أرجع «الإصلاح» إقالة بن عديو إلى خلافات بينه وبين قائد «القوات المشتركة» السعودي مطلع الأزيمع (أ ف ب )
بعد 50 عاماً من تحالفها الاستراتيجي مع تيار «الإخوان المسلمين» سابقاً، وحزب «الإصلاح» حالياً، في اليمن، قرّرت السعودية التخلّي عن حليفها التاريخي الذي يمرّ بظرف حسّاس نتيجة تراجُع نفوذه السياسي والعسكري في مختلف محافظات البلاد. فبعد عامَين من قيام «الإصلاح» بتهيئة محافظة شبوة كمعقل بديل له من محافظة مأرب التي خسر أكثر من 12 مديريّة من مديريّاتها، وجد الحزب نفسه أمام متغيّرات مفاجئة وصادمة بالنسبة إليه تقف وراءها السعودية، أفقدته السيطرة على محافظة شبوة النفطية وأعادتها إلى أحضان الإمارات
ويمنح القرار الأخير، المحافظ الجديد، فرصة تغيير كافة قيادات «الإصلاح» الذين تمّ تعيينهم في مناصب مختلفة في المحافظة، واستبدال قيادات موالية للإمارات بهم، وإلغاء قرارات سابقة صدرت عن المحافظ السابق، روعيت مصلحة الحزب فيها. وكان العولقي، العائد من أبو ظبي قبل شهر إلى شبوة، والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» – جناح الخارج، أبدى رغبته، في تصريحات صحافية سابقة، في عزل قيادات محور شبوة العسكري، متّهماً «الإصلاح» بإقالة القيادات المؤهّلة واستبدال آخرين موالين له كانوا يعملون في مجال التعليم، بهم. كما استبعد تشغيل منشأة بلحاف الغازية واستئناف تصدير الغاز المسال، مطالباً مؤيّديه بعدم التسرّع في ما يتعلّق بالمنشأة. وبمقياس الربح والخسارة، فإن وقْع خسارة «الإصلاح» لمحافظة شبوة أكبر من خسارته محافظات أخرى، كون الأولى تأتي في ظلّ تراجع نفوذه العسكري في مأرب، وتقلّص دوره السياسي كلاعب أساسي في اليمن، فضلاً عن أن تسليم المحافظة لخصومه يهدّد مصالحه الاقتصادية فيها – والتي ظلّت تغذّي نشاطه طيلة أكثر من 20 عاماً، بعدما حصل عليها كمغنم من مشاركته في حرب صيف 1994 -، ويفتح الأبواب المغلقة أمام الإمارات للنيل من «الإخوان» في حضرموت التي تشهد اضطرابات شعبية تقف وراءها أبو ظبي، مشابهة لتلك التي شهدتها شبوة وانتهت بإطاحة بن عديو، ومطالِبة بانسحاب «الإصلاح» من الوادي والصحراء. وفي حال إجبار الحزب على الانسحاب من حضرموت، فإن نفوذه سينحصر في مديريّات محدودة غرب محافظة تعز.
ومنذ أسبوعين، حرّكت الإمارات القوات الموالية لها من الساحل الغربي ومن منطقة رأس عمران في مدينة عدن باتجاه محافظة أبين، وكانت تنتظر خطوة الإطاحة بمحافظ شبوة، واستلامَ المحافَظة بقرار جمهوري. والظاهر أن ميليشيّات «الإصلاح» وقعت في الخديعة، لدى سماحها لـ«العمالقة» بالمرور من منطقة شقرة صوب مدينة عتق، من دون اعتراض، بعدما تمّ إبلاغها بأن الهدف من هذه التعزيزات استعادة مديريّات بيحان. لكن مع وصول «العمالقة»، التي دخلت عتق أيضاً ميليشياتُ «النخبة الشبوانية» تحت غطائها، تمّ اقتحام معسكرات «الإصلاح» في المدينة ومحيطها، لتستعيد «النخبة» المكاسب التي فقدتها مطلع أيلول 2019، حينما اجتاح الحزب المحافظة، وسيطر عليها عسكرياً، وطرَد «النخبة» منها. ويوم الثلاثاء الفائت، اتجهت «العمالقة» صوب مديريات عزان وجردان وبلحاف ومناطق أخرى، وطالبت «الإصلاح» بإخلاء معسكراته فوراً، ومع رفض الحزب ذلك، أقدمت الميليشيات المدعومة إماراتياً على تطويق تلك المعسكرات. في الوقت نفسه، اقتحمت «العمالقة»، برفقة عشرات الضباط الإماراتيّين، مطار عتق المحلي، بعد أن رفضت «القوات الخاصة» التابعة لـ«الإصلاح»، إخلاء مقارّها وتسليمها. وبعد ساعات من دخول الإماراتيّين المطار، هزّ انفجار عنيف المبنى الذي يُقيمون فيه داخل المطار، ما أدّى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى. وبينما حاول أطراف موالون للتحالف السعودي – الإمارتي اتّهام قوات صنعاء بالوقوف وراء الانفجار، رجّحت مصادر أن يكون الحادث ناتجاً من عبوات ناسفة زُرعت بعناية قبل انسحاب «الإصلاح» من المطار.
حتى الآن، تمضي الإمارات بثبات نحو اجثتاث «الإصلاح» من شبوة؛ فالميليشيات الموالية لها بدأت باستعادة المؤسسات العامة للدولة في مدينة عتق وخارجها، وفرضت سيطرتها الكاملة على المحافظة. وتَكشف المؤشرات الأولية عن تعرّض الحزب لـ«مكيدة سعودية»، فيما تُعرب مصادر محلية عن اعتقادها بأن ذلك «ليس سوى بداية، قد تتطوّر إلى إنهاء نفوذ الإصلاح العسكري في حضرموت وشقرة في محافظة أبين»، لافتة إلى أن «مصالح الحزب في شبوة النفطية تبدو في خطر كبير، لاسيّما أن العمالقة شرعت، منذ وصولها المحافظة، في مهاجمة معسكرات الحزب، بهدف إخلائها والتمركز فيها»، وهو ما يُتوقّع أن يتطوّر ويتواصل خلال الأيام المقبلة، بما قد يشمل اقتحام السجون التابعة لـ«الإصلاح»، وإطلاق العشرات من المعتقلين من عناصر «الانتقالي» منها.