمكن أن تكون دول مثل تركيا أو الهند أو حتى ألمانيا وفرنسا حلفاء مهمين للغاية في بعض المناطق، في حين يلتزمون بمسار المنافسة في مناطق أخرى”.
وختم الموقع، “يجب حشد النهج القائم على المشكلات في الشؤون الدولية من قبل جميع اللاعبين في السياسة العالمية، لكن الولايات المتحدة، باعتبارها واحدة من الدول الرائدة في العالم، تتحمل مسؤولية خاصة في تطبيق هذا النهج على سياستها الخارجية. هذا الأمر سيعطي واشنطن درجة من المرونة يفتقر إليها النهج القديم القائم على الخصم بشكل ميؤوس منه”.