“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
تبدو الأمور بين المملكة العربية السعودية و”حزب الله”، ذاهبة نحو تصعيدٍ غير مسبوق في الفترة المُقبلة، حيث تشتدّ المناوشات والإتهامات السياسية بينهما على خلفيّة الوقائع التي يكشفها الميدان في اليمن، حيث تتّهم المملكة “الحزب”، بتدريب جماعة “الحوثي” ووقوفه وراء العمليات التي تستهدف الأراضي السعودية بطائرات مُسيّرة إيرانيّة الصنع.
أُقفل عام 2021 على هجومٍ سعودي شنّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز شخصيّاً، ضد “حزب الله” من خلال دعوته اللبنانيين إلى “إيقاف هيمنة الحزب على مفاصل الدولة”. وقد بدا لافتاً، أن الموقف السعودي الرفيع المستوى، قد جاء بعد ساعات على إعلان السلطة اللبنانية عن توقيف شحنة مُخدرات كانت متّجهة إلى الخليج وسط توجيه أصابع الإتهام الخليجية لـ “حزب الله”، بالوقوف وراء عملية التهريب هذه، والمعطوفة على اتهامات سابقة كانت وُجّهت إلى “الحزب” في سياق عمليات التهريب نفسها.
في كلّ يوم يقترب فيه لبنان من الموعد المُحدد للإنتخابات النيابية، يرتفع منسوب الهجمات المُتبادلة بين المملكة و”الحزب” حيث تجهد الأولى لمنع عودة النفوذ السياسي لفريق السلطة الحالي الذي يقوده “حزب الله”، المُتّهم الأبرز في تأزيم علاقة لبنان بالدول الخليجية وتحديداً السعوديّة التي طالها ما طالها من سهام سواء من “الحزب” أو من حلفائه، وآخرها تصريحات الوزير السابق جورج قرداحي، والتي كانت سبباً من مجموعة أسباب، أدّت إلى قطع العلاقات السياسية والديبلوماسية بين لبنان ودول الخليج. واليوم تُراهن المملكة وجيرانها، على عودة العلاقات إلى سابق عهدها، لكن شرط رفع يد “الحزب” عن الدولة، كما دعا الملك سلمان بن العزيز، وكما تُطالب أحزاب وشخصيّات لبنانية.
المواجهات السياسيّة هذه بين الطرفين لن تتوقف بطبيعة الحال، بل هي مُرشّحة للذهاب نحو محطّات أعمق مع اقتراب موعد الإنتخابات النيابية والتي سيُعبّر عن جزء كبير منها، الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله خلال إطلالته غدًا الأثنين، إذ وبحسب مصادر مُقربة من “الحزب” فإن نصرالله، سيُبادر إلى الردّ على الإتهامات السعودية من بوابة الإنتخابات النيابية المصيرية بالنسبة إلى “الحزب” وحلفائه وسط سعيٍ دؤوب منه، للحفاظ على الأكثرية النيابية، وسط حملةٍ سياسية مُضادّة تُقاد لبنانياً، بدعم أميركي ـ سعودي”، ودائماً بحسب المصادر نفسها.
بالنسبة إلى حلفاء السعودية في لبنان وخصوم “حزب الله،” فهم يعتبرون أنه “لا بدّ من حصول تغيير على الصعيد السياسي في لبنان من خلال الإنتخابات النيابية المُقبلة، إذ أنه من غير المسموح أو المقبول، إستمرار الوضع على ما هو عليه وسط هيمنة واضحة من “الحزب” وإذعان غير مسبوق من حلفائه. أمّا بما يتعلق بالوضع في اليمن وما يحصل في الميدان وسط تدخلٍ إيراني واضح، فنحن معنيين بكفّ يد “الحزب” عن كل ما يحصل من اليمن الى العراق فسوريا وصولاً إلى لبنان”.
وبحسب الحلفاء أنفسهم، “فإن العام الجديد وتحديداً الفترة التي ستسبق مرحلة الإنتخابات النيابية، هذا في حال لم تُعطّل بفعل فاعل، فإن لبنان على موعد مع التراجع في علاقاته الدولية وخصوصاً مع الدول الخليجية في حال أفضت نتائج الإنتخابات إلى إستمرار هيمنة حزب الله. لذلك لا بدّ من حصول تغيير في المنظومة السياسية الحاكمة، والذهاب إلى أكثرية جديدة تخدم المصالح الوطنية لا الخارجية، وتُساهم في تعزيز وتمتين علاقة لبنان بجيرانه العرب وخصوصاً المملكة العربية السعودية، ذات البصمات الخيّرة ليس على الصعيد السياسي فحسب، إنما على الصعيد الإقتصادي والإنساني والإجتماعي”.
وبالعودة إلى المصادر المقربة من “حزب الله”، فتعود لتؤكد بأن “حزب الله” قام منذ إستقالة الوزير قرداحي وحتّى اليوم، بما هو متوجّب عليه بحسب الإتفاقات غير المباشرة التي قادتها فرنسا منذ نحو شهر تقريباً، في وقت لم نر أي تقدّم سعودي ملموس نحو عودة العلاقات مع الدولة اللبنانية. من هنا، فإن الفترة المُقبلة قد تشهد حملات سياسية حامية، تقوم على تكثيف الجهود الأميركية ـ السعودية وحلفائهم في لبنان، من أجل قلب الموازين السياسية لصالحهم داخل مجلسي الوزراء والنواب”.