اندريه قصاص
عندما خيّر رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل “حزب الله” بينه وبين حركة “أمل”، وبالتحديد الرئيس نبيه بري، كان يعرف الجواب مسبقًا.
فلماذا دخل في هذه “المعموعة” المعروفة النتائج سلفًا؟
يقول بعض العارفين أن لدى باسيل “هواية” مناطحة “طواحين الهواء”، وهو “يشتري المشكلة “شراية”، أيًّا كان ثمنها، المادّي والسياسي. وهو بذلك يحاول مراكمة “البطولات الوهمية” من كيس غيره. فإذا لم يهاجم “الثنائي الشيعي”، وهو يقصد بالتحديد حركة “أمل”، فلا تعود لحيثيته المسيحية أي معنىً بالمعنى الحصري للكلمة، ولن يستطيع بالتالي إكمال ما كان قد بدأ به منذ أن تعارف على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم كان منفيًّا في فرنسا، وقبل أن يصاهره.
لم يوفّر رئيس “التيار الأورونجي” حليفه الإستراتيجي من بعض الغمزات واللمزات، ولكنه إعتمد، في ما إعتقده “ضربًا” من الذكاء، سياسة الضرب مرّة على الحافر ومرّة أخرى على المسمار. فهل نجح في تحييد “حزب الله” عن معركته “الأساسية” ضد الرئيس برّي شخصيًا عندما أعلن تمسّكه بورقة تفاهم “مار مخايل”، مع إبداء حرصه على تطويرها بما يتماشى مع الظروف الراهنة؟
التجارب الماضية تؤّكد أن “حزب الله” لن يدخل علنًا في “بازار” المفاضلة بين باسيل وبرّي. فموقفه معروف ولا يرى حاجة إلى التذكير به. وعلى رغم حاجته الماسّة إلى الغطاء المسيحي لمشروعية مشروعه السياسي فإنه لن يفرّط بتحالفه العضوي مع حركة “أمل”. فهذا ليس خيارًا بالنسبة إليه بقدر ما هو قدر حتمي. فهناك أولويات بالنسبة إلى “الحزب” لا يمكنه المساومة عليها. ومن بين أبرز أولوياته الحفاظ على الوحدة الشيعية المتمثّلة بما يُعرف بـ”الثنائي الشيعي”.
هذه الحقيقة يعرفها باسيل جيدًّا، وهو يحفظها عن ظهر قلب. ومع ذلك دخل في المغامرة التفاضلية. الهدف بالنسبة إليه واضح. فالرجل يعرف ماذا يريد وإلى أين يريد أن يصل، وهو يخطّط إلى أبعد من حشر”حزب الله” في زاوية المفاضلة.
المعركة بالنسبة إلى رئيس أكبر كتلة نيابية مزدوجة، وهو يعتمد فيها التصويب بـرصاصاته” السياسية على الرأس وليس على الأرجل. يستهدف أولًا الرئيس بري كبديل عن مهاجمة “حزب الله”، إعتقادًا منه أنه بذلك يستطيع “تعويم” وضعه السياسي على الساحة المسيحية نتيجة أخطاء وممارسات كثيرة على مدى خمس سنوات وأكثر.
أمّا ثاني إستهدافاته فتطال رئيس “حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، الذي وضعه في مؤتمره الصحافي بالأمس في الخانة نفسها مع العدو الإسرائيلي، وساواه به من حيث الضرر الذي يُلحقه بلبنان تمامًا كما تفعل إسرائيل. فلو لم يتناول رئيس “القوات” في نهاية مؤتمره لكان عُدّ كلامه ناقصًا من حيث إكتمال عناصر “عدّة الشغل” في معركتيه المقبلتين ، الأولى في أيار، والثانية في نهاية تشرين الأول.
صورة المعركة واضحة بالنسبة إلى الصقور في “التيار الوطني الحر”، وإن بدا أن الصقور في الطرف الآخر قد قرروا، على ما يبدو، أن يأخذوا “إستراحة” بناء على نصائح معينة. وهذا ما بدا جليًّا من خلال الردّ “الناعم” للمعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل، وإكتفاء “القوات” بالإعتماد على الجيش الالكتروني على مواقع التواصل الإجتماعي للردّ على باسيل.
في النهاية، وكما يقول بعض المراقبين، فإن المعركة هي على “المنخار”، ولكل من الأطراف السياسية “سلاحه” المعدّ سلفًا، فيما المواطن، الذي يُعِّول عليه الجميع لحسم نتائج أمّ المعارك في أيار، يتلوّى على جمر النار.
هناك من كان ينتظر من الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ردًّا ناريًا، لكنه إكتفى في إطلالته أمس بردّ التحية إلى باسيل في ما خصّ ورقة تفاهم “مار مخايل” وضرورة تطويره ليس إلاّ، ونقطة على السطر، موحيا بأن “حزب الله” سيتجاوب مع أي دعوة للحوار.
المصدر: خاص “لبنان 24”