أشارت مصادر مطلعة على أجواء العلاقة بين الثنائي الشيعي من جهة والتيار الوطني الحر من جهة اخرى، إلى أن الكلمة التي ألقاها النائب جبران باسيل تأتي في سياق التوتر القائم بين فريق رئيس الجمهورية، وهو على رأس هذا الفريق، وحزب الله، والخلفية هي الاشتباك الدائم والمستمر بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، أي بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه برّي.
واعتبرت أن هذه الكلمة تأتي أيضًا في توقيت شديد الأهمية بالنسبة لباسيل، هناك انتخابات نيابية بعد خمسة أشهر، وهناك انتخابات رئاسية بعد عشرة أشهر. وفي الإستحقاقين يلعب باسيل ومن خلفه رئيس الجمهورية ورقة مصيرية مهمة بالنسبة لهما. أولا، في موضوع الانتخابات، هناك تراجع ملموس وجدي وحقيقي في شعبية التيار الوطني الحر وهناك تململ داخل صفوف التيار وهناك الكثير من الاستقالات، كما هناك توقعات واستطلاعات رأي تشير إلى أنّ التيار سوف يحرز نتيجة ضعيفة وهزيلة مقارنة بنتائج انتخابات 2018، بالاضافة إلى تراجع كبير بحسب بعض مراكز الإستطلاع الناشطة حالياً تقدرها بخسارة حوالي 50% من المقاعد، حتى في الدائرة التي يفترض أن يترشح فيها باسيل، أي دائرة البترون وهي الدائرة الثالثة في الشمال، هناك خطر على مقعد باسيل شخصياً نسبة إلى العزلة السياسية التي يعاني منها نتيجة اشتباكه مع معظم القوى السياسية في البلد ما عدا حزب الله.
وأضافت المصادر، هناك أيضا الاستحقاق الآخر المهم والأساسي الذي تنعكس عليه نتائج الانتخابات النيابية وهو الاستحقاق الرئاسي، هاجس رئيس الجمهورية وباسيل البقاء في بعبدا، إما عبر تسوية رئاسية توصل باسيل إلى رئاسة الجمهورية، وإذا استحال الأمر في الوقت الحاضر تسوية رئاسية يمدّد بموجبها ولاية الرئيس ميشال عون لعامين أو ثلاثة أعوام ليحضر المناخ والجو للمرحلة المقبلة، أي مرحلة خلافة صهره. وهذا أمر صعب المنال خاصة أن هناك معارضة شبه شاملة في البلاد، ليس لدى التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية أي حليف سوى حزب الله، والحزب لم يعد عنصراً أساسيًا لصنع رئيس الجمهورية في الطريقة التي حصلت عام 2016، فالمكون السني غائب وحتى لو عاد المكون السني الذي اشترك في التسوية، أي الرئيس سعد الحريري، لن يعود إلى تسوية توصل باسيل إلى بعبدا، كما أن القوات اللبنانية أصبحت في ضفة أخرى، وحتى القوى المنضوية تحت عباءة حزب الله مثل حركة أمل والطاشناق يمكن في هذا الاستحقاق أن لا يسيروا في ركاب حزب الله.
إذا هذا نداء استغاثة لحزب الله أكثر مما هو رفع للسقوف والتهديد بالخروج أو بإعادة النظر بورقة تفاهم مار مخايل، لكن بالمقابل، يعلم باسيل أن حزب الله ليس لديه أي حليف في البلد، وحليفه وغطاءه الوحيد من خارج البيئة الشيعية هو التيار الوطني الحر، ومن دون التيار وميشال عون ليس هناك من غطاء شبه وطني لسلاح حزب الله، لذلك سيتمهل الأخير في التعامل مع هذه الكلمة على قاعدة أنها نداء استغاثة يفهم منها قول باسيل لماذا تختار نبيه بري ولا تختارني أنا؟
وختمت المصادر نفسها بالقول إنّ “ن هذا هو فحوى رسالة باسيل، أمّا بقيّة الأمور المتعلّقة بصيغة الحكم والنظام والتطوير والتغيير وبتعديلات دستورية ومسألة الطائف، هذا كله كلام يطرح في مجال التغطية على لب الموضوع الذي هو بل محلي سلطوي بالدرجة أولى.