لم تسجل الأزمة الحكومية أي جديد في ظل جمود يحكم المعادلة الحكومية رغم استمرار المشاورات. الا ان الأوساط السياسية والدبلوماسية فوجئت باللغة غير المسبوقة في خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مع الدول العربية، لا سيما مع المملكة العربية السعودية حيث لم يوفّر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان من هجومه، وكذلك ولي العهد محمّد بن سلمان.
وبحسب “اللواء” فان مواقف نصرالله من شأنها ان تفاقم المشكلة معها، وتعيق كل المحاولات التي من شأنها ان ترمم المآخذ، وتهوّل منها على لبنان واللبنانيين، وتضيف عقبة إضافية امام حكومة “معاً للإنقاذ” المعطلة بقرار من “الثنائي الشيعي” احتجاجاً على أداء يصفه الثنائي بالاستنسابية والتسييس من قبل المحقق العدلي القاضي طارق بيطار”.
وأشارت “البناء” الى” توقعات أكثر من جهة سياسية بأن الازمة ستطول ولا عودة لجلسات مجلس الوزراء قبل حل أزمة المحقق العدلي في تحقيقات المرفأ القاضي طارق البيطار، ، وعكس موقف وزير العدل هنري الخوري إصرار رئيس الجمهورية على موقفه الرافض لأي حل في مجلس الوزراء على حساب السلطة القضائية التي فشلت في التوصل الى حل. وقال الخوري: “ملف المرفأ بيد القضاء الذي يقوم بواجباته في هذا الإطار”.
اما “نداء الوطن” فكتبت”: لا حاجة لتأويل أو تحليل ما ستكون عليه تداعيات هجوم الأمين العام لـ”حزب الله” على العاهل السعودي، طالما أن نصرالله نفسه أكد علمه يقيناً ثقل هذه التداعيات على الساحة اللبنانية، مستبقاً تهجّمه على الملك سلمان بن عبد العزيز بعبارة: “بعرف رح تقوم القيامة بكرا”! وعلى الرغم من تسليمه بأنّ كلامه هذا قد يجهض آخر بصيص أمل يتلمسه رئيس الحكومة على طريق رأب الصدع مع المملكة ودول الخليج “ورح يقولوا خرّب لنا العلاقات مع السعودية”، قال ما قاله نصر الله بالصوت العالي قافزاً فوق كل الخطوط الحمر التي تزنّر الحد الأدنى من أواصر العلاقات اللبنانية – السعودية بشكل عام، وخصوصية الارتباط الإسلامي والسنّي على وجه التحديد ببلاد الحرمين مع ما سيستدعيه ذلك من موجة ردود، رسمية وسياسية وروحية، استهلها ميقاتي مساءً ببيان عاجل شدد فيه على ان كلام الأمين العام لـ”حزب الله” بحق المملكة، “لا يمثل موقف الحكومة اللبنانية والشريحة الأوسع من اللبنانيين”.وإذ لم يتوان نصرالله عن زج مئات ألوف اللبنانيين العاملين في الخليج في صلب هجومه على القيادة السعودية واضعاً موارد رزقهم هناك على المحك من خلال اعتبارهم في مصاف “الرهائن” المحتجزين في هذه الدول “لتهديد لبنان بهم”…
لفت ميقاتي الانتباه إلى أنّ مواقف نصرالله المسيئة للسعودية ودول الخليج تسيء إلى اللبنانيين قبل سواهم، وذكّر بدعوته إلى إدراج “موضوع السياسة الخارجية على طاولة الحوار لتجنيب لبنان تداعيات ما لا طائل له عليه”، مؤكداً أنه “ليس من مصلحة لبنان الإساءة إلى أي دولة عربية، خصوصا دول الخليج”، وأخذ في هذا السياق على قيادة “حزب الله” مخالفتها التوجه المنادي بأن يكون “الحزب جزءاً من الحالة اللبنانية المتنوعة ولبناني الانتماء، بمواقف تسيء إلى اللبنانيين أولاً وإلى علاقات لبنان مع أشقائه ثانياً”، ليكرر رئيس الحكومة إزاء ذلك الدعوة “للرأفة بهذا الوطن”، خاتماً بيانه بالقول: “بالله عليكم إرحموا لبنان واللبنانيين واوقفوا الشحن السياسي والطائفي البغيض”.
وكتبت” الانباء”: فاقمت السجالات المستعرة سياسيًا من حدة الأزمات الرابضة على كاهل اللبنانيين، الذين باتوا عالقين بين سدّان التعطيل ومطرقة الشحن والتوتير، وقد أضاف الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله توتيراً جديداً بهجومه المتكرر على المملكة العربية السعودية بما يفتح الباب أمام تصعيد جديد في العلاقات غير المستقرة أساساً مع دول الخليج العربي، لذلك سارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى إصدار تصريح يرفض كلام نصرالله ويرفض تحميل اللبنانيين مسؤوليته، وقد باتت حكومة ميقاتي مرهقة بين التعطيل المحلي والتصعيد المتمادي بوجه الدول العربية.
فالسقف الحكومي ثابت على تعطيل مديد وفق ما تؤشر الاجواء الحكومية التي تنعى إمكان عقد جلسات مجلس الوزراء في المدى المنظور، وقالت مصادر حكومية لـ»الجمهورية»: «إذا بقي الحال على ما هو عليه من تعطيل للحكومة، فلا نقول سوى أعان الله لبنان لما ينتظره بفِعل المكايدات السياسية التي قدمت الحسابات السياسية على مصلحة البلد واللبنانيين».
وكشفت المصادر ان «كل محاولات اعادة احياء الحكومة قد باءت بالفشل»، مشيرة الى «ان الوضع يزداد صعوبة ما يفترض انعقاد الحكومة سريعاً لاتخاذ الخطوات الكفيلة بالحد من المصاعب التي تتورّم، ولمواكبة الحكومة للاستحقاق الذي بات قريبا جدا والمتمثل بانطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي خلال النصف الثاني من الشهر الجاري».